اسلام اباد - رويترز - حققت الولاياتالمتحدة جزءاً من هدفها المعلن في "الحرب على الإرهاب" في أفغانستان. إذ سقطت العاصمة كابول في أيدي المعارضة الشمالية وانهارت قوات حركة "طالبان" على معظم الجبهات. لكن أسامة بن لادن وتنظيمه "القاعدة" يبقيان "شوكة" في خاصرة الولاياتالمتحدة التي حددت منذ اليوم الأول لبدء العمليات العسكرية أن هدفها هو القضاء على هذا التنظيم وإحالة قادته على القضاء. ويبدو ان الانتفاضة المعادية ل"طالبان" والتي تردد انها تحصل في معاقل الميليشيا المتشددة في جنوبافغانستان أمس الاربعاء، تُعزز بلا شك فرص الولاياتالمتحدة في القبض على بن لادن الذي يتصدر قائمة الاشخاص الذين تطاردهم. وقال أحمد رشيد الخبير في الشؤون الافغانية لوكالة "رويترز" من مدينة لاهور الباكستانية ان "فرص تعرضه بن لادن للخيانة واحتمالات بيعه او ما شابه كبيرة جداً". ورصدت الولاياتالمتحدة التي قادت تحالفاً للبحث عن زعيم "القاعدة"، مكافأة مقدارها خمسة ملايين دولار لمن يساعدها في اعتقاله وتقديمه الى القضاء. وقال رشيد: "هناك غليان هائل في انحاء جنوبافغانستان الآن. ... الناس ينقلبون على طالبان وهناك منشقون يمكن الحصول من خلالهم على كنز من المعلومات عن مخبأ بن لادن". ورشيد صحافي باكستاني غطّى احداث افغانستان لمدة عشرين عاماً واحتل كتابه عن "طالبان" قائمة أكثر الكتب مبيعاً في العالم لاسابيع عدة. وقال الرئيس جورج بوش ان الخناق يضيق على بن لادن وحلفائه. وأضاف: "نحقق تقدماً كبيراً في اهدافنا وهي احكام الخناق ثم تقديم القاعدة للعدالة وان نتعامل في الوقت نفسه مع الحكومة التي تؤويهم". أما وزير الخارجية البريطاني جاك سترو فقال بانه يعتقد ان بن لادن وكبار مساعديه من شبكة "القاعدة" موجودون في "منطقة طالبان الرئيسية حول قندهار" موطن زعيم الحركة ملا محمد عمر. ويقول محللون انه اذا عمت انتفاضة في جنوبافغانستان فان اعضاء "طالبان" الخائفين ربما سيسعون جاهدين الى انقاذ انفسهم والفوز بخمسة ملايين دولار بتقديم معلومات عن بن لادن تقود الى القبض عليه. ويقول زعماء معارضون وسكان محليون فارون الى باكستان من جنوبافغانستان ان السكان المحليين وغالبيتهم من البشتون مثل "طالبان" ينتفضون ضد الميليشيا الاصولية حتى في قندهار قاعدة سلطتهم. وانسحبت الحركة من العاصمة كابول الثلثاء في اتجاه الجنوب حيث تتمتع بتأييد اقوى. لكن التقارير تشير الى ان قبضتها بدأت تضعف ايضاً هناك. وقال الزعيم القبلي حامد قرضاي ل"رويترز" عبر هاتفه المتصل بالاقمار الاصطناعية من وسط افغانستان ان قندهار ما زالت في ايدي "طالبان" إلا ان القوات المناهضة لها استولت على المطار بمساعدة سكان محليين وفارين من الميليشيا. وقال مسافرون وصلوا من المنطقة الى بلدة تشمن الباكستانية الحدودية انهم شاهدوا بين اربعة الاف وخمسة الاف مقاتل يستولون على المطار الذي يقع على بعد 30 كيلومتراً تقريباً جنوب قندهار. وعلى رغم ان اقوى تأييد للحركة يأتي من البشتون الا ان جماعات بشتونية كثيرة تقف ضدهم في حين ضعف دعم جماعات أخرى ومن المحتمل ان يتبخر اذا ظهر ان الميليشيا تتعثر. كما يكره كثير من البشتون المقاتلين العرب والشيشان الذين يمثلون العمود الفقري ل"القاعدة". وقال رشيد ان انتفاضة في الجنوب ستتسبب في مشكلات هائلة لمقاتلي بن لادن الاجانب. وأضاف: "لا يمكن للعرب ان يصمدوا من دون دعم محلي ... انهم في حاجة الى دعم محلي من حيث الامدادات والطعام والمياه والارض واللغة. واذا تآكل هذا الدعم لن يتمكنوا من الصمود عندئذ". وتحاول اجهزة استخبارات اميركية وأخرى تابعة للحلفاء اقتفاء اثر بن لادن منذ سنوات. لكنها لم تحرز نجاحاً الى الان. ويقول حامد مير، رئيس تحرير صحيفة باكستانية، انه أُخذ من كابول الاسبوع الماضي ووضعت ضماضة على عينيه ونقل في سيارة جيب في رحلة استغرقت خمس ساعات لاجراء مقابلة مع بن لادن. ويقول خبراء ان من المؤكد ان صور مير جالساً الى جوار بن لادن الذي ارتدى عمامة بيضاء وسترة عسكرية، حقيقية. وقال مير: "أعلن اسامة انه سيقاتل حتى آخر قطرة من دمه". ونقل عنه "ان الاميركيين يستطيعون قتله لكنهم لن يأخذوه حياً". وقال الصحافي الباكستاني انه لا يعتقد ان قادة "طالبان" يمكن ان يسلّموا بن لادن للأميركيين. وقال ديبلوماسي رفيع من احدى الدول التي تساند الضربات الاميركية: "من المعتقد بانه في افغانستان. وبصراحة: عدا ذلك فإننا لا نعرف شيئاً. ولو كنا نعرف لكان ميتاً أو في الاسر".