قلة من يعرفون أن المناطق المحيطة بالعاصمة الاسبانية من المراكز المهمة التي يمكن لمحبي الرياضات البيضاء التزلج أن يمارسوا فيها هوايتهم، والسبب أن المقاطعة التي تقع فيها العاصمة تتوسط هضبة عالية تقع في المنتصف تماماً من جغرافيا الأراضي الاسبانية. وتتدرج ارتفاعات هذه الهضبة من 1500 متر فوق مستوى سطح البحر لتصل في أقصى ارتفاع لها ما يقرب من ثلاثة آلاف متر في القمم والمرتفعات. وتحوي المنطقة أحدث وسائل التنقل التي تسهل للزوار القيام بسياحة اليوم الواحد إذ أحبوا فيقيمون في فنادق العاصمة وينتقلون من ثم إلى مناطق التزلج في وقت وجيز لا يزيد على الساعة بقطارات الضواحي السريعة. وتقع أقرب تلك المحطات على بعد 60 كيلومتراً فقط من المدينة، وأبعدها على مسافة 90 كيلومتراً. كما تندرج سياحة التزلج هذه في إطار الأنشطة الترفيهية نظراً إلى وجود فنادق داخل مناطق التزلج نفسها أو في القرى المحيطة بها، وهي مزودة بكل وسائل الراحة للزائرين. أيضاً تحتوي محطات التزلج المدريدية على وسائل التزلج المتنوعة القادرة على الاستجابة لمتطلبات الجميع، من محترفي رياضة التزلج الذين يحبون مسارات التزلج البعيدة والقصيرة المدى، إلى المبتدئين أو الأطفال الذين تصطحبهم أسرهم ويتركونهم خارج المناطق الخطرة، ليتعلموا التزلج في الكثير من المدارس المتخصصة التي يقوم على التدريب فيها متخصصون في هذه الرياضة، ولهذا السبب تنتشر هذه الرياضة بين شباب اقليم وسط اسبانيا، وبلغ تعلق معظم تلاميذ المدارس بها وتحولها إلى رياضة محلية تهتم بها الحكومة، إلى أن الدراسة تتوقف خلال الأسبوع الأول من شهر شباط فبراير في ما يطلقون عليه "الاجازة البيضاء"، وذلك لإتاحة الفرصة أمام التلاميذ للاستمتاع بوقت ممتع بين جليد الجبال المحيطة بمدارسهم. أول محطات التزلج وأقربها إلى مدريد محطة "نافاثيرادا" التي تقع على بعد 60 كيلومتراً وتستقبل سنوياً نحو 90 ألف زائر يمارسون رياضة التزلج. وربما يرجع الإقبال على هذه المحطة أنها تصلح أيضاً لممارسة هواية تسلق الجبال، أو التزلج بامتطاء عجلات السيارات الداخلية المنفوخة بالهواء، وهي نوع جديد من أنماط التزلج التي يستمتع بها الصغار نظراً إلى أمنها وقلة مخاطرها. ويلاحظ عادة ازدياد الإقبال على هذه المحطة خلال فترات نهاية الأسبوع. وتنقسم المحطة إلى منطقتين، تمتدان على السفوح الجبلية، اسمهما "لا بولا ديل موندو" و"غواماريا" وتقعان على ارتفاع 2179 متراً من مستوى سطح البحر، وتخترقهما خطوط التزلج الحمراء التي تهبط بالمتزلج حتى ارتفاع 1935 متراً. وتصلح هذه المنطقة لممارسة التزلج الاحترافي أو شبه احترافي. وفي هذه المنطقة أيضاً الكثير من الخدمات التي يحتاجها المتزلجون من كافيتريات ومطاعم ومناطق للحماية عند هبوب العواصف الجليدية، وتم أخيراً استبدال ناقلات "التليفريك" التي تصعد بالمتزلج إلى القمة، إضافة إلى دعم عمقها الجليدي بماكينات تصنيع جليد اصطناعي عند الحاجة، إذا لم يكن الجليد الطبيعي المتساقط كافياً. ويؤكد خبراء السياحة البيضاء أن وجود هذه المحطة وسط الغابات والمحميات الطبيعية يمنحها تميزاً خاصاً، لأن بعض زوارها الذين لا يحبون التزلج ويرغبون في الاستمتاع بالطبيعة وحدها من دون غيرها، يمكنهم أن يقوموا بنزهات بين أشجارها الكثيفة. المحطة الثانية "بالديسكي" تقع على بعد 80 كيلومتراً فقط من مدريد، وتتكون من مجموعة من المرتفعات المتعاقبة المنفتحة من الشمال على مرتفعات محطة "نافاثيرادا". وتحتوي هذه المحطة على 29 ممر تزلج يمكن التنقل بينها عن طريق الكراسي المعلقة المفتوحة على الهواء الطلق، والتي تنقل كل منها أربعة أشخاص في شكل آمن، ويمكن لهذه الوسيلة السريعة أن تنقل أكثر من 11 ألف متزلج في الساعة الواحدة. ويمتد أهم ممراتها التزلجية على مسافة 1500 متر، وهي تعتبر من الممرات الصالحة لممارسة التزلج السريع نظراً إلى درجة انحدارها، وبها خدمات عامة أيضاً، أهمها وجود مستشفى للاسعافات الأولية السريعة التي يمكن أن يتدخل أطباؤها لإجراء عمليات الاسعاف الأولية لأي حادثة تقع للزوار. المحطة الثالثة "لا بينيا"، وتعتبر مدريدية أيضاً على رغم وقوعها في إطار منطقة سيغوبيا، وتقع هذه المحطة بين قمتين جبليتين: قمة "اللوبو" التي يصل ارتفاعها إلى 2229 متراً عن سطح البحر، وقمة "التو دي لاس ميساس" التي يصل ارتفاعها إلى 2257 متراً. تشهد هذه المحطة عمليات تحسين كبيرة بعدما انتقلت من يد الشركة الخاصة التي كانت تديرها لتصبح تحت إدارة بلدية قرية "ريثاس" التي تحاول أن تطلق من خلال هذه التحسينات، مشروعاً سياحياً متكاملاً، يجذب السياح إلى المنطقة في إطار "سياحة الاستمتاع الطبيعي". وتتميز هذه المحطة بممرات واسعة وقصيرة يمكن ان تستمع فيها العائلات التي تقضي أوقات فراغها بمشاركة جميع أفراد الأسرة بما فيهم الأطفال، وتبلغ المسافة ما بين القمة والسفح في هذه المحطة نحو 1500 متر.