التجاوب مع الاضراب العام الذي دعت اليه الاحزاب الاصولية الباكستانية، اقتصر في العاصمة اسلام اباد ومدينة راولبندي القريبة امس على اغلاق لبضعة ساعات صباحاً عادت بعدها الحركة الى طبيعتها. وفي المقابل، التزمته المدن الرئيسية في ولاية السند، خصوصاً كراتشي حيث اغلقت المؤسسات والمحلات ابوابها وتراجعت الحركة في شوارع المدينة التي شهد بعضها صدامات واحراق اطارات. وكان شرطيان قتلا برصاص مجهولين مساء اول من امس في المدينة. وجاء الاضراب احتجاجاً على الضربات لافغانستان في مناسبة زيارة وزير الخارجية الاميركي كولن باول لاسلام اباد، ودعت اليه الاحزاب الاصولية الرئيسية مثل "الجماعة الاسلامية" و"جمعية علماء الاسلام" بجناحيها و"جمعية اهل الحديث" و"جيش الصحابة" و"التنظيم الاسلامي" و"جمعية علماء باكستان". ومانت هذه الاحزاب اعتبرت في بيان ان زيارة باول تهدف الى "اهانة الباكستانيين". وايدت التحرك ايضا "الرابطة الاسلامية" التي يتزعمها رئيس الوزراء السابق نواز شريف، فيما عارضه حزب الشعب بزعامة رئسة الوزراء السابقة بينظير بوتو التي تدعم الرئيس برويز مشرف في قراره التعاون مع الولاياتالمتحدة في مكافحة الارهاب. وافاقت اسلام اباد وراولبندي على اغلاق استمر حتى الثانية عشرة ظهراً وتفاوتت نسبة التزامه من منطقة الى اخرى. وفي جولة ميدانية قامت بها في اسواق العاصمة، لاحظت "الحياة" ان بعض التجار سارعوا الى فتح ابواب محلاتهم قبل الموعد الذي حددته جمعيات التجار في المدينة. وقال نصير احمد، وهو صاحب محل للملابس الجاهزة: "لو طلب منا لكنا اضربنا طيلة اليوم"، معتبراً ان "الاضراب عن العمل ليس جيداً بحد ذاته لكنه وسيلة من جانبنا للاحتجاج على الارهاب الممارس ضد الشعب الافغاني". وفي سوق ابارا الشعبي وسط المدينة، رفض بائع مكسرات رفضاً قاطعاً اعطاء رأيه، وبدا غير مطمئن الى الحديث مع صحافي، اما جاره وهو بائع مواد غذائية، يدعى واحد نواز، فسارع الى حمل مكنسة مؤكداً انه فتح المحل فقط لتنظيفه! وقال: "هذا الاضراب يأتي دعماً للشعب الافغاني والكشميري والمطالبة بوقف الحرب المفروضة عليهما". وهل مارست الحكومة اي ضغوط لثني التجار عن الاضراب؟ اجاب مالك وهو صاحب محل للشنط في سوق مجاورة: "احد لا يستطيع منعنا من التعبير عن تضامننا مع اخواننا في افغانستان، والسلطات لا تستطيع ان تحد من تحركنا خصوصاً اذا كان سلمياً". اما سفير الذي يعمل في محل لبيع اجهزة كهربائية، فقال انه لا يعرف لماذا الاضراب، وانصرف الى عمله لدى الالحاح عليه بالسؤال، في حين ان مصوراً في محل مجاور يدعى بلال اكد بكل حماسة انه اغلق صباحاً، لكنه قال انه لا يعرف سبب الاضراب وبدا انه لا يرغب في الخوض في هذا الموضوع. سائق اجرة متحمس ل"طالبان" برر الحركة الطبيعية في شوارع المدينة قائلاً ان لاسلام اباد وضع مختلف، فالالتزام هنا ليس قوياً، لكن المدن الاخرى شهدت اغلاقاً وتظاهرات عنيفة". السند وكان التزام الاضراب قوياً في كراتشي، عاصمة السند، حيث اغلقت المحلات والمؤسسات ابوابها. وسارت تظاهرات متفرقة في شوارع المدينة واحرقت اطارات. واضرم مشاغبون النار في صهريج وقود سارع رجال الاطفاء الى اخمادها. وبدا رجال الشرطة غير مستعدين للمجازفة في السماح بتجمعات فراحوا ينهرون مجموعات من الشبان ويطاردونهم. لكن متظاهرين غاضبين في ضاحية نيو كراتشي اشتبكوا مع الشرطة، مما اسفر عن اصابة اربعة منهم بجروح طفيفة. وشهدت حيدر اباد ومدن اخرى في السند تجاوباً مع الدعوة الى الاضراب لكن النهار مر بسلام من دون اضطرابات كان البعض يتخوفون من وقوعها. وبذا اجتازت حكومة مشرف امتحاناً آخر في الشارع، غداة يوم من الاضطرابات في جاكوب اباد ترافقت مع تظاهرات في العاصمة ومدن اخرى.