كشف وزير الداخلية الباكستاني معين الدين حيدر في حديث الى "الحياة" امس ان الادلة التي قدمتها الولاياتالمتحدة ضد اسامة بن لادن، ظرفية، لذا لم تقتنع بها "طالبان". واكد وجوب عدم الاكتفاء بالتعاطي مع ظواهر الارهاب، بل معالجة اسبابه لازالة الكراهية من قلوب الناس. وحذر من استهداف الغرب المسلمين وحدهم في الحملة على الارهاب، مشيراً الى وجوب تحديد الاهداف التي سيتم ضربها في افغانستان لتفادي اصابات في صفوف الابرياء، داعياً قادة التحالف الغربي الى ان يقرنوا اقوالهم بالافعال عندما يؤكدون ان الحرب ليست بين حضارتين. ورأى حيدر الذي يشارك ايضاً في عضوية مجلس الامن القومي اعلى هيئة حاكمة في البلاد ان تقديم ادلة على تورط بن لادن في الارهاب امر يجعل التحرك العسكري ضده موضع قبول واحترام. وقال: "اذا كانت الادلة قاطعة فالناس ستقتنع بان ما حصل في اميركا ارهاب لا داعي له وان ارواح بريئة من كل الجنسيات والاديان ازهقت، ولا بد من عقاب على ذلك". وعن موقف "طالبان" من الادلة، قال: "عندما قدمنا العام الماضي ادلة الى طالبان في شأن علاقة بن لادن بتفجير سفارتي الولاياتالمتحدة في كينيا ونيروبي، لم توافق عليها واعتبرتها ظرفية جداً. ففي هذه الحالات تكون الادلة ظرفية لا ملموسة مئة في المئة، كحصول عمليات تحويل اموال الى اشخاص معينين او تردد آخرين الى اماكن معينة او تحركهم ضمن مجموعات". ورأى الوزير الباكستاني ان التعاطي مع مظاهر الارهاب غير كاف، بل لا بد من معالجته في اسبابه وجذوره. وقال: "اذا نظرنا الى خريطة العالم نرى مشكل في فلسطين وكشمير والشيشان وغيرها، على العالم ان يبذل وسعه لحل هذه المشاكل سياسياً وان يساعد الحكومات المعنية في اتخاذ قرارات قوية وصحيحة لايجاد حلول على مدى بعيد". واضاف ان "القضية ليست التخلص من شخص معين، بل ازالة الحقد من نفوس الناس وعقولهم. وهذه هي المعركة التي يجب الانتصار فيها للحد من الارهاب". واعرب عن اعتقاده بان "ما يحصل في افغانستان سببه انسحاب اميركا من المنطقة بشكل مفاجىء بعد تقهقر السوفيات من دون وضع خطة لاعادة البناء والتأهيل. ولو وضعت خطة من هذا النوع لما كان هناك تطرف في افغانستان وكان الناس سينهمكون في حياتهم وسيتخلون عن القساوة في اساليبهم والنابعة من اعتقادهم بانهم استخدموا وتركوا". ورأى حيدر ان التطرف لدى "طالبان" ناجم عن اختلاط التشدد الديني بالثقافة القبلية الافغانية، مشيراً الى ان بلاده احتفظت بعلاقاتها مع الحركة لقناعتها "بوجوب بقاء نافذة مفتوحة للديبلوماسية والحوار". واعرب عن اعتقاده بان الناس في كل مكان بما في ذلك الغرب ستعارض اسلوب القصف بلا رحمة للرد عسكرياً على الاعتداءات في اميركا، فالاهداف يجب ان تكون عسكرية ومحددة. وشدد على ان اي تحرك دولي ضد الارهاب يجب الا يتحول صراعاً بين حضارتين ودينين، والا فان "الحرب ستشمل العالم كله ولا تؤدي الى نتيجة". وقال "ان الرئيس جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير يقولان انها ليست صراعاً بين حضارتين، لكن القول لا يكفي وعليهم ان يبرهنوا على ذلك في تصرفاتهم، ليتحقق الناس من صدق نياتهما". الاجهزة الباكستانية وعما اذا كان هناك تعاطف مع "طالبان" داخل اجهزة الامن الباكستانية، قال حيدر: "قد تكون هناك آراء شخصية، لكنها لا تتضارب مع واجب اداء المهمة المطلوبة. وعندما تكون القضية مجرد تعاطف فهذا شيء اما ان تصبح دافعاً للتصرف لابفعل قناعات، فهذا شيء آخر. ونحن نعتقد بان اجهزتنا تتحلى بقدر كبير من الانضباط والمهنية". وعن رد الفعل المحتمل لدى الاسلاميين الباكستانيين على توجيه ضربات لافغانستان، قال: "نحن نسمح بتظاهرات في الشارع، على الا تتحول اعمال عنف، كما ان صحافتنا حرة وتبدي رأيها في كل الاتجاهات". وسألت "الحياة" الوزير الباكستاني عن طبيعة اجراءات اتخذت ضد العرب المقيمين في باكستان، فاجاب: "العرب جاؤوا الى المنطقة بتشجيع من التحالف الذي قادته اميركا ضد الغزو السوفياتي. كثيرون منهم لا يزالون يحملون افكار الجهاد وليس مرغوباً بهم في دولهم، واصبح وضعهم غريبا". وشدد على ان من تخلى من العرب عن فكرة حمل السلاح فلا شيء ضده، "اما من ينتهك قوانيننا او يعرض امننا للخطر فسنعتقله ونرحله الى بلده الاصلي".