"أسلوب ندى عقل قريب من الواقعية الحالمة. اهتماماتها؟ عدا هذا البحث الحصري عن تثبيت الماضي الضائع، فالأساس عندها الضوء. الضوء في كل أوضاعه: اصطناعياً كان أم طبيعياً، الأنوار، الظلال، المجزأ، الملطّخ، المضاعف أو المنثور، شعاعاتٍ كان أم ارتدادات... فهي التي تخلق اللوحة موازية في صورة رائعة بين المشهد المشغول وطريقة اضاءته...". هكذا كتب دانيال اوبولنسكي في كتيب خاص صادر عن متحف بوشكين في روسيا معرفاً بالرسامة اللبنانية ندى عقل، التي شاركت في المهرجان السنوي السابع للمتحف. ندى عقل تعيش وتعمل في العاصمة الفرنسية باريس. حازت العام 1978، وكانت لا تزال طالبة، الجائزة الأولى في الرسم من مدرسة كوكوشكا في سالزبورغ أثناء الدراسة الصيفية، ثم تابعت دروس الفنون التشيكيلية في جامعة السوربون في باريس، ونالت العام 1981 شهادة عليا في الفنون من جامعة نيويورك. أقامت أول معرض خاص في باريس العام 1983 في غاليري فاريس، وتلته معارض عدة في مناطق مختلفة في فرنسا، وعرضت في جنيفونيويورك وبيروت. في أيلول سبتمبر 2000 شاركت في صالون المؤسسة الدولية للفنون الجميلة في دار عمدة باريس، ونالت جائزة فرنسا - اليابان. ثم دعيت في تشرين الأول اكتوبر الى المشاركة في المهرجان الدولي السابع للفنون Automne a Tsarkoie Selo الذي اقيم في سان بطرسبرغ. ينظم هذا المهرجان متحف بوشكين ويتناول اربعة فنون: الشعر والموسيقى والمسرح والرسم. وإذ سئل سيرج نيكر اسوف، مدير متحف بوشكين، عن سبب اختياره عقل للمشاركة في هذا المهرجان، قال: "السبب عمل هذه الفنانة وشخصيتها المميزان، فهي بموهبتها الكبيرة تستطيع ان تحول كل ما تراه صوراً مميزة وقوية وشخصية، تجسد لنا احاسيسنا الخاصة. فهي وحدها تجسد ناحية الفنون التشكيلية لهذا المهرجان. وإن لم تكن روسية الأصل، تجمعنا بها شراكة في الطبع والذوق". تقسم مسيرة ندى عقل الفنية ثلاث مراحل: الأولى تمتد من العام 1984 الى العام 1989 وكانت متأثرة خلالها بالسينما ونجومها. والثانية من العام 1989 الى العام 1993 وقد انطبعت بجو قريتها المحيدثة جبل لبنان مع كل ما تعنيه القرية من عيش هنيء وفرح وطبيعة جميلة وذكريات طفولة وأحلام... أما المرحلة الثالثة فهي الراهنة ويبدو انها انعكاس لما عانته الفنانة خلال الحرب فتأثرت لوحاتها بها، وحضرت فيها الأشجار البرية المتوحشة والأرض المتشققة والسماء المكفهرة. لكنها لا توحي بموت أو بنهاية، اذ يبقي شعاع الأمل يلمع فيها. يبقى ان ندى عقل، في كل هذه المراحل، كانت تستلهم لوحاتها من موحية هي، على غرار "مادلين" مارسيل بروست قطعة بسكويت أثارت في الأديب الفرنسي عندما تذوقها كبيراً ذكريات طفولته، الموسيقى. لأنها الخيط الذي يربط اللوحة منذ ولادة فكرتها لديها حتى "موتها" على القماش، ولأن من دونها لا تشعر ندى أنها يمكن أن تتنفس.