أجرت السلطات الأمنية اليمنية في عدن تغييرات مهمة في عدد من مراكز الشرطة الرئيسية بعد أسبوع من سلسلة التفجيرات التي شهدتها المدينة عشية الأعياد، واستباقاً للموعد الذي حددته السلطات اليمنية لمحاكمة أول دفعة من المتهمين الرئيسيين في الهجوم الانتحاري الذي تعرضت له المدمرة الأميركية "كول" في 12 تشرين الثاني اكتوبر الماضي، وأسفر عن مقتل 17 بحاراً أميركياً. في غضون ذلك، وقع انفجار في مقر الحزب الاشتراكي اليمني المعارض في منطقة الشعيب التابعة لمحافظة الضالع شمال عدن نتيجة عبوة ناسفة وضعها مجهولون أمام مقر "الاشتراكي" القريب من مبانٍ حكومية تقع في قرية العوابل في منطقة الشعيب. وأكدت مصادر في "الاشتراكي" ل"الحياة" ان الانفجار ألحق أضراراً جسيمة بمبنى الحزب، خصوصاً صالة الاجتماعات، ولم يسفر عن أضرار بشرية. وهرعت دوريات الشرطة إلى موقع الحادث وشرعت في اجراء تحقيقات مكثفة، ولم يتهم الحزب الاشتراكي أي جهة. من جهة أخرى، اعتقل أمس رئيس فرع مجلس التنسيق الأعلى لأحزاب المعارضة في محافظة الضالع محسن أبو سيف. وأكدت مصادر في المعارضة ل"الحياة" أن رجال الشرطة اعتقلوا سيف، وهو ينتمي إلى "رابطة أبناء اليمن"، أثناء وجوده في عمله في إحدى المدارس، ولم تؤكد المصادر الأمنية نبأ الاعتقال، فيما اعتبرته مصادر المعارضة "اجراء تعسفياً ولا مبرر قانونياً له". وأكدت مصادر أمنية موثوق بها ل"الحياة" في عدن أن التغييرات شملت أربعة من مديري مراكز الشرطة في حي التواهي وحي الممدارة وحي البريقة وحي خورمكسر. وقالت إن المديرين الجدد لهذه المراكز هم من كبار ضباط الأمن الذين شاركوا في التحقيق في حادث تفجير المدمرة، فيما استبعد ثلاثة من كبار ضباط المباحث الجنائية من هذه المراكز. وفي هذا السياق، أكدت مصادر قريبة من سلطات التحقيق ل"الحياة" أن التحقيقات مستمرة مع المتهمين، وأنها استؤنفت أمس الأحد بعد عودة فريق التحقيق الأميركي التابع لمكتب التحقيقات الفيديرالية اف بي آي الذي كان غادر لقضاء اجازة رأس السنة في الولاياتالمتحدة. ولفتت المصادر إلى أن عدد المحققين الأميركيين في عدن يبلغ نحو 49 شخصاً، بينهم مرافقون أمنيون، ويقيمون في فندق "غولد مور" القريب من الشاطئ، وسط اجراءات أمنية شديدة تشهدها عدن منذ التفجيرات التي شهدتها أخيراً. وأشارت المصادر إلى أن قوات الأمن استأنفت عملية التفتيش الليلية على الطرق الرئيسية التي تربط بين أحياء المدينة. ونقل شهود أن عدداً من المحققين الأميركيين شوهدوا يتجولون في المدينة برفقة ضباط من المحققين اليمنيين. وأجريت خلال هذه الجولة عملية مسح جديدة "ذات طابع جنائي" للمنازل التي استخدمها المتهمون في تفجير المدمرة، وهي موزعة على عدد من أحياء المدينة. وقالت مصادر ديبلوماسية غربية ل"الحياة" في صنعاء إن السفارة الأميركية تعاقدت أخيراً مع خمسة مترجمين يمنيين لمتابعة وقائع المحاكمة المزمع اجراؤها قبل نهاية الشهر الحالي إذا لم تحل اجراءات جديدة دون اجرائها في موعدها. وأشارت مصادر قضائية إلى أن النيابة العامة شرعت في التحقيق مع ستة متهمين هم الدفعة الأولى، تمهيداً لاحالتهم قريباً إلى المحاكمة العلنية في عدن. فيما تقوم الأجهزة الأمنية بالتحقيق مع المتهمين الجدد بمشاركة غير مباشرة مع فريق التحقيق الأميركي، على أن يحالوا تباعاً إلى النيابة العامة في حال ثبوت علاقتهم بالهجوم على المدمرة. وشددت أجهزة الشرطة وجودها أمام مبنى المحكمة الابتدائية الجنائية في عدن، ومنعت وقوف السيارات في المواقف القريبة من المبنى والمحيطة استعداداً للمحاكمة. لكن السلطات اليمنية لم تحدد بعد موعداً محدداً لبدء محاكمة المتهمين في الحادث، وكان رئيس الوزراء اليمني الدكتور عبدالكريم الارياني أكد أخيراً في تصريحات صحافية ان المحاكمة ستتم خلال النصف الأخير من الشهر الحالي. وعلمت "الحياة" أن السلطات اليمنية ستحيل المتهمين الستة الأساسيين على المحكمة رغم التحفظات الأميركية. وكانت هذه السلطات أعلنت أن منفذي التفجيرات الأخيرة في عدن ينتمون إلى جماعة إسلامية متشددة تدعى "جيش عدن - أبين الإسلامي"، فيما أكدت التحقيقات في تفجير المدمرة ان المتهمين فيه ينتمون إلى تنظيم "الجهاد" و"الأفغان اليمنيين"، ويعتقد بوجود علاقة لأسامة بن لادن في العملية، غير أنه لم تتوفر للمحققين اليمنيين والأميركيين أدلة قاطعة على تورط ابن لادن بصورة مباشرة في الهجوم على المدمرة "كول".