لم يبق من منزل حسين الكسواني حتى اطلاله، فالجنود الاسرائيليون المدججون الذين أشرفوا على هدم البناء في ضاحية بيت حنينا في القدسالشرقية أول من امس قرروا لسبب ما طمر كتل الاسمنت وقضبان الحديد التي طوحت بها آلياتهم بالتراب. وفي دقائق معدودة استحال البناء ذو العامين الى جزء من الأرض الجرداء التي اكتظت برجال الشرطة والجنود ومركباتهم وآلياتهم الثقيلة ولم يستطيع الكسواني امامها إلا التأمل والتفكير بالجهد والوقت الضائعين وتبخر حلم بيت العمر الذي كلفه، كما قال، اكثر من 80 ألف دولار. أما الجيش الاسرائيلي الصغير الذي لم تتغير ملامح عناصره خلال مراحل تنفيذ المهمة، فإنه لم يضع وقتاً ولا جهداً اذ تحول الى ضاحية شعفاط المجاورة ودك اساسات أربعة منازل اخرى، يؤوي اثنان منها اكثر من عشرين شخصاً، وينتظر الاثنان الآخران ما تبقى من أعمال تشطيب. لكن أمر "البناء غير المرخص" الذي تذرعت به اسرائيل لهدم اكثر من سبعة آلاف منزل وتشريد نحو 40 ألف عربي منذ احتلال المدينة المقدسة عام 1967، ظل حتى الآن يسبق فرحة هؤلاء الفلسطينيين باقتناء منزل. ولم تسجل أي مواجهات بين السكان والجنود الاسرائيليين بل ان حركة السير عبر الشارع المقابل لأطلال مبنى الكسواني لم تتأثر ابداً واكتفى الجيران بإلقاء نظرة من بعيد على المشهد "المألوف". وتواصل ايضاً عمل آليات ثقيلة كانت تقوم بتوسيع الطريق السريع الذي يمر وسط مستوطنة "بسغات زئىف" اليهودية المجاورة. ومقابل هدم اكثر من سبعة آلاف منزل فلسطيني خلال ال34 عاماً الماضية، اقامت اسرائيل عشرات آلاف الوحدات السكنية في مستوطنات جديدة مثل "بسغات زئيف" التي تطل بأحيائها الفخمة ذات البنية التحتية المجهزة على احياء ظلت كما هي في شعفاط وبيت حنينا العربيتين. وتؤكد مصادر منظمات حقوق الانسان الفلسطينية والاسرائيلية على حد سواء ان السلطات الاسرائيلية "سرعت" في هدم مزيد من المنازل الفلسطينية في ضواحي القدسالمحتلة خلال العام الحالي لا سيما منذ اندلاع انتفاضة الأقصى في ايلول سبتمبر 2000. وتشىر هذه المصادر الى ان بلدية القدس الاسرائيلية هدمت اكثر من ثلاثين منزلاً عربياً في القدسالشرقية وضواحيها منذ بداية العام وان لديها قائمة بعشرات المواقع الاخرى.