طالبت 21 منظمة اميركية معنية بحقوق الانسان بكشف مصير المعتقلين منذ أحداث 11 أيلول سبتمبر الماضي، الذين تفيد تقارير أن عددهم ألف شخص، في حين لا يتعدي العشرة عدد من يشتبه في أن لهم علاقة بقضية هجمات نيويوركوواشنطن. ودعت وزارة العدل الاميركية الى كشف اسماء هؤلاء، وأوضاع اعتقالهم وأماكنه وتحديد المحامين والمحاكم التي تعاملت مع قضاياهم. وجاء النداء الذي شاركت في توجيهه منظمات بارزة، في ضوء تقارير عن اعتقالات "غامضة"، ورفض السلطات اعطاء أي معلومات عن المحتجزين أو الاتهامات الموجهة اليهم واساءة معاملة بعضهم. وطالبت المنظمات ب"كشف هوية أي شخص وظروف احتجازه أو اعتقاله، والاتهامات الموجهة اليه، ومكان الاحتجاز الاول والمكان الذي يوجد فيه الآن. وتواريخ الاعتقال وتوجيه الاتهام، وطبيعة أي اتهام جنائي او متعلق بالهجرة وجه اليه واسباب الاعتقال اذا كانت غير ذلك بما يشمل المحتجزين كشهود". ودعت المنظمات الى تحديد "المحامين الذين يمثلون هؤلاء، واسماء المحاكم التي اصدرت اوامر الاعتقال، والسلطة القانونية التي اعتمدت عليها السلطات في ابقاء احتجاز الافراد سراً". واستبعدت "ان يكون اي من هذه الطلبات مستثنى من الكشف بموجب قانون حرية المعلومات أو يمكن تصنيفه باعتباره يتعارض مع مصلحة الامن الوطني". وطالبت بتسريع تسليم هذه المعلومات من أجل "الحفاظ على حقوق المعتقلين وسلامتهم، خصوصا أن الموضوع يحظى باهتمام استثنائي واسع لدى الرأي العام والاعلام". وانتقدت السرية التي تحيط بهذه الاعتقالات، واكدت ان "السرية التي تعد سابقة في شأن اعتقال مئات من الافراد، فترة اسابيع حتى الآن، تثير تساؤلات وتتطلب اسراعاً في تنوير الرأي العام بالحقائق. إن الستار الذي اقامه الصمت الرسمي يمنع الشفافية الديموقراطية". ولاحظت "تزايد التقارير التي تثير قضية حرمان المعتقلين من حقوقهم القانونية، ومن ذلك الاعتقال من دون سبب والتدخل في الحق بمقابلة محامين، والتهديدات بالاذى الجسدي". "أصحاب العلاقة" وبين المنظمات الموقعة على الوثيقة الاتحاد الاميركي للحقوق المدنية، ورابطة محامي الهجرة الاميركيين، والمجلس الاسلامي الاميركي، ومنظمة العفو الدولية، والمعهد العربي - الاميركي، ولجنة مناهضة التمييز العربية - الاميركية، ومركز الحقوق الدستورية، ومجلس دراسات الامن القومي، ومجلس العلاقات الاميركية - الاسلامية، ورابطة العلماء الاميركيين، ومنظمة مراقبة حقوق الانسان هيومان رايتس ووتش. وتحدثت أكثر من منظمة انسانية وتقارير اعلامية في أميركا عن ان عدد الذين تحيط بهم شبهات في شأن علاقة بقضية هجمات 11 ايلول سبتمبر يقل عن عشرة أشخاص، يعرف منهم خمسة حتى الآن هم: زكريا موسوي، وهو فرنسي من أصول مغربية تؤكد السلطات انه كان ضمن فريق الخاطفين الذين نفذوا الهجمات، وتخلّف عن المشاركة لوجوده في السجن لدى تنفيذ العملية. واعتقل موسوي في آب أغسطس الماضي في قضية هجرة. وهناك أيضاً محمد جاويد أزمث وأيوب علي خان، وهما هنديان دخلا الولاياتالمتحدة بجوازي سفر مزورين واعتقلا في قطار في تكساس يوم الهجوم، وعثر في حوزتهما على خمسة آلاف دولار وصندوق يحوي مقصات. أما الرابع، نبيل المرابح فهو سائق سيارة أجرة في مدينة بوسطن، اعتقل لخرقه شروط اطلاق سراح مشروط. ويخضع المرابح للتحقيق في شأن علاقته بسائق سيارة أجرة آخر من بوسطن هو رائد الحجازي، الذي حوكم في الاردن بتهمة التآمر لتنفيذ تفجيرات عشية الألفية. أما الخامس، هاني حنجور فهو مدرب طيران يقال انه شارك في تدريب اربعة من خاطفي الطائرات. وتؤكد منظمات انسانية أن كثيرين من الموقوفين اعتقلوا بسبب أصولهم العرقية أو بسبب الاشتباه في قناعاتهم وتوجهاتهم السياسية، ولو كانوا يمارسون نشاطهم السياسي ضمن الأطر الدستورية. ومن المشكلات التي يواجهونها وتُعد انتهاكاً لحقوقهم الدستورية، رفض السلطات الإفصاح عن أماكن اعتقالهم ورفض السماح لهم بالاتصال بعائلاتهم، وبمحامين لتمثيلهم والدفاع عنهم. وقالت جين بترفيلد من جمعية محاميّ الهجرة الأميركيين: "نسعى الى الحصول على معلومات محددة عن عدد المعتقلين، وأماكن احتجازهم ولكن من دون جدوى". وهو ما عبّرت عنه ايضاً منظمة العفو الدولية في بيان أشار إلى أن أشد ما يثير القلق اضافة الى "المخالفات الدستورية" لأجهزة الأمن والشرطة، طريقة معاملة بعض الموقوفين كما تبيّن في عدد من الحالات. فهم يحتجزون في زنزانات انفرادية ويخضعون لتفتيش جسدي مرتين في اليوم، على رغم عدم السماح لهم بالاتصال أو باستقبال أحد، ويُمنعون من الاتصال بأقاربهم أو بمحامين أو بسفارات بلدانهم، وتُكبل أيديهم وارجلهم عندما يساقون الى التحقيق، وتُقدم لهم اغذية محرمة دينياً. ويفيد التقرير أن اثنين من المعتقلين في سجن "ميتروبوليتان كوريكشنال فاسيليتي" في نيويورك وضعا في زنزانة باردة لا تتوافر فيها تدفئة، ولم تقدم لهم بطانيات عل رغم عدم توجيه اي تهمة اليهما بعد. كما ان احد المعتقلين في سجن في مدينة دالاس، وهو سعودي الجنسية وُضع في زنزانة من دون سرير أو فراش، أو غطاء أو حتى كوب لشرب المياه لمدة أسبوع. وتشير تقارير أخرى الى وفاة معتقل باكستاني، احتجز بسبب انتهاء تأشيرة اقامته، ورفضت السلطات معالجته على رغم معاناته من مرض القلب، بعد اعتقاله شهراً. تقول الكاتبة الصحافية كيت راندل: "في إطار ما يُعد أوسع اعتقالات منذ الحبس الجماعي ليابانيين أثناء الحرب العالمية الثانية، أُعتقل اشخاص من الشرق الأوسط، إما بسبب مخالفات هجرة بسيطة واما بسبب مصادفة وجودهم في أماكن عاش فيها خاطفو الطائرات الاربع يوم 11 أيلول… إن غالبية المعتقلين لم تُوجه إليهم تهمة حتى الآن، على رغم حبسهم لأكثر من شهر، في أماكن غير معلنة". وتشير الى ان طرق الاعتقال تثير مشكلات ومخاوف في حد ذاتها، لكن الأمر الأكثر خطورة هو أن الأجواء المحيطة بالاعتقالات قد تقدم ذريعة يبحث عنها رجال القانون ومكتب التحقيقات الفيديرالي اف بي آي منذ زمن، للبدء باستخدام التعذيب أو ما يُعرف ب"حُقن الحقيقة" كوسيلة للحصول على معلومات من المعتقلين الذين يُشتبه في ارتباطهم بتنظيم "القاعدة". وتدرس السلطات إمكان تسليم عدد من المعتقلين الى بلدانهم، لاستخدام التعذيب وسيلة لانتزاع المعلومات. عميل في مكتب التحقيقات الفيديرالي، قريب من التحقيقات الجارية، قال لصحيفة "واشنطن بوست": "تُعرف عنا معاملتنا الإنسانية، لذلك نحن في مأزق... عادة يكون هناك بعض الحوافز التي يمكن تقديمها أو شيء يمكن تقديمه للمتعاونين معك في التحقيق، لكن الأمور قد تصل الى نقطة مسدودة حين يتعين ممارسة ضغط... نقطة لا خيار لنا فيها سوى الضغط، ويبدو أننا على وشك دخول هذه المرحلة". وتُعد الأدلة والاعترافات التي تجمع بطرق غير قانونية أو عبر إجراءات غير سليمة، مرفوضة لدى المحاكم الأميركية. وهذا واقع يسعى بعض الدوائر السياسية الأميركية تغييره واستبداله بأساليب جديدة في التحقيقات الجارية في اعتداءات 11 أيلول. ولعل ما كتبه كينيث ستار، المحقق المستقل في فضيحة مونيكا لوينسكي، والمعروف بصلاته الوثيقة بدوائر اليمين، خير مُعّبر عن التوجه الجديد: "المحكمة العليا تعتبر التحقيقات في العمليات الإرهابية شأناً منفصلاً عن القضايا الجنائية، وتدرك الخطر الحقيقي الذي يمثله الإرهاب وما يتطلبه التصدي له، من إفساح في المجال أمام الاعتبارات السياسية والأمنية للسلطات التنفيذية في مجالات الأمن القومي". وتشير تقارير إلى أن معظم المعتقلين محتجز في سجون فيديرالية في ولاية نيويورك.