تكثفت الاتصالات لتشكيل "حكومة انتقالية أفغانية في المنفى"، غداة ابداء وزير الخارجية الأميركي كولن باول موافقة بلاده على اشراك كل القوى فيها، بمن في ذلك "قادة معتدلون" في حركة "طالبان". واستعد وفد يمثل الملك الأفغاني السابق محمد ظاهر شاه برئاسة هدايت أمين ارسالا لمغادرة باكستان، عائداً إلى روما لاجراء مزيد من المشاورات مع الملك، فيما علمت "الحياة" أن وزير الخارجية في حكومة "طالبان" ملا وكيل أحمد متوكل غادر أيضاً إلى جهة غير معروفة. وظل التكتم يحيط بتحركات متوكل الذي شوهد في أحد فنادق راولبندي مساء أول من أمس. وقالت مصادر في إسلام اباد إنه توجه إلى إحدى الدول المشاركة في التحالف الدولي المناهض للإرهاب من أجل استكمال المشاورات، فيما أكدت مصادر أخرى قريبة من الحركة أنه عاد إلى كابول. وعلمت "الحياة" ان إسلام اباد عرضت على ممثلي الملك الأفغاني السابق صيغة لإشراكه في الحكومة المقبلة التي "لن يكون النفوذ فيها حكراً على أي جهة"، على أن يتولى قيادتها مجلس ترأسه شخصية محايدة من الأفغان المقيمين في المنفى. واستمهل الوفد محادثيه الباكستانيين للعودة إلى روما، واطلاع الملك السابق على المحادثات، على أن يعود وفد ارفع مستوى إلى باكستان في الأيام المقبلة. ويتوقع أن يتولى الاتصالات مع الباكستانيين في المرحلة المقبلة سيد أحمد جيلاني وعبدالستار سيرت القريبين إلى ظاهر شاه. ويبدو أن باكستان ترغب في استبعاد بعض القادة في "التحالف الشمالي" عن الحكومة المقبلة، في موازاة ابعاد الشخصيات القيادية الحالية في "طالبان"، ما يجعل التوصل إلى صيغة صعباً وربما يستغرق بعض الوقت. واتفقت القيادة الباكستانية والقوى المناهضة ل"طالبان"، وفي مقدمها الملك، على وجوب عدم انتظار الانتهاء من العمليات العسكرية في أفغانستان، والمضي في تشكيل الحكومة الانتقالية حتى لا ينشأ فراغ في السلطة في حال سقوط نظام "طالبان" بفعل الأمر الواقع، مع تشتيت قواته وقياداته، نتيجة الضربات العسكرية. وقال ارسالا قبل عودته إلى روما إن "من الواجب تشكيل الحكومة في أسرع وقت لتفادي فراغ سياسي في أفغانستان"، مشيراً إلى أن "حكومة موسعة تمثل كل الأعراق وحدها قادرة على توفير الأمن والاستقرار للشعب الأفغاني". ورحب ارسالا، وهو وزير للخارجية في عهد الملك، باشراك عناصر من "طالبان" في الحكومة "شرط أن تبدي هذه العناصر تأييدها لعملية السلام الجارية حالياً". ونفى ممثل الملك أن يكون اجتمع مع وكيل أحمد متوكل، لكنه اعترف بوجود اتصالات غير مباشرة مع جهات لم يحددها في الحركة. وقال إنه لا يستطيع تحديد من هي العناصر المعتدلة في "طالبان". وفي الوقت نفسه، استبعدت مصادر قريبة من "طالبان" أن يكون متوكل في صدد الانشقاق، مؤكدة أن تحركه يأتي في إطار العرض الذي قدمته الحركة لتسليم أسامة بن لادن إلى "دولة ثالثة محايدة". واستوضحت "الحياة" أحد القريبين إلى الحركة عن هذا الأمر، فقال إن الدول المحايدة هي باكستان، وان العرض كان يهدف إلى اقناع القيادة الباكستانية باتخاذ موقف أقرب إلى الحياد من أجل تمكينها من لعب دور أكبر في مسألة محاكمة بن لادن على أراضيها، في محكمة تتألف من قضاة تعرف "طالبان" أنهم ليسوا منحازين إلى الغرب. وأكد المصدر نفسه أن "طالبان" تراهن على أن محكمة من هذا النوع لن تقرر ادانة بن لادن لعدم وجود أدلة قاطعة على تورطه في الاعتداءات في واشنطن ونيويورك في 11 الشهر الماضي. وتعتقد الحركة بأن الأدلة التي قدمتها الولاياتالمتحدة لا تعدو كونها ظرفية مبنية على مواقف بن لادن وتصريحاته.