كشف هوية رفيق زعيم حماس.. خطأ فادح يقود إلى اغتيال السنوار    موعد مباراة الأهلي القادمة بعد الفوز على الخليج    ضبط 21971 مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود في أسبوع    الخريّف يبحث تطوير التعاون الصناعي والتعديني مع وزير الشؤون الاقتصادية ورئيس لجنة الصناعة في إسبانيا    مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي: هجوم بمسيرة من لبنان تستهدف مقرإقامة نتنياهو    أهالي الفرشة يطالبون وزارة الصحة باستكمال المركز الصحي    مغادرة الطائرة الإغاثية السابعة ضمن الجسر الجوي السعودي الذي يسيّره مركز الملك سلمان للإغاثة لمساعدة الشعب اللبناني    الفرصة لاتزال مهيأة لهطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    انطلاق ملتقى الجمعيات التعاونية والأهلية بالرياض.. غدا    استعدادات افتتاح مهرجان الفل والنباتات العطرية بمحفظة أبو عريش بجازان    في ثوانٍ.. اختبار جديد يكشف الخرف بمختلف أنواعه    «ميتا» تطرد موظفين بسبب قسائم الوجبات المجانية !    وزير الثقافة: مكاتب لتسويق الأفلام السعودية عالمياً    دول غربية تدعو للسماح بالدخول العاجل للمساعدات الإنسانية إلى السودان    الحرف اليدوية جسر يربط بين الثقافات في الرياض    ارتفاع عجز الميزانية الأميركية إلى 1,8 تريليون دولار    أجواء طريف المعتدلة تحفز المواطنين والمقيمين على ممارسة رياضة المشي    "مجمع الملك سلمان العالمي" يُشارك في"المؤتمر المتخصّص بالإطار الأوروبي المرجعي للغات"..    نقل خدمات من كتابات العدل إلى السجل العقاري    بينهم 20 طفلاً وامرأة.. 30 قتيلاً في مجزرة إسرائيلية على مخيم جباليا    محافظ أبو عريش يرعى حفل تكريم 20 كفيف وكفيفة من هواة ركوب الخيل    المملكة تستضيف مؤتمر المجلس العالمي للبصريات 2026 بالرياض    المقيم في السعودية بين الاستقرار والفرص    مروان الصحفي يسجل أول اهدافه في الدوري البلجيكي    اليوم العالمي لسرطان الثدي"الوقاية هي الغاية" مبادرة أنامل العطاء التطوعي بجمعية بر المضايا بجازان    دوري روشن: الاتحاد يستضيف القادسية لإستعادة الوصافة والرائد في مواجهة الوحدة وضمك يلتقي التعاون    مستشار مانشيني يُشيد بتطور الدوري ويُدافع عن تجربة احتراف عبدالحميد    البحرين تعلن وفاة الشيخ حمود بن عبدالله آل خليفة    ترامب يُحمل زيلينسكي مسؤولية اندلاع الحرب مع روسيا    «أمن الطرق» ينبه قائدي المركبات من الضباب    أحمد أبو راسين يرزق بمولوده "نهار"    محمد جرادة يحتفل بعَقْد قِرَان ابنته "ريناد"    النصر ينجو من الشباب    تركي آل الشيخ يعلن عن شراكة استراتيجية مع "BOXXER"    بوتين: السعودية المكان المناسب لعقد قمة السلام    الجمعية الجغرافية الملكية تقيم معرض "نهضة الجزيرة العربية"    محمية الملك سلمان... ملاذ آمن وبيئة خصبة لتكاثر غزال الريم    مفتي موريتانيا: مسابقة خادم الحرمين لحفظ القرآن لها أهمية بالغة    "خويد": أول جمعية متخصصة للفنون الأدائية والمسرح في المملكة    فريق أنوار التطوعي يفعِّل اليوم العالمي لسرطان الثدي بمستشفى بيش العام    خطيب المسجد النبوي: القلب ملكُ الجوارح وسلطانه فبصلاحه يصلُحون وفسادهم بفساده    خطيب المسجد الحرام: يتعجل المرء في الحكم بين المتنازعين قبل التبين    السياسة الخارجية تغير آراء الناخبين في الانتخابات الأمريكية    «تحجّم».. بحذر!    اللثة.. «داعمة الأسنان» كيف نحميها؟    أبسط الخدمات    مفهوم القوة عند الغرب    التسويق الوردي!    عبدالرحمن يحصد ذهبية الاسكواش بالألعاب السعودية    الابتعاث للدراسة الأكاديمية للباراسيكولوجي    محمية الشمال للصيد.. رؤية الحاضر بعبق الماضي    برقية شكر للشريف على تهنئته باليوم الوطني ال94    متوفاة دماغيًا تنقذ ثلاثة مرضى في الأحساء    نباح من على منابر الشيطان    السعودية إنسانية تتجلى    نائب أمير تبوك يستقبل أعضاء جمعية الدعوة والإرشاد وتوعية الجاليا    أمين الطائف يقف على المشاريع التطويرية بالمويه وظلم    26 من الطيور المهددة بالانقراض تعتني بها محمية الملك سلمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحديث عن "مشروع حضاري عربي" غلط تام ووهم وكلام فضفاض
نشر في الحياة يوم 07 - 01 - 2001


هشام جعيط.
أزمة الثقافة الاسلامية.
دار الطليعة، بيروت.
2000.
199 صفحة.
يواصل هشام جعيط حفرياته المعرفية في بنى الثقافة العربية والاسلامية، منقباً عن أسس صياغة منظومة حياتية وفكرية جديدة للحاق بركب الحضارة الانسانية التي قطعت أشواطاً واسعة في الحداثة واحترام الانسان وصيانة كرامته والدفاع عن حقه في العيش والابداع.
وتأتي بحوث كتابه الأخير "أزمة الثقافة الاسلامية" لتستأنف ما كان أثاره من أسئلة عميقة في ما يتصل ب"الوحي والقرآن والنبوة"، وكذلك في جدلية الدين والسياسة في الاسلام المبكر كما تجلت في كتابه "الفتنة"، مروراً بالبحث عن الظروف والكيفيات التي تمت في غضونها نشأة المدينة العربية الاسلامية واتخاذ الكوفة مثالاً على ذلك، فضلاً عن مناقشة ملامح "الشخصية العربية - الاسلامية والمصير العربي"، ومعاينة صدام الثقافة والحداثة من خلال كتابه "أوروبا والاسلام".
في مؤلفه الجديد يستعيد جعيط الهواجس المركزية التي سيطرت على أعماله السابقة بوصفها جزءاً من مشاغله الحيوية، ويضعها في فلك الضرورة الملحة لتحقيق أي نهضة عربية - اسلامية محتملة، دافعاً عناصر الواقع وأحداثياته وهمومه باتجاه المراجعة النقدية الشاملة تمهيداً للتجاوز، وبالتالي حتمية التغيير.
وهو في استقصاءاته العميقة للواقع الكوني بعد انهيار العالم الشيوعي وتغير المعطيات وانقلابها، يرى ان من الضروري ان"يحصل وعي لدى العرب والمسلمين جملة بوجوب عدة متغيرات" في واقعهم لجهة "الدخول في تركيبة سلم داخلية وخارجية"، وكذلك "استبعاد الاوهام والدخول في تحولات هادئة من الوجهة السياسية والاقتصادية"، وبالتالي "تطبيق مفاهيم الديموقراطية في الواقع".
ولا يتردد المؤلف في الإقرار بأن الثقافة العليا لمجتمعاتنا "قد ماتت حوالي العام 1500م، في رافديها الديني والدنيوي لغة، نحو، فلسفة، تاريخ، علم مادي... ولم يكن هذا من تلقاء الغرب، ولكن بمفعول انحطاط الطموح الداخلي لهذه الثقافة". على ان الثقافة العليا في الغرب ايضاً تعاني هي الأخرى تقهقراً، ومع ذلك فما يزال "الانتاج قائماً على قدم وساق".
ويحدد المشكلة التي يعاني منها العرب والمسلمون بأنها تكمن في تمسكهم بالقشور: الحكم والسياسة تابعان والاقتصاد ضعيف ووسائل الاعلام محتكرة و"المال مهدور بغباوة"، وبالتالي فإن من الصعب الولوج الى باب الحداثة في ظل هذه الاعتبارات المثبطة.
ويناقش جعيط المثال الياباني متسائلاً عن سر تقدمه وتعثّر العرب. فالدخل الخام لليابان أضخم من مدخول فرنسا والمانيا مجتمعتين، بيد ان مدخول العالم العربي بأكمله لا يتجاوز ثلث مدخول فرنسا، وربع مدخول المانيا، رغم ان اليابان "لم تدخل التاريخ الا منذ ثلاثة عشر قرناً"، وقد شادت معجزتها عبر قدرتها الفائقة على الأخذ من الغير من دون أي عقد، والمقصود بالغير هنا ليس أوروبا أو اميركا وانما الصين على وجه التعيين. فاليابان لم تكن الا "تلميذ الصين". ويتساءل المؤلف "هل كان يمكن للعرب والمسلمين ان يقوموا بشيء قريب" من المعجزة اليابانية، حيث "التقاليد القوية والشخصية المركزة" علاوة على "الوعي بالذات الذي جعل هذا البلد مستعداً من قديم للقيام بمراجعات مؤلمة بالضرورة".
ويطرج جعيط اسئلة الاسلام والسياسة من خلال منظور العلاقات التاريخية والعامة، وعبر قراءة ثلاثة مفكرين اسلاميين: خيرالدين التونسي، ابن خلدون، ابن تيمية، معتبراً أن الأول يمثل فترة مفصلية في تاريخ الاسلام قائمة على "اسلام المجابهة الثقافية مع أوروبا"، في حين يمثل الاخيران "اسلام المجابهة مع الذات". ففكر ابن تيمية "كان وراء الاصلاحية الاسلامية في القرن التاسع عشر"، في حين كان المسار الفكري لابن خلدون "اعلاناً للعقلانية التاريخية الاصلاحية". اما خير الدين ف"حالة ملتبسة": فهو مسلم "لكنه متغربن عن طريق تبنيه للقومية التاريخية". وفي هذا الصدد يتساءل المؤلف: هل كان خير الدين مستلباً للغرب، وهل كان يحضّر لاستسلام ثقافي من خلال "حقن السلطة في بناها العملية بذكاء العلم ومثالية الشريعة"؟
ويناقش الكتاب، الى ذلك، الثقافة والسياسة في العالم العربي، وفرص الأخير لبلوغ الديموقراطية، والفكر الاسلامي والتنوير. كما يبحث في جدل التاريخ والثقافة والدين في المغرب الاسلامي عبر مقالات وبحوث توزعت على زهاء عشرين سنة خلت، جرى ضمها لتخدم الخطاب العام للكتاب القائم على مساءلة التجربة التاريخية العربية والاسلامية واستشراف أفقها الحضاري في "عصر القرية العالمية والثورة التكنولوجية الثالثة، وهيمنة العامل الاقتصادي على مصير الانسان وانتشار المجتمع".
وفي غمرة تساؤلاته يبحث المؤلف في المصير الذي سيؤول اليه العالم الاسلامي، مستعيداً الحداثات الثلاث الكبرى التي عصفت بالعالم. فبلادنا منذ خمسين عاماً "صحراء ثقافية في كل المجالات. فقد قتل جهاز الدولة المجتمع المدني الذي اعطى رقبته للذبح والتذّ بموته". وعلى رغم استبعاده كل شعور باليأس والقنوط لدى معاينته أفق التحولات المرتقبة أو المنشودة في المجتمع العربي، فان المؤلف يتجاسر على تشاؤمه، مضطراً، اذ يعلن شروط التحول الكثيرة الضرورية لتحقيق الديموقراطية وصياغة تركيبة سلم داخلية وخارجية تحقق التضامن بين الأفراد والشعوب، كما تقترح تصوراً أفضل وأرقى لمعنى الحياة عند الجماعة والفرد على حد سواء.
أما الحديث عن "مشروع حضاري عربي" فهو الغلط التام وهو ليس أكثر من "وهم وكلام فضفاض".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.