هل انتهى الى الأبد زمن سينما النجوم وتألق النجوم في السينما؟ في مثل هذه الأيام، حيث اللمسات الأخيرة على المسلسلات التلفزيونية التي تعرض في شهر رمضان المبارك، يبرز الغبياب الجزئي لكبار النجوم عن الشاشة الكبيرة بسبب انشغالهم بالمسلسلات التي لم تعد تخلو منهم، وربما أصبحوا في بعض الأحيان من أسباب نجاحها الرئيسة. في مثل هذه الأيام قد يأتي السؤال نافراً وغير مبرر. لكن الواقع يقول لنا ان النجوم ليسوا غائبين عن الشاشة الكبيرة في هذه الايام فقط، بل ان غيابهم يطول ويتكرر شهراً بعد شهر وعاماً بعد عام. ولئن كان ممكناً القول ان هذا الغياب لجيل الكبار لا يعني انتهاء السينما نفسها، طالما ان هناك افلاماً تنتج وأن في هذه الأفلام ممثلين ربما يتحول بعضهم الى النجومية الحقيقية قريباً، فإن الواقع ايضاً، يقول لنا ان استشراء ازمة غياب النجوم، سيعني ان علينا، قريباً، أن نقول وداعاً للسينما المصرية. فهذه السينما كان نجاحها الكبير، ولا يزال حتى الآن تقريباً، صنواً لنجاح نجومها ذوي المواصفات المحددة، والتي غالباً ما تصنع الأفلام على قياس مواصفاتهم هذه. فهل يكون جيل يسرا وليلى علوي وشيريهان ونبيلة عبيد انثوياً ونور الشريف وحسين فهمي ومحمود ياسين وصولاً الى محمود حميدة من ناحية الذكور جيل الختام لمغامرة السينما المصرية؟ يقيناً ان هذا الكلام يحاول ألا يأخذ في حسبانه نوعية "النجوم" الجديدة، لسبب بسيط وهو ان اية دراسة علمية ميدانية للأمر ستقول لنا ان محمد هنيدي وعبدالغفور وعلاء ولي الدين والسقا، وحتى الفتيات الجميلات من أمثال حنان ترك ومنى زكي وصولاً الى الأخوات شيحا، لا يمثلون النجومية التي يمكنها أن تسند استمرارية السينما. بل ان الأفلام التي يمثلونها نفسها لا يمكن ان تشكل التراكم المطلوب لإعادة انتاج سينما النجوم... أي السينما بالمعنى الحصري للكلمة. واذا عدنا الى آخر النجوم الحقيقيين، وتوقفنا عند الأشهر بينهم: ليلى علوي ويسرا، نلاحظ، قلقين، كيف ان ليلى تتجه الآن الى التلفزيون لتلمع في "حديث الصباح والمساء" بعد غياب ثلاث سنوات عن الشاشة الصغيرة، وكيف ان يسرا، تتجه في الوقت نفسه الى المسرح، بعد غياب ثلاث سنوات، هي الأخرى، عنه. ومن المؤكد أن ليلى علوي في التلفزيون ويسرا على خشبة المسرح ليستا اختياراً فنياً، أو نزوة، حتى ولو امتلأت الصحف بتصريحات تعبر عن حب هاتين الفنانتين الكبيرتين للشاشة الصغيرة وللمسرح. الأمر يعكس أزمة حقيقية، وربما أزمة جوهرية تعلن موت النجم السينمائي. وتزداد حدة الأمر اذا تذكرنا هنا ان ليلى، غائبة حتى عن السينما منذ سنوات، وان آخر فيلم مثلته "رجل له ماض" من اخراج اسامة فوزي، الى جانب محمود حميدة، لا يزال منذ نحو عام طريح علبه لم ينجز ويبدو ان لا أحد يسأل عنه. وأيضاً اذا تذكرنا أن آخر ثلاثة أفلام مثلت فيها يسرا - اذا استثنينا "العاصفة" الذي كان نجاحه نجاحاً للفيلم ولموضوعه لا ليسرا، حتى وإن كانت قدمت فيه أحد أروع أدوارها - فإنها كانت أقرب الى الفشل، وعجزت عن أن تجذب الجمهور. اليوم من المؤكد أن نجاح ليلى علوي في "حديث الصباح والمساء" سيكون كبيراً، ومن المؤكد أيضاً ان فن يسرا وحضورها سيضمنان نجاح مسرحية "لما بابا ينام" التي ستمثل دورها الرئيس وتفتتح خلال الاسابيع المقبلة. في هذا الاطار واضح ان لا مجال للخوف على الفنانتين الكبيرتين. ولكن، ألا يمكننا ان نعتبر هذا النجاح المتوقع، وهذين الاختيارين في الأحوال كافة، اشارة الى أن ثمة أمراً ليس على ما يرام في مملكة السينما؟ في مملكة نجوم السينما التي هي هي السينما نفسها؟