تدرس موسكو احتمالات مراجعة موقفها من العمل العسكري المنتظر ضد افغانستان، في ضوء تقديرات عن مضاعفات سلبية كبيرة، فيما أكد أبرز الخبراء الروس ان واشنطن ارجأت تنفيذ المخططات العسكرية الى حين وضع استراتيجية كاملة، للرد على تفجيرات نيويوركوواشنطن. وعقد مسؤولو اجهزة الأمن والاستخبارات في رابطة الدول المستقلة اجتماعاً لتنسيق نشاطاتهم. واكد سيرغي روغوف مدير معهد دراسة الولاياتالمتحدة وكندا، والذي يعد من أبرز مستشاري الكرملين، ان واشنطن "لم تحدد تفاصيل العملية، بل لم تضع بعد استراتيجيتها". وأضاف ان النقاط على الحروف لن توضع "إلا بعد أسابيع وربما شهور"، خصوصاً ان الولاياتالمتحدة تواجه "مشكلات" في تشكيل ائتلاف دولي، وجوبهت برفض دول حليفة لها السماح باستخدام أراضيها لضرب افغانستان. ودعا روغوف موسكو الى التريث، وصوغ موقفها النهائي بعد تحديد الولاياتالمتحدة استراتيجيتها، وبعدما "تعترف بأن لروسيا مصالح مشروعة في العالم، وفي هذه المنطقة تحديداً". وتابع ان على موسكو "ان تطالب الحليف بالثمن، وإلا فإنه سيبتلع الطبق المجاني ولن يقدم حتى الشكر". وأشار الزعيم الشيوعي غينادي زيوغانوف الى ان "العملية الانتقامية" الاميركية لن تؤدي الى انهاء الارهاب، بل سيكون من نتائجها "العودة بالعالم 500 سنة الى الوراء، نحو زمن القرصنة". ودعا روسيا الى توخي الحذر الشديد، مؤكداً ان الاميركيين "سيهربون بعد اسبوعين" على بدء الغزو البري لافغانستان، و"في حال تورط روسيا ستبقى دائماً عند خط جلال اباد - قندهار". وشكا الجنرال محمود غارييف الذي كان كبير مستشاري الرئيس الافغاني السابق نجيب الله المتحالف مع الاتحاد السوفياتي آنذاك، من ان اميركا تريد "تنصيب حكومة في كابول تفرض من الخارج" من دون مراعاة مصالح الأطراف الاخرى. وشدد على ان اعطاء دور مركزي للملك السابق محمد ظاهر شاه ينبغي ان يسبقه اتفاق مع حكومة برهان الدين رباني، التي وصفها بأنها "متوازنة وبراغماتية". معروف ان موسكو تساند هذه الحكومة وقوات "تحالف الشمال" التي تحاول التقدم في عمق افغانستان. واكد وزير الدفاع الروسي سيرغي ايفانوف مجدداً ان "التحالف" بدأ يحصل على اسلحة روسية، مشيراً الى ان القادة العسكريين للقوات المناوئة ل"طالبان" طالبوا بمعدات "سوفياتية" كانوا اعتادوا على التعامل معها اثناء الحرب ضد الاتحاد السوفياتي. لكن صحيفة "موسكوفسكي كمسمولتس" نقلت عن خبراء عسكريين ان الشماليين طلبوا غطاء جوياً، وأفادت ان بإمكان روسيا، اذا قررت تلبية هذا الطلب، ان ترسل طائرات تحمل اشارات دولة اخرى وتنطلق من قواعد في طاجكستان أو اوزبكستان. وذكرت مصادر اعلامية في اوزبكستان ان طائرات اميركية هبطت في مطار "توزيل" العسكري قرب العاصمة طشقند، فيما رفضت السلطات الرسمية نفي النبأ أو تأكيده، لكنها شددت على انها وافقت مبدئياً على منح الولاياتالمتحدة ممراً جوياً. وفي العاصمة الطاجيكية دوشانبه، عقد مسؤولو اجهزة الأمن والاستخبارات في رابطة الدول المستقلة اجتماعاً بحثوا خلاله في "التنسيق في مكافحة الارهاب"، والتعاون مع اجهزة الاستخبارات في دول بينها اميركا.