الدفاع المدني يحذر من الاقتراب من تجمعات السيول وعبور الأودية    ارتفاع الصادرات السعودية غير البترولية 22.8 %    برعاية ولي العهد.. المملكة تستضيف مؤتمر الاستثمار العالمي    بركان دوكونو في إندونيسيا يقذف عمود رماد يصل إلى 3000 متر    تهديدات قانونية تلاحق نتنياهو.. ومحاكمة في قضية الرشوة    لبنان: اشتداد قصف الجنوب.. وتسارع العملية البرية في الخيام    الاتحاد يخطف صدارة «روشن»    دربي حائل يسرق الأضواء.. والفيصلي يقابل الصفا    انتفاضة جديدة في النصر    مذكرة تفاهم بين إمارة القصيم ومحمية تركي بن عبدالله    استعراض مسببات حوادث المدينة المنورة    «التراث» تفتتح الأسبوع السعودي الدولي للحِرف اليدوية بالرياض    المنتدى السعودي للإعلام يفتح باب التسجيل في جائزته السنوية    جامعة الملك عبدالعزيز تحقق المركز ال32 عالميًا    «الأرصاد» ل«عكاظ»: أمطار غزيرة إلى متوسطة على مناطق عدة    لندن تتصدر حوادث سرقات الهواتف المحمولة عالمياً    «العقاري»: إيداع 1.19 مليار ريال لمستفيدي «سكني» في نوفمبر    16.8 % ارتفاع صادرات السعودية غير النفطية في الربع الثالث    «التعليم»: السماح بنقل معلمي العقود المكانية داخل نطاق الإدارات    صفعة لتاريخ عمرو دياب.. معجب في مواجهة الهضبة «من يكسب» ؟    «الإحصاء» قرعت جرس الإنذار: 40 % ارتفاع معدلات السمنة.. و«طبيب أسرة» يحذر    5 فوائد رائعة لشاي الماتشا    مشاكل اللاعب السعودي!!    في الجولة الخامسة من دوري أبطال آسيا للنخبة.. الأهلي ضيفًا على العين.. والنصر على الغرافة    في الجولة 11 من دوري يلو.. ديربي ساخن في حائل.. والنجمة يواجه الحزم    نهاية الطفرة الصينية !    السجل العقاري: بدء تسجيل 227,778 قطعة في الشرقية    السودان.. في زمن النسيان    لبنان.. بين فيليب حبيب وهوكشتاين !    مصر: انهيار صخري ينهي حياة 5 بمحافظة الوادي الجديد    اقتراحات لمرور جدة حول حالات الازدحام الخانقة    أمير نجران: القيادة حريصة على الاهتمام بقطاع التعليم    أمر ملكي بتعيين 125 عضواً بمرتبة مُلازم بالنيابة العامة    «واتساب» يغير طريقة إظهار شريط التفاعلات    ترحيب عربي بقرار المحكمة الجنائية الصادر باعتقال نتنياهو    تحت رعاية سمو ولي العهد .. المملكة تستضيف مؤتمر الاستثمار العالمي.. تسخير التحول الرقمي والنمو المستدام بتوسيع فرص الاستثمار    محافظ جدة يطلع على خطط خدمة الاستثمار التعديني    أسبوع الحرف اليدوية    مايك تايسون، وشجاعة السعي وراء ما تؤمن بأنه صحيح    ال«ثريد» من جديد    الأهل والأقارب أولاً    اطلعوا على مراحل طباعة المصحف الشريف.. ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة يزورون المواقع التاريخية    أمير المنطقة الشرقية يرعى ملتقى "الممارسات الوقفية 2024"    الإنجاز الأهم وزهو التكريم    «كل البيعة خربانة»    انطلق بلا قيود    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين ونيابة عنه.. أمير الرياض يفتتح فعاليات المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة    مسؤولة سويدية تخاف من الموز    السلفية والسلفية المعاصرة    دمتم مترابطين مثل الجسد الواحد    الأمين العام لاتحاد اللجان الأولمبية يشيد بجهود لجنة الإعلام    شفاعة ⁧‫أمير الحدود الشمالية‬⁩ تُثمر عن عتق رقبة مواطن من القصاص    أمير الرياض يكلف الغملاس محافظا للمزاحمية    اكثر من مائة رياضيا يتنافسون في بطولة بادل بجازان    وزير الثقافة: القيادة تدعم تنمية القدرات البشرية بالمجالات كافة    محمية الأمير محمد بن سلمان تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش    "الحياة الفطرية" تطلق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    قرار التعليم رسم البسمة على محيا المعلمين والمعلمات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وزير الاقتصاد السوري محمد العمادي تحدث الى "الحياة" عن المشاكل والهموم والمستقبل : أدخلنا مفهوم "سرية البنوك" وندرس اقتراحات جادة لمنع تنظيف الاموال
نشر في الحياة يوم 28 - 11 - 2001

} لخص وزير الاقتصاد السوري الدكتور محمد العمادي الوضع الراهن للاقتصاد السوري وتحدث عن مشاكله وهمومه ومستقبله. وقال في حديث الى "الحياة" انه "حدث تغيير جذري اذ انتقلنا من الاعتماد على الدولة الى الاعتماد على الذات". واشار الى ان من اكبر المشاكل التي تواجه الاقتصاد السوري "التضخم" وعدم قدرة المصانع السورية على العمل 8 ساعات يومياً بسبب عدم استيعاب الانتاج. واشار الى ان الاطراف المختصة تدرس طلبات قدمتها مصارف اجنبية لفتح فروع في سورية بعدما "ادخلنا مفهوم سرية البنوك". وقال: "ندرس اقتراحات جادة لمنع تنظيف الاموال". وشدد على "اننا نفكر باقامة محكمة تجارية جديدة". وعلى ان الحملة على الفساد مستمرة من دون توقف "وهي جزء من استراتيجية الرئيس بشار الاسد" وقال: "لا يمكن نشر كل التفاصيل عن القضايا المكتشفة".
كان الدكتور محمد العمادي مسؤولاً عن الاقتصاد السوري فترة 21 عاماً بين كانون الأول ديسمبر 1972 حتى آب اغسطس 1979، وثانية من 1985 وحتى الآن. وترأس الصندوق العربي للانماء الاجتماعي والاقتصادي في الكويت بين 1979 و1985، حين استدعاه الرئيس حافظ الأسد الى دمشق، ليعهد اليه بوزارة الاقتصاد.
بدأ العمل مع الرئيس حافظ الأسد في أواخر 1960 عندما كان الأسد وزيراً للدفاع، وبقي معه حتى النهاية "واحداً من أكثر مساعديه اخلاصاً".
وفي ما يأتي نص المقابلة:
ما هي أهم القضايا التي يواجهها الاقتصاد السوري؟
- أبدأ بالقول انني اعتبر فترة ال30 عاماً من حكم الرئيس حافظ الأسد من الفترات المهمة جداً في تاريخ سورية. لقد حقق فيها لسورية الاستقرار والوحدة الوطنية. وفعل كل ما في وسعه لتعزيز الحياة الاقتصادية في البلاد: بنى السدود، والطرقات والمدارس والجامعات وأهل البنى التحتية في كل المجالات وترك وراءه أثراً كبيراً في حياتنا لا يمكن ان يُنسى.
الإشكالات التي نواجهها اليوم هي ذات الاشكالات التي تواجهها الدول النامية. عندنا مشكلة السكان: تؤكد مراكز الاحصاء ان معدل النمو السكاني في بلادنا انخفض من 3.4 في المئة أو حتى من 3.7 في المئة في الماضي الى 2.7 في المئة وحتى الى 2.4 في المئة اليوم. أنا لا أثق تماماً بهذه الأرقام وعندي تحفظات حولها، لكن ينبغي ان يكون معدل النمو الاقتصادي في بلادنا اكبر من معدل النمو الديموغرافي.
وعندنا ايضاً مشكلة الماء، لقد ترك القحط الذي عانت منه سورية في السنوات الأخيرة آثاراً هائلة على اقتصادنا. اننا نفعل كل ما في وسعنا للتقليل من حجم الأذى الذي ألحقه القحط والجفاف بنا.
وهناك اشكالية اخرى من نوع مختلف، ترتبط بالانتقال من جيل الى آخر، والتغيير في العقلية السائدة الذي يتطلبه هذا الانتقال. لقد علمونا في الستينات والسبعينات ان على الدولة ان تؤمن كل شيء للناس: العمل، التربية، الصحة. باختصار كل شيء. اما اليوم، فقد حدث تغيير جذري وانتقلنا من الاعتماد على الدولة الى الاعتماد على الذات، أو الى التعاون المتبادل بين الأفراد والدولة. ومن دون هذه العلاقة المتبادلة يتعذر علينا ان نحقق ما نصبو عليه.
هل النقاش الذي يدور حالياً في سورية حول السياسة الاقتصادية هو تطور صحي؟
- يملك شعبنا اليوم قدرة أوفر على التعبير عن مطالبه. لكن ليس كل ما يقال صحيحاً، وما يتداوله الناس في ما بينهم لا يشكل حلاً للإنماء. ان العمل - في مناخات التحدث الدائم عما يجب ان نفعله - يعقد الأمور بالنسبة لنا، ولكن أؤكد لك انه في الوقت الذي ينهمك فيه الناس بالنقاش والجدل، نحن نعمل، الحكومة تعمل. اننا نعرف بالضبط ما يتوجب علينا ان نفعله، ولولا هذه المعرفة لضللنا الطريق واستغرقتنا المتاهات.
الوزراء يعملون بصدق، والرئيس بشار الأسد يعمل بصدق. انه يعرف بالضباط ما ينبغي عمله، وهو يزودنا بتوجيهاته باستمرار، مما يسهل مهمتنا ويريحنا. انه يتفهم المواضيع المطروحة عليه، وهو ذكي ومقتدر. لقد رافقته الى فرنسا والمانيا والكويت، وأنا فخور بما سمعته منه، انني فعلاً فخور بالرسالة التي يريد اسماعها الى العالم الخارجي. انه جدي في عمله، ولكنه مريح ايضاً. وستكتشف انه كثير الليونة في نقل رسالته الى العالم.
التحديث
وما هي رسالة الرئيس بشار الأساسية؟
- إن رسالته الأساسية هي التحديث. انه يريد ان نعيش في "روح العصر". اننا نريد ان نكون جزءاً من هذا العالم، ومن دون التعاون مع العالم الخارجي، سنفشل في التطوير والحتديث. الرئيس يمد يديه ويفتحهما للتعاون مع العالم كله. لقد رحب المسؤولون الرسميون وممثلو القطاع الخاص بنا في كل البلدان التي زرناها. وهذا مشجع للغاية.
ان الدكتور بشار، بنظرته الى الحياة وحماسه وتصميمه على التحديث هو أملنا في المستقبل الذي نرنو اليه. لا بد من الاعتراف بأن الطريق أمامنا ليس سهلاً، ولكن الدكتور بشار مصمم على التقدم، ونحن، سواء كنا وزراء أو مواطنين عاديين، معه حتى النهاية.
استراتيجية مزدوجة
هل لديكم استراتيجية اقتصادية؟
- استراتيجيتنا مزدوجة: ان نعالج القضايا الملحة الراهنة أولاً، ونجري الاصلاحات الاساسية ثانياً.
القضية الملحة التي نواجهها هي التضخم في بعض مرافقنا الاقتصادية، ان معاملنا لا يمكن ان تعمل مدة ثماني ساعات يومياً لسبب بسيط: الطلب على انتاجنا داخلياً وخارجياً لا يستوعب الكميات التي ننتجها. ومن هنا كان همنا الأول هو زيادة الطلب على انتاجنا. ثم اننا رفعنا الرواتب والاجور في الداخل، واتخذنا بعض الاجراءات السريعة لمساعدة الفلاحين والتجار والصناعيين على الوفاء بديونهم المستحقة، وتبنينا استراتيجية واعدة لامتصاص البطالة من شأنها ان تضاعف الايرادات، وبالتالي ستضاعف الطلب على انتاجنا داخلياً.
ولكي نزيد الطلب الخارجي على انتاجنا، أبدينا استعدادنا للدخول في منظمة التجارة الحرة العربية التي ستزيل كل الرسوم الجمركية بين الدول العربية سنة 2005. وعقدنا اتفاقات ثنائية مع 14 بلداً عربياً، بينها المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة والكويت والبحرين والعراق والأردن وبلدان عربية أخرى، وتتضمن هذه العقود إعفاء الرسوم الجمركية مباشرة أمام بضائعنا وانتاجنا، وكان علينا، كما تعرف، ان نفتح اسواقنا للبضائع المنتجة في هذه البلدان، كما توجب علينا ان نغير مواصفات بضائعنا حتى تنسجم مع ذوق المشترين، بالإضافة الى قبول مبدأ المنافسة الحرة واسقاط الحماية القسرية.
وهذا إشكال حقيقي! السبب - كما تعرف بلا شك - ان قطاع الصناعة في بلادنا كان محمياً حماية كاملة من الدولة خلال 50 عاماً، ولهذا بقي منيعاً على التحديث وعلى المنافسة الحرة، ولم يستطع ان يتكيف معهما.
الكارثة الكبرى التي حلت بصناعتنا هي ان صادراتنا منذ عام 1970 كانت موجهة بشكل أساسي الى الاتحاد السوفياتي، خصوصاً في النصف الأول من الثمانينات لتغطية مشتريات الأسلحة.
أسواق العملة الصعبة
وحين كنت وزيراً للاقتصاد في أوائل الثمانينات اتخذت قراراً بوجوب ارغام القطاع الخاص بأن يصدر الى اسواق العملة الصعبة 20 في المئة من نسبة الانتاج المصدر الى الاتحاد السوفياتي، لكن هذا القرار ألغي بعدما ذهبت الى الكويت عام 1979، على انني اعدته بعدما تسلمت وزارة الاقتصاد مرة اخرى عام 1985، وكان الكل ضد هذا القرار، ولكن تبين للجميع بعد ذلك انني على صواب، حينما بدأت السياسة الجديدة تؤتي ثمارها، خصوصاً بعدما اقتنع القطاع الخاص بالتحديث وخفض الكلفة وانتاج السلع التي تتناسب مع الأسواق الخارجية، وهذه السنة وضعنا سياسة جديدة للتصدير، أهم ما فيها إلغاء كل الضرائب والرسوم الجمركية على التصدير.
اقتصاد السوق
ما هي استراتيجيتكم للمدى الطويل؟
- إن رغبتنا في خلق أسواق لانتاجنا وسلعنا لا تعني التخلي عن حاجتنا لبناء استراتيجية متكاملة وشاملة لاقتصادنا. والاستراتيجية التي وقع اختيارنا عليها هي اقتصاد السوق.
ويسيئ الناس فهمنا حينما نتحدث عن اقتصاد السوق، اذ يعتقدون ان اختيارنا وقع على الرأسمالية. كلا، ان ما نعنيه هو السماح لقوى العرض والطلب ان تلعب دورها في الاقتصاد، ولا يخطر لنا على بال ان الدولة ستتخلى عن واجباتها تجاه مواطنيها. دولتنا ستستمر في حماية مواطنينا، ولكننا لا نستطيع ولا يجوز لنا ان نتحكم بالاسعار بشكل اعتباطي ومسبق.
ولإنجاح تجربة اقتصاد السوق لا بد لنا من بناء مؤسسات السوق، وبدأنا هذه المهمة بالموافقة بادئ الأمر على السماح بالمصارف. أصدرنا قراراً بجواز افتتاح المصارف الخاصة، ونحن ندرس الآن طلبات عدة تقدمت بها مصارف أجنبية، بل ان بعض هذه المصارف بدأ فعلاً بممارسة أعماله في المناطق الحرة. وهناك تشريعات جديدة تعطي لمصرف سورية المركزي الحرية الكاملة في الإشراف على السياسة النقدية في البلاد. وذهبنا أبعد من هذا، اذ أدخلنا مفهوم "سرية البنوك" ونحن الآن بصدد درس اقتراحات جادة لمنع تنظيف الأموال، بعدما بدأنا إصلاح الأنظمة الداخلية للمصارف في بلادنا.
الرئيس بشار الأسد شخصياً مهتم الى درجة كبيرة بتأهيل الكوادر الجديدة للعمل في الصيرفة. سأعطيك مثالاً: أثناء زيارتنا للبحرين، تم الاتفاق على ان يبادر "معهد البحرين للنقد والصيرفة" - وهو معهد معروف ومشهود له بالكفاءة والجدارة - الى مساعدتنا على انشاء معهد مماثل في بلادنا. وأرسلوا لنا اساتذة وبرامج وأجهزة كومبيوتر، مما أتاح لنا افتتاح معهدنا الذي يعمل الآن بكامل طاقته في اطار مصرف سورية المركزي، بالإضافة الى ان 20 سورياً انهوا تأهيلهم في ادارة المصارف في البحرين، كما تم تأهيل أربعين سورياً في "بنك عودة" في لبنان بناء على طلب من الرئيس بشار الأسد. ثم اننا ارسلنا بعثات للتأهيل والتدريب المصرفي الى المانيا وفرنسا، وصندوق النقد الدولي في واشنطن وصندوق النقد العربي في أبوظبي، واستضفنا عدداً من الندوات المصرفية في دمشق.
وجرى تعديل جذري على كل الأنظمة الداخلية في مصارفنا. بعضها اخذ يستخدم تقنيات الكومبيوتر الجديدة، والبعض الآخر في طريقه الى ادخال هذه التقنيات الجديدة، اعذرني اذا اعترفت لك ان موظفينا في المصارف بقوا بعيدين عن عالم المصارف الحقيقي في العالم لفترة طويلة من الزمن، وقد يتعذر علينا ان نتجاوز كل العقبات والصعاب في غضون سنتين، ولكننا نعمل من دون توقف ولا كلل.
لقد تقدمنا الى مجلس الشعب بمشروع مرسوم لتأسيس سوق للاوراق المالية، وبدأنا نضع أنظمته الداخلية، بالتعاون مع صندوق النقد العربي. قد يتطلب انجاز هذا المشروع سنتين، ولكننا مصممون على انجازه.
وفيما يتعلق بالتجارة الخارجية، بدأنا بتحرير وارداتنا منذ عام 1985، وما زالت تتحرك ببطء، لكن بتصميم لإصدار ما يسمى "بالقائمة السلبية". أي اننا سنضع في قائمة واحدة كل المواد التي يحظر استيرادها، وكل ما عداها سيكون مباحاً للاستيراد، وهذا من شأنه ان يسهل الامور على المستوردين والمصدرين على حد سواء.
هل هناك نية لتوحيد أسعار الصرف؟
- لقد تطورت سياستنا في اسعار الصرف، وجرى تعديل اساسي على القانون 24. أصبح يحق للمواطنين، بموجب هذا التعديل اخراج ما مقداره 3 آلاف دولار، كما يحق لهم ان يدخلوا ما شاءوا من المبالغ بالقطع الاجنبي، ويمكنهم فتح حسابات مصرفية بالعملة الصعبة، واستخدام بطاقات الائتمان المصرفية حسب مشيئتهم. ان مصرف سورية التجاري يشتري العملات الاجنبية بالسعر ذاته المتداول في بيروت وشتورة والأردن والخليج، أي بسعر "البلدان المجاورة" تماماً. لكننا لم نبدأ بعد بيع العملات الاجنبية على نطاق واسع بالسعر ذاته. هذا سيتحقق قريباً. اذ يتوقف على قدرتنا على تلبية الطلبات. على أي حال يتوجب ان نكون حذرين بعض الشيء.
هل تشكل الديون الخارجية عبئاً على سورية والى أي حد؟
- لدينا نوعان من الديون: أولاً الديون المستحقة على المصرف التجاري السوري بلغت عام 1985 نحو 2.8 بليون دولار، واؤكد لك اننا ناضلنا بقسوة للتخلص من هذه الديون، ونجحنا في سدادها بالكامل منذ فترة طويلة، ان وضع المصرف التجاري السوري اليوم ممتاز، وهو من مصارفنا الرئيسية المعتمدة، ويمتلك ما يكفي من المدخرات والاحتياط والكل يطالب اليوم بالتعامل معه.
أما النوع الثاني من الديون فينقسم الى نوعين. ديون للدول الغربية وديون للدول الشرقية. وتم سداد كل الديون الغربية العائدة الى اسبانيا والدنمارك والسويد وبلجيكا وفرنسا والمانيا وايطاليا والنمسا، وما تبقى تمت جدولته. وعلى هذا لا توجد دولة غربية واحدة لديها ما تقوله لي حول ديونها. اما الديون المترتبة على البلدان الشرقية، أي روسيا وبلدان المعسكر السوفياتي سابقاً، فإننا ما زلنا نتفاوض مع اصحاب العلاقة من اجل التوصل الى تسوية مرضية، اننا لا ننكر هذه الديون، ولا نقلل من أهمية العلاقات مع هذه الدول: لقد بنى لنا الاتحاد السوفياتي وحلفاؤه الكثير من المشاريع ونحن فخورون بالصداقة العميقة التي تربطنا بروسيا بشكل خاص. انا أترأس اللجنة المشتركة للعلاقات السورية - الروسية ويحق لي ان اؤكد لك اننا نعمل كل ما في وسعنا للتوصل الى تسوية معقولة.
ما هي مشاريعكم لتشجيع الاستثمار؟
- لا بد من خلق "مناخ استثماري" لجذب الاستثمار، ونحن نولي هذا الموضوع أهمية خاصة، ليس لأننا نريد من العرب والاجانب ان يأتونا، ويستثمروا عندنا. كلا! بل لأننا نريد من السوريين بالدرجة الأولى ان يتوقفوا عن اخراج أموالهم من البلاد، اننا نريد لهم ان يحتفظوا بهذه الاموال داخل البلاد، اي اننا نريدهم ان يحولوا مدخراتهم الى استثمارات.
لقد اجرينا تعديلات مهمة على القانون رقم 10 الخاص بالاستثمار، ولكننا ما زلنا بحاجة الى ان نكمل مناطقنا الصناعية الحرة التي سيجد فيها المستثمرون ما كانوا ينتظرونه، ويطالبون به. وكان مجلس الشعب صدق أخيراً على الاتفاق الذي ابرمناه مع "الميغا" جمعية البنك الدولي لضمان الاستثمار المتعدد الأطراف.
محكمة تجارية
وسيوافق مجلس الوزراء قريباً جداً على توسيع التشريع التجاري الذي تقدمت به وزارتنا. وهذا التشريع الموسع سيجيز اقامة شركات قابضة وسيسهل اجراءات التحكيم، وسيوفر للمواطنين اشكالاً جديدة من العمليات المصرفية التجارية، كما اننا نفكر بإقامة محكمة تجارية جديدة تبت في الخلافات التجارية الاستثمارية. وكما ذكرت سابقاً، فقد وقعنا اتفاقات ثنائية مع عدد من البلدان، وسنوقع على اتفاقات مماثلة مع بعض البلدان الأوروبية.
هل انتهت الحملة ضد الفساد؟
- ان الحملة ضد الفساد هي جزء من استراتيجية الرئيس بشار الأسد المتكاملة، وهي مستمرة من دون توقف، الرئيس يؤمن بأهميتها وجدواها. لدينا ادارة خاصة بالتفتيش. وهي تميط اللثام كل عدة ايام عن قضايا جديدة في الفساد تتطلب المعالجة السريعة والحكم لها أو عليها. على انه ليست كل القضايا المكتشفة كبيرة وواسعة الانتشار، ثم انه لا يمكن نشر كل التفاصيل عنها، فمثل هذه القضايا تؤثر في حياة الكثير من الناس ومصائرهم، ولهذا يتوجب علينا ان نكون في غاية الحذر عند تحديد من هو المذنب ومن هو البريء. ولعل الحاجة الى العدالة هي في أهمية الاستمرار في الحملة ضد الفساد.
العلاقة مع العراق
ما هي أهمية علاقات سورية مع العراق ولبنان؟
- العراق سوق ضخمة، ولقد وقعنا اتفاقين جديدين معه، الأول يقتضي بإلغاء الرسوم الجمركية نهائياً على السلع التي لها منشأ سوري أو عراقي، والثاني يقضي بالقيام بمشاريع تنموية مشتركة.
لقد نجحت سورية في الاستفادة من برنامج "النفط للغذاء" تحت اشراف الامم المتحدة وقعنا عقوداً مهمة تراوح قيمتها بين 900 مليون دولار وبليوني دولار، وتشمل هذه العقود المواد الغذائية والمنسوجات والأدوية، وهذه تشكل أهم صادراتنا الى العراق، نحن سعداء بتحسين العلاقات الاقتصادية بين بلدينا بعد عشرين عاماً من القطيعة والتباعد، وسنستمر في تحسينها، نحن طبعاً لا نتحدث هنا في السياسة وانما في الاقتصاد والتجارة.
أما علاقاتنا مع لبنان فإنها تتجاوز بكثير العلاقات الاقتصادية والتجارية. كان الرئيس حافظ الأسد علمنا بأن للبنان أهمية خاصة لسورية، واذا كان لبنان يتمتع بصحة جيدة، فلا بد ان تتمتع سورية ايضاً بصحة جيدة، واذا سارت الامور في لبنان، فلا بد ان تسوء ايضاً في سورية. لبنان بلد عزيز على قلوبنا، اننا نعتبره دعامة اساسية في اقتصاد الشرق الأوسط بكامله.
أين انتهت المفاوضات الحالية مع الاتحاد الأوروبي؟
- اننا نتفاوض مع الاتحاد الأوروبي حالياً على اتفاق شراكة يتطابق مع اعلان برشلونة. وتدور المفاوضات حول خلق منطقة تبادل تجاري حرة بيننا. هنا لا تجري المنافسة بيننا وبين دول عربية اخرى، وانما ندخل في منافسة حرة مع أوروبا. هذا ليس بالأمر السهل. اننا نطالب الأوروبيين ان يمنحونا المزيد من الوقت لنكون اكثر استعداداً لقبول هذا التحدي، كما نطالبهم بمساعدتنا على اعادة بناء وتحديث صناعاتنا لنضمن بقاءها واستمرارها في عالم قاسي يقوم على المنافسة. هناك اجراءات احترازية لا بد من اتخاذها لضمان ميزان موضوعاتنا، ولكن ليس هناك من خيار آخر امامنا. اذ لا بد من قبول هذه الشراكة اذا كنا عازمين على ان نكون جزءاً من المجتمع الدولي. ان وزير التخطيط الذي يترأس المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي أكد لي انه اذا قبل الاتحاد ان يمنحنا المساعدة التي نحن في حاجة اليها، فإن اتفاق الشراكة سيكون جاهزاً للتوقيع في نهاية هذا العام، أو بدء العام الجديد.
هل توصلتم الى حسم النقاش حول القطاع العام والخاص؟
- لا شك في ان اصلاح القطاع العام أمر حيوي بالنسبة لنا. لقد اتخذت القيادة السياسية في بلادنا قرارات جديدة تجيز لنا ان نستفيد من الخبرات العربية والاجنبية لإصلاح قطاعنا العام. وكان أول عقد وقعناه مع نبيل كزبري الذي تسلم ادارة معمل الورق ومشتقاته في دير الزور. لقد أدخل نبيل شركات اجنبية في هذا المشروع بالإضافة الى شركته الخاصة شركة فانبيكس، ومقرها الرئيسي في فيينا.
وضع بعض المعامل في القطاع العام ممتاز، ولكنها مثقلة بالضرائب والديون، ونحن بحاجة الى ترتيب أوضاعها المالية. ان التشريعات الجديدة التي تصاغ حالياً ستمنح هذه المعامل الحرية في ادارة اعمالها، شريطة ان تحقق الربح، وأن تنافس القطاع الخاص، وان تنتج سلعاً تحتاج اليها الاسواق.
ولا يقل القطاع الخاص أهمية وحيوية عن القطاع العام. ان الصناعيين ورجال الاعمال السوريين يملكون الرأسمال اللازم والقدرة الفنية، ولكن يتوجب عليهم ان يغيروا عقليتهم. عليهم مثلاً ان يتخلوا عن فكرة إقامة مشاريع أو معامل تدار لمصلحة عائلة واحدة، وان يؤسسوا شركات لها حضور في سوق البورصة. وعليهم ايضاً ان ينتقلوا من ذهنية الفرد الواحد الى ذهنية المؤسسة، من التقوقع الفردي الى الانفتاح على العالم كله.
إذا نظرنا الى غرف التجارة في فرنسا والمانيا والنمسا أو أي بلد متطور آخر فستجد انها مؤسسات حقيقية. علينا اذن ان نطور مؤسسات القطاع العام والخاص لتتمكن من تلبية الاحتياجات المنتظرة منها. وكما قال الرئيس بشار الأسد: "ان بناء المؤسسات خطوة مهمة جداً في حياتنا".
انني متفائل بمستقبل الاقتصاد السوري. الحكومة تعمل ما ينبغي لها ان تعمله. وعلى القطاع الخاص ان ينهض لمواجهة التحدي. وما لم يتطور ويقبل التحديث، ويبني مؤسساته الخاصة به، فقد يكون من الصعب علينا ان نقوم بالمهمات الملقاة على عاتقنا، وعلى عاتقه ايضاً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.