بعد «جهاد العنف» الذي مارسه الإرهاب الإسلامي و «جهاد الاستراقي»، بمعنى السري، يمكن الآن اضافة «جهاد الحب» رغم تناقض الكلمتين، فالنوع الأخير من العدوان الإسلامي لا علاقة له بالحب بل بكره الكفار والنساء.ما سبق هو الفقرة الأولى في مقال حقير ككاتبه نشره موقع لليهود الأميركيين المتطرفين يركز على مهاجمة الإسلام والمسلمين. والمقال يزعم أن مسلمين في الهند يخدعون البنات بعروض زواج، وينتهين في أيدي متطرفين إسلاميين. أقول تعليقاً إن أي مقارنة بين الأديان لا يمكن أن تنتهي في مصلحة الدين اليهودي، فهو إذا قورن بالمسيحية والإسلام يظهر كدين عنف وجرائم حرب وابادة جنس وعقوبات وحشية ومومسات وتزوير وكذب. غير أن موضوعي اليوم ليس المقارنة بين الأديان، مع أنني في العالمين العربي والإسلامي أبدو وكأنني وحدي أتابع نشاط أعداء الإسلام فيما المسلمون يشغلون أنفسهم بحجاب ونقاب. هل يذكر القارئ اسم لوران مورافيتش؟ هو مؤلف كتاب «عقل جهاد»، أي الجهاد. وقد حمل الموقع نفسه في اليوم السابق للموضوع الذي بدأت به خبر وفاته، لا رحمه الله ولا غفر له. باختصار، كان رأيه أن الراديكالية الإسلامية لا يمكن أن تُفصل عن الإسلام نفسه وأن الغرب بالتالي يواجه خطراً هائلاً مع قدرة الجهاد على اجتذاب الأتباع. أرجح أن القراء لم يسمعوا بالكتاب، ولكن لا بد من أن بعضهم لا يزال يذكر كيف دعا مورافيتش سنة 2002، في جماعة استشارية تابعة لوزارة الدفاع الأميركية كان يرأسها، أن تغزو الولاياتالمتحدة آبار النفط السعودية وتحتلها وتستهدف المؤسسات المالية السعودية. ما كنت لأكتب عن هذا اليهودي الفرنسي الأميركي الليكودي لو أنه مات وحده، غير أن المحافظين الجدد في شهرين فقط خسروا اثنين آخرين من أكبر رموزهم، فقد توفي إرفنغ كريستول في 18 أيلول (سبتمبر) الماضي وتبعه وليام سافاير في 27 من الشهر نفسه. ولا أقول عن هؤلاء المتطرفين وأمثالهم سوى ما كانت تقول والدتي رحمها الله عندما كانت تسمع بموت عدو للعرب والمسلمين، من نوع مناحيم بيغن أو اسحق شامير، فقد كان تعليقها دائماً «الله يغمّق له»، أي أن يكون في قبر عميق. إرفنغ كريستول عرّاب المحافظين الجدد ومن أسفلهم، إلا اذا اعتبرنا ابنه وليام أسفل منه، وهو مثل الآخرين من عصابة الشر بدا ليبرالياً يسارياً (هو كان تروتسكياً) وانتهى داعية حرب وفي أقصى اليمين، من دون أن يكون هذا أو ذاك، فكل فرد في العصابة اسرائيلي الهوى، يقدم مصلحة اسرائيل على مصالح بلاده، ويريد أن يضحّي بشباب أميركا لحماية أمن اسرائيل المزعوم، لذلك يجد القارئ أن الموتى من العصابة والأحياء أيّدوا الحربين على أفغانستان والعراق، وطالبوا ولا يزالون بحرب أميركية على إيران على رغم استحالة أن تهدد ايرانالولاياتالمتحدة يوماً. إرفنغ كريستول ارتبط اسمه بمجلات أسسها أو رأس تحريرها من نوع «كومنتري» و «انكاونتر» و «بابلك انترست» (التي أغلقت في الربيع الماضي بعد 44 سنة من التطرف والكره) و «ناشونال انترست»، وكلها مطبوعات معادية للعرب والمسلمين تلبس تطرفها بقناع ثقافي أو فكري وقضيتها الوحيدة اسرائيل. ثم ساعد ابنه وليام على اصدار «ويكلي ستاندارد» الناطقة بلسان المحافظين الجدد. ويظل إرفنغ كريستول حقيراً حتى إذا ابتعدنا عن اسرائيل، فهو كان ضد الفقراء وكتب مهاجماً ثقافة الفقر، وكان وراء قانون «اصلاح» الرعاية الاجتماعية سنة 1996 الذي حرم الفقراء الأميركيين من أي مساعدة مالية حكومية لأكثر من خمس سنوات. لا أسرّ لموت أحد ولكن اعترف بأنني لم أحزن لموت هؤلاء المتطرفين، ووليام سافاير تبع كريستول، وكتبت الصحف عنه عشرات المقالات والأرجح المئات، وكان رأيي «الجنازة حامية والميت كلب». سافاير كان اسرائيلياً آخر انتصر لإسرائيل وهي ترتكب جرائم حرب وتقتل النساء والأطفال، وكان آرييل شارون صديقه الحميم ويزوده بالأخبار، ما يجعلني اعتبره شريكاً ومحرّضاً. وقد رفض دائماً أن تلتزم الولاياتالمتحدة سياسة «متوازنة» بين الفلسطينيين وإسرائيل لأنه «لا يمكن دولة أو مجموعة دولية أن تكون وسيطاً شريفاً بين ديموقراطية تتعرض لهجوم وتحالف إرهابي يهاجمها». مع ذلك قرأت له دائماً مقالاً عنوانه «عن اللغة» يتناول اللغة الانكليزية وكنت أجده مفيداً. أقول: اللهم لا شماتة ولكن نحمده أن أماته، وأزيد أن التحالف الإرهابي هو بين اسرائيل والمحافظين الجدد الأميركيين الذين باعوا بلدهم أو خانوه وهم يعملون لإسرائيل. أما «الديموقراطية» التي يتحدث عنها سافاير وغيره من أفراد العصابة، فقد أصبحت أكثر بلد مكروه في العالم ولو عاش هو وكريستول ومورافيتش لكانوا قرأوا تقرير ريتشارد غولدستون، وهو قاضٍ يهودي، عن جرائم الحرب الإسرائيلية، وربما إبادة الجنس. والتقرير الآن انتقل الى الأممالمتحدة حيث دانت الجمعية العامة، أي العالم، اسرائيل أكثر من أي دولة أخرى لأنها دولة جريمة بفضل المجرمين الموتى والأحياء من المحافظين الجدد، والله يمهل ولا يهمل.