انها جمل موسيقية متكررة! هذا ما تقوله لنفسك، لدى سماعك السواد الأعظم من الأغاني "السريعة" كما تسمى هذه الأيام. لا أعرف من أين أتت تسميتها "السريعة"؟ هل لايقاعها السريع المستخدم طوال مدة سماعك للأغنية؟ أم لسرعة تحضيرها، ولصق أجزائها المتنافرة، لتصبح جاهزة للبث عبر كل ما هو مرئي ومسموع فتخرق أذنيك حتى العظم، وتصيبك بنوع من الجفاء الحسي، عبر تكرار النمط، وتقارب الاسلوب بعضه من بعض؟ لعل ما يتماشى والمنطق برأيي هو الاختيار الثاني... ولكي أكون منسجماً اكثر في اختياري هذا، وجب عليّ ان اقدم الدلائل الحسيّة الواضحة لدعم ما ملت اليه في الرأي. لن اقوم بأي مقارنة ما بين الاغاني "الحديثة"، والأغاني السابقة، تلك المحضرة على مهل. ولكن سأترك هذا الامر للقارئ. ولن اتكلم ايضاً عن كلمات تلك الاغاني، فهذا امر ليس بجديد. فالقاصي والداني يعلن بضعف نظم الكلمات وخوائها من اي معنى وذلك بفضل ناظميها الا مَن رحِم ربي... هذا امر نطرحه ايضاً من حسابنا. ما سأتناوله بالنقد الموضوعي، هو الموسيقى التي تُبنى عليها الاغنيات تلك، وبعيداً من الالفاظ الموسيقية المتخصصة، نقول ما يلي: في ما يخص الايقاع المستعمل، فمعظم الايقاعات المستعملة هي إما "مستوردة" وإما خليط من هنا وهناك. وهناك مَن سيسأل: وأين الغرابة في الامر! فنجيب ببساطة بأن المشكلة تقع في اختيار الايقاع المناسب للحن المناسب واختفاء التنوع الايقاعي داخل الاغنية الواحدة، مما يوقعها في فخ التكرار النمطي للأغنية. اما في ما يخص الالحان نفسها، فحدث ولا حرج... فمن المعروف أن الموسيقى هي جُمل لحنية. وحتى نبسط الامور، فإن هذه الجمل كلما تنوعت داخل اللحن الواحد، ازداد ذاك اللحن قوة وجمالاً. ولكي نحصل على هذا التنوع، لا بد للملحن من التمحيص والتدقيق واستخدام كل ما لديه من جهد وموهبة، حتى يستطيع ان يُخرج لحناً غنياً حافلاً بالجمل الموسيقية المتناسقة. ناهيك عن مسؤولية الملحن، في التنسيق الكامل ما بين ألحانه والكلمات المفترضة للأغنية، وملاءمتها وصوت المطرب او المطربة او من سيؤدي الكلمات مع اللحن. وثمة امور كثيرة مطلوبة لا يتسع المجال للخوض فيها. فهل كل ما تقدم ينطبق على ما يسمى بالأغنية السريعة؟! إننا نترك الاجابة للقارئ، ولكل من يهمهم الأمر.