قالت مصادر إعلامية باكستانية أن الوجود الأميركي في القواعد الباكستانية الثلاث وصل إلى ألفين جندي أميركي للقيام بالعمليات البرية التي بدأت في أفغانستان. ورأى محللون عسكريون أن هذا الوجود العسكري الأميركي هو الأضخم من نوعه منذ إقامة العلاقات الوطيدة بين أميركا وباكستان بعد تأسيس الأخيرة في العام 1947. ويبدو أن إسلام آباد بدأت تأخذ في الاعتبار الحساسية الصينية إزاء التطورات الأخيرة في باكستان خصوصاً بعدما دعت بكين وموسكو أخيراً إلى حل سلمي للأزمة الأفغانية. وعلمت "الحياة" من مصادر باكستانية مطلعة أن صانعي القرار في الخارجية الباكستانية أجروا اتصالات مكثفة لمعرفة رد الفعل الصيني الحقيقي إزاء التعاون الباكستاني مع الولاياتالمتحدة. ويعتقد أن بكين، على رغم دعمها الشفهي للولايات المتحدة في حربها ضد الإرهاب، تخشى وجوداً أميركياً على حدودها، خصوصاً إذا ما طالت فترة بقائه. وتدرك باكستان أنها ستدفع ثمناً باهظاً في حال أزعجت الصين، كونها تساهم ببلايين الدولارات في الاقتصاد الباكستاني، فيما لم تحصل باكستان إلا على عشرات الملايين من الدولارات مقابل وقوفها إلى جانب الولاياتالمتحدة ضد أفغانستان في الوقت الذي يتحدث الخبراء الاقتصاديون عن خسارة تقدر بعشرة بلايين دولار للاقتصاد الباكستاني بسبب الموقف الذي اتخذته حكومة الجنرال برويز مشرف. وعلاوة على الخسارة المالية تدرك اسلام آباد أنها أزعجت بموقفها هذا شريحة واسعة من الشعب الأفغاني وخسرت كل حلفائها في أفغانستان ولم يبق لها سوى المعارضة التي تناصبها العداء. ويأتي فشل اسلام آباد في إقناع من يوصفون بالمعتدلين الأفغان في الدخول في حكومة موسعة تسعى باكستان والدول الأخرى إلى تشكيلها، كأولى نتائج السياسة التي اتبعتها حكومة مشرف. وتخشى باكستان أن يتم إقصاء "طالبان" التي تعد الحليف الوحيد لها. ولعل الخسارة الحقيقية، التي لم تظهر نتائجها بعد، تتمثل بحشد الشارع الباكستاني لمصلحة الجماعات الإسلامية الباكستانية التي بدأت تدعو إلى إسقاط حكومة مشرف، وهو ما يعزز حضورها في الشارع ويضعف قوة الأحزاب العلمانية.