صرح نائب الرئيس الأميركي، جو بايدن، في صحيفة «وول ستريت» الاميركية ان ضعف الاقتصاد الروسي سيحمل موسكو على تقديم تنازلات للغرب، أبرزها التخلي عن محاولات الهيمنة على الدول السوفياتية السابقة، والموافقة على تقليص قدراتها النووية. وبحسب بايدن، لا تعدو روسيا أن تكون شريك الولاياتالمتحدة الصغير، إثر خسارتها دورها الاستراتيجي السابق. وحاول مساعد الرئيس الروسي في السياسة الخارجية، سيرغي بريخودكو، التفريق بين أوباما «الجيد» وبايدن «السيء» وتصريحاته المناقضة للمفاوضات الهادئة في قمة موسكو. والحق أن رأي ادارة أوباما في العلاقات الأميركية – الروسية ومستقبلها، واحد. و السلطات الروسية مدعوة بالأحرى الى التخلي عن أوهامها، والى ادراك أن واشنطن لن تتراجع عن دعم أوكرانيا وجورجيا، ولن تقبل هيمنة روسيا عليهما. وقصد تصريحات بايدن حمل موسكو الى ادراك أن واشنطن غير راضية عن نتائج زيارة أوباما روسيا. فموسكو تتمسك بنظرتها السابقة الى السياسة الخارجية، ولم تخطُ خطوة واحدة لملاقاة مساعي الولاياتالمتحدة في منتصف الطريق. وهي تحاول تقويض النفوذ الاميركي في رابطة الدول المستقلة، ورعاية أنظمة مستبدة موالية لموسكو. وثمة انطباع بأن موسكو تنتظر من واشنطن الاستسلام الكامل، من دون قيد أو شرط، على رغم أن الولاياتالمتحدة لم تخسر الحرب مع روسيا. ويبعث على الأسف أن تصريحات بايدن عادلة ومنصفة. فروسيا تواجه عدداً من المشكلات العويصة في المجالات الديموغرافية والاقتصادية والعسكرية، وفي قطاع البنى التحتية. ولم تذلل موسكو المشكلات هذه، التي تقوِّض مكانة روسيا الدولية، في أعوام الطفرة النفطية، وأنفقت عائدات النفط على الاستهلاك. ولذا، لا تحمل الولاياتالمتحدةروسيا على محمل المنافس الاستراتيجي. ومكانة موسكو السياسية الدولية تقهقرت. وهي تعاني مشكلات مع أقرب حلفائها الأوفياء، روسياالبيضاء. وعلى موسكو التفكير في ما قاله بايدن. فالولاياتالمتحدة تقوِّم مكانة روسيا تقويماً واقعياً، ولن تقدم تنازلات لها. وإذا لم يقدم الكرملين حلولاً وسطية، حملت واشنطن علاقاتها بروسيا على أنها علاقة ثانوية، وهمّشت دور موسكو في السياسة الدولية. وأغلب الظن أن وراء أسلوب تعامل أميركا « الخشن» مع روسيا، توق موسكو الى استعادة نفوذها في رابطة الدول المستقلة. ويرى فلاديمير بوتين، الرئيس الروسي السابق ورئيس الوزراء الحالي، أن تضاؤل نفوذ روسيا في رابطة الدول المستقلة وميل أوكرانيا وجورجيا الى الغرب، يدينان رئاسته بالفشل. وعلى هذا، لجأ الى وسائل عسكرية في حرب آب (أغسطس) 2008 على جورجيا، وكان وراء النزاع مع أوكرانيا على الغاز، في كانون الثاني (يناير) 2009. ويبدو أن صلة موسكو بالواقع ضعيفة. فهي تحاول التفريق بين موقف أوباما وموقف بايدن، والايحاء بأن ثمة انقساماً في الادارة الاميركية. ولا يبعث الإخفاق في توطيد العلاقات الروسية – الأميركية على أسس متينة، على التفاؤل. والطرفان اتفقا على نقل القوات والمعدات العسكرية الأميركية عبر الأراضي الروسية، براً وجواً، الى أفغانستان. وإذا لم يفلح الطرفان في الاتفاق على تقليص حجم الأسلحة الاستراتيجية الهجومية «ستارت – 2 تردت علاقاتهما الثنائية. ولا ينتظر أن تتحسن علاقات روسيا بالغرب. ففي الكرملين تيار معاد للولايات المتحدة، على رأسه بريخودكو ويوري أوشاكوف، ذراع بوتين اليمنى في ادارة ملف علاقات روسيا الدولية. * رئيس معهد سياسة الطاقة، عن «غازيتارو» الروسية، 27/7/2009، إعداد علي ماجد