هل يذكر القراء السناتور جوزف ليبرمان؟ هو كان المرشح لمنصب نائب الرئيس عن الحزب الديموقراطي مع المرشح للرئاسة آل غور؟ اذا تذكره القارئ فهو سيذكر أيضاً انه كان اول مرشح يهودي لهذا المنصب. اذكر من حملة الانتخابات تلك ان السناتور ليبرمان حاول ان يقنع الناخبين من العرب الاميركيين، وعددهم كبير في ولايات عدة، ان يحكموا على أقواله وأفعاله، لا على أنه يهودي. وقام عرب اميركيون أكدوا ان السناتور ليبرمان صوت كل مرة ضد العرب والمسلمين، واستشهدوا بسجله في مجلس الشيوخ، إلا أنه أصر على عدله واعتداله. بما أن السناتور لم يعد مرشحاً نائباً للرئيس، فهو أزال قناعاً لم يخدع أحداً، ووجد في الحرب على أسامة بن لادن وقاعدته وطالبان فرصة، فدعا مع كل المتطرفين من أنصار اسرائيل الى ضرب العراق. وسمعناه يقول "طالما ان صدام حسين هناك فالعراق ليس مجرد شوكة في جنبنا، وإنما تهديد لحياتنا". هذا الموقف ليس غريباً على كلاب الحرب من جماعة اسرائيل، وبعضهم دعا الى ضرب العراق قبل أفغانستان، إلا أنه غريب من السناتور ليبرمان مستغرب مستهجن، لأن شهرة هذا السناتور الديموقراطي من كونتكت هي انه من الجناح الليبرالي في السياسة الاميركية ويعارض الحرب الى درجة انه هرب من حرب فيتنام للدراسة في جامعة يال، وأسس مجموعة من الحزب الديموقراطي تعارض الحرب في ولايته. بكلام آخر السناتور ليبرمان ليبرالي ضد الحرب إلا عندما تخدم مصالح اسرائيل، فهو يريد تدمير العراق، مع ان توسيع الحرب على الارهاب لتشمله سيثبت ان هذه الحرب ضد الاسلام والمسلمين، لا ضد الارهاب وحده. وبكلام آخر فالسناتور ليبرمان لا يهمه ان ينسف الأساس الذي بنت عليه الادارة التحالف الدولي العريض ضد الارهاب، إذا كان في ذلك خدمة لاسرائيل. مثل هذا الموقف متوقع من العصابة الصهيونية اياها، من أمثال نائب وزير الدفاع بول وولفوفيتز، ومستشار سياسة الدفاع ريتشارد بيرل، أو الكاتب الليكودي الميول وليام سافاير. لم أعد أقرأ ما يكتب سافاير، وانما اكتفي بالعناوين، وهي من نوع "خدعة بوش في الشرق الأوسط" و"الثمن المرتفع للتحالف" و"تابعوا القصة أو الخبر"، ولا بد أنها تدعو الى ضرب العراق، أو تحول الانظار عن جرائم اسرائيل. غير انني قرأت مقالاً أخيراً لبيرل في "يو إس إي توداي" عنوانه "لا تؤخروا الدفاع الصاروخي" ويقول فيه ان لا نزاع هناك من قال هذا؟ أنا أنازعه القول "ان ايرانوالعراقوكوريا الشمالية ستحصل في النهاية على صواريخ بعيدة المدى بما يكفي لتصيبنا وتصيب حلفاءنا، وعلى أسلحة دمار شامل نووية وكيماوية وجرثومية يمكن أن تحملها هذه الصواريخ". لا يهمني أمر كوريا الشمالية، ولكن أعرف ان العراقوايران لن تهددا يوماً أمن الولاياتالمتحدة، وبيرل يتحدث عن اسرائيل وأمنها، فهذا موضوع أهم عنده بكثير من الحرب على الارهاب، ومن تحقيق العدالة لضحايا جريمة 11 أيلول سبتمبر من الاميركيين الأبرياء. "الصقور" من انصار اسرائيل في الادارة الاميركية والصحافة وحولهما قد لا يكونون متطرفين بطبيعتهم، لكنهم يستعملون ذلك عذراً لتبرير سياسات متطرفة ضد العرب والمسلمين. وأمامي مقالات كتبها وليام كريستول وغودفري سبيرلنغ وآفي ديفيس في "واشنطن بوست" و"كريستيان ساينس مونيتور" و"لوس انجليس تايمز"، وهي من الوقاحة ان تدافع عن مجرم حرب من نوع آرييل شارون، أو من اللامسؤولية المهنية والوطنية أن تطالب بانزال بري في أفغانستان، رغم ان ذلك يعني سقوط ضحايا اميركيين. وهناك طبعاً غير اليهود، ومضى يوم كان جيم هوغلاند صحافياً خبيراً في الشرق الأوسط، معتدلاً موضوعياً، إلا أنه ترك المنطقة قبل ثلاثة عقود ونسي وأخذ يحرض على العراق ويحذر من خطر امتلاكه اسلحة دمار شامل، ويعمى عن ارهاب اسرائيل اليومي وترسانتها المؤكدة. ومثله جورج ويل الذي كان مهماً ومقروءاً يوماً فهو دعا الى ضرب سورية. غير انني أريد أن أختتم بامرأة تردد اسمها في الصحف أخيراً على اعتبار انها "خبيرة" في الشرق الأوسط هي لوري ميلروي التي ألّفت كتاباً بعنوان "دراسة في الانتقام: حرب صدام غير المكتملة ضد اميركا". باختصار ميلروي بنت خرافة سخيفة تزعم ان العراق وراء التفجير الأول في مركز التجارة العالمية سنة 1993. وبما ان المتهمين بالعملية اعتقلوا وحوكموا وحكم عليهم قبل أسابيع فقط، فإن ما تقول ميلروي هو انها تعرف ما لا تعرف الادارة الاميركية ووكالة الاستخبارات المركزية ومكتب التحقيق الفيديرالي، وألف محقق تناوبوا على التحقيق في الولاياتالمتحدة وحول العالم، والادعاء في المحاكمة والقضاء والمحلفون. الحكم في القضية نسف الكتاب من اساسه، ولكن، وجدت معجبين به كتبوا يمتدحون البحث والباحثة، وكانوا كلهم طبعاً من عصابة "الصقور" أو أنصار اسرائيل، وبينهم جيمس ووزلي، الرئيس السابق لوكالة الاستخبارات المركزية، وبيرل، وولفوفيتز، وجين كيركباتريك وأ. م. روزنتال، وهذا الأخير كاتب سابق في "نيويورك تايمز" لم تتحمله جريدة أصحابها يهود، وانتظر أن يلحق سافاير به. نقول "مين يشهد للبنت؟ أمها وخالتها وسبعة من حارتها". واسأل من يشهد لميلروي وأجد انهم أولاد حارتها الاسرائيلية من أعداء العرب والمسلمين.