حافظت العواصم المغاربية على اتصالات يومية بالعواصم الأوروبية الرئيسية "للتشاور والتنسيق" في شأن تفاعلات الحرب في افغانستان. وأفادت مصادر مطلعة ان الاتصالات ركزت على اتجاهين، عكس الأول قلقاً من التطورات على الجبهة العسكرية وتداعياتها في الشارع الاسلامي، من اندونيسيا الى نيجيريا، فيما عبر المغاربيون عن قلقهم على أوضاع المهاجرين العرب في المدن الأوروبية، وخشيتهم من تزايد الحملات العنصرية التي تهدد أمنهم وسلامتهم. ولوحظ تردد مسؤولين أوروبيين بكثافة على عواصم المنطقة خلال الأسابيع الماضية، وكان في مقدمهم رئيس الوزراء الاسباني خوزيه ماري أثنار ووزيرا الخارجية الفرنسي هوبير فيدرين والايطالي ريناتو روجيرو، ووزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط بن برادشو ومساعد وزير الخارجية الهولندي بيك بيشوب. ويزور وزير التعاون الفرنسي شارل جوسلان ليبيا أواخر الشهر، في اطار توسيع "التشاور" والتي مدحت الولاياتالمتحدةوالعواصم الأوروبية موقف طرابلس من تفجيرات نيويوركوواشنطن. غياب أميركي واللافت ان أي مسؤول أميركي لم يزر المنطقة المغاربية في الأسابيع الماضية، وباستثناء الاتصال الهاتفي الذي أجراه الرئيس جورج بوش بالملك محمد السادس، قبل أيام، واتصالات لوزير الخارجية كولن باول بنظرائه المغاربيين بعد تفجيرات 11 أيلول سبتمبر، لم تسجل محادثات مباشرة بين مسؤولين أميركيين ومغاربيين منذ مطلع الصيف الماضي. ورأى مراقبون ان تفاعلات الأزمة الأفغانية كرست "بعد الولاياتالمتحدة عن المنطقة ليس فقط جغرافياً وانما سياسياً واستراتيجياً، وأثبتت أن واشنطن تعتبر شمال افريقيا من حصة أوروبا". وأفادت مصادر غربية أن المحادثات التي أجراها أخيراً مسؤولون أوروبيون في العواصم المغاربية، أسفرت عن اتفاق على نقاط أساسية، في مقدمها أن سير الحرب في افغانستان لا يتأثر باراء حلفاء الولايات التمحدة، أوروبيين وعرباً. وتابعت المصادر ان الاتصالات الأوروبية - المغاربية عكست الحرص على ألا تؤدي الحرب الى "نتائج مدمرة" على صعيد إثارة صراعات عرقية أو دينية بين الشمال والجنوب، أو داخل البلدان الأوروبية. وتعتزم البلدان الأوروبية والعربية الاعضاء في "المنتدى المتوسطي" تخصيص بند في الاجتماع الذي يعقده وزراء خارجيتها في المغرب أواخر الشهر، لإخماد النزاعات الدينية وإبعاد شبح "صراع الحضارات"، الذي يعتبر الجانبان انه "نظرية أتت من أميركا ولا مكان لها على ضفتي المتوسط". قمة متوسطية؟ وفي هذا السياق، أكدت مصادر ديبلوماسية غربية أن الملك محمد السادس اقترح على وزيري الخارجية الاسباني جوزيب بيكه والبرتغالي خايمي غاما، اللذين زارا المغرب أخيراً عقد قمة متوسطية أواخر الشهر المقبل، تضم اعضاء "المنتدى المتوسطي"، لدرس موضوعي الارهاب والأمن في المنطقة. ويضم المنتدى اسبانيا والبرتغال وفرنسا وايطاليا وتركيا ومالطا وقبرص، ومصر وتونس والجزائر والمغرب. وربما تدعى ليبيا الى المشاركة في القمة، على رغم كونها ليست عضواً في المنتدى. وأكدت مصادر مغاربية ان تونس والجزائر حضتا عواصم أوروبية، في مقدمها لندن وبرلين، على "اجراءات حازمة" لمراقبة الجماعات الأصولية المغاربية على أراضيها وتقييد حركتها. لكن المسؤولين المغاربيين عبروا أمام الوزراء الأوروبيين الذين زاروهم عن قلقهم من الاعتداءات التي استهدفت الجاليات المغاربية في اسبانيا وفرنسا وايطاليا والمانيا وبريطانيا، وحضوا على ايجاد مناخ من التسامح والحوار، على غرار "ملتقى الحوار الاسلامي - المسيحي" الذي استضافته أخيراً روما، لقطع الطريق على نزعات القطيعة والأصوات الداعية الى الصدام بين الأديان والشعوب. واللافت ان الموفدين الأوروبيين الذين زاروا المنطقة، أجمعوا على إثارة موضوع نشطاء حقوق الانسان وأبدوا رغبة حكوماتهم في ألا تشكل الجهود المبذولة لمكافحة الارهاب، مبرراً للتضييق على نشاط حركات المعارضة السلمية في البلدان المغاربية، أو اتخاذ تدابير تحد حركة نشطاء حقوق الانسان.