سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الجميع يتذكر استشهاد 13 مواطناً عربياً برصاص الشرطة الاسرائيلية . الصوت العربي في الانتخابات الاسرائيلية ... بين الاعتبارات الخاصة وموقف السلطة الفلسطينية
رغم ان الموقف الفلسطيني الرسمي يعتبر انتخابات رئاسة الحكومة الاسرائيلية "شأناً داخلياً اسرائيلياً"، يرى مراقبون ان تصريحات الرئيس ياسر عرفات وعدد من وزرائه في هذا الشأن واعتبار انتخاب ارييل شارون "كارثة حقيقية" و"خطوة غبية" ستؤدي الى انهيار المفاوضات، هو التدخل بعينه. ويضيف هؤلاء ان التصريحات الفلسطينية موجهة أساساً للمواطنين الفلسطينيين داخل اسرائيل الذين يشكلون 12 في المئة من اصحاب حق الاقتراع ويميلون بسوادهم الأعظم الى مقاطعة الانتخابات. أفادت صحيفة "يديعوت احرونوت" امس ان شخصيات فلسطينية رفيعة المستوى التقت اخيرا عدداً من قياديي المواطنين العرب في اسرائيل وانتقدت مواقفهم الداعية الى مقاطعة الانتخابات ودعتهم الى "ان يكونوا عقلانيين وليس عاطفيين فقط"، في حين أوردت صحيفة "هآرتس" دعوة أطلقها زعيم "الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين" نايف حواتمة للمواطنين العرب بالمشاركة في الانتخابات وعدم الإدلاء بورقة بيضاء "لأن البرنامج الجنوني لزعيم اليمين ارييل شارون واعتماده على أحزاب اليمين يقودان الى وقف العملية السلمية". وأضاف حواتمة في حديث خاص للصحيفة تنشره كاملاً اليوم ان ثمة فوارق في المواقف السياسية بين شارون وباراك رغم ماضيهما الدموي ف"شارون رجل حرب وكل من يدعو الى مقاطعة الانتخابات أو التصويت بورقة بيضاء انما يمنح صوته لشارون". وتثير هذه التصريحات جدلاً في أوساط قياديي المواطنين العرب، فهناك من يعتبرها تدخلاً مقلقاً وهناك من يرى ان لها وزناً جدياً في صوغ الموقف من الانتخابات. وللوقوف على موقف أبرز الاحزاب والحركات السياسية الفاعلة في أوساط المواطنين العرب في اسرائيل من هذا الموضوع استطلعت "الحياة" آراء أربعة من القياديين العرب ليبرز التباين بينهم حتى في هذه المسألة. عوض عبدالفتاح الأمين العام للتجمع الوطني الديموقراطي بزعامة النائب عزمي بشارة، يرى ان تراجع السلطة عن موقفها القائل بأن لا فرق بين شارون وباراك أمر مقلق "خصوصا ان باراك ارتكب ضد الفلسطينيين مجازر ليست أقل فظاعة من تلك التي ارتكبها شارون". ويضيف ان التقدم في مسار المفاوضات يهم المواطنين العرب ايضاً "لكن لا يمكن ان ندمر ما انجزه الفلسطينيون في هبتهم المباركة التي جاءت أساساً رداً على العدوان الاسرائيلي على أبناء شعبنا في المناطق المحتلة". ويزيد ان من حق فلسطينيي مناطق ال 1948 ان يقرروا وفق ما تمليه مصلحتهم وخصوصيتهم داعياً قيادة السلطة ان تأخذ بالحسبان هذه الخصوصية. ورداً على سؤال هل قرار الحزب مقاطعة الانتخابات سيتغير في حال انجاز اتفاق سلمي بين اسرائيل والفلسطينيين، يجيب عبدالفتاح ان هذا الموقف لن يتزحزح "لأننا نعتقد بأن اتفاقاً كهذا لن يفي بالحد الأدنى لمطالب الفلسطينيين إضافة الى ان لنا قضية مع باراك الذي قتل 13 من مواطنينا ولا يمكن ان نعطيه ثقتنا لأن ذلك يعني منحه شرعية ارتكاب جرائم اخرى ومواصلة تهميشنا". ويتفق النائب عن الحركة الاسلامية عبدالمالك دهامشة مع عبدالفتاح في خصوصيات كل من السلطة الفلسطينية والمواطنين العرب "رغم ان هذا لا يمنع التواصل والتنسيق بيننا. وقالت السلطة مراراً انها لا تتدخل في شؤوننا الداخلية، واعتقد انها لن تحيد عن هذا الموقف". ويرى دهامشة ان موقف الحركة الاسلامية من المقاطعة لن يتغير الا اذا تم توقيع اتفاق سلام وحينها سيكون التصويت مع الاتفاق أو ضده "وان كنت استبعد التوصل الى اتفاق كهذا". ويضيف مستدركاً ان التوقيع على اتفاق لا يعني اوتوماتيكيا التصويت لباراك انما اعادة النظر في قرار المقاطعة. من جانبه يقول النائب طلب الصانع من الحزب الديموقراطي العربي ان موقف السلطة من الانتخابات يؤخذ جدياً في حسابات القياديين العرب في اسرائيل "رغم استقلالية قرارنا" لكن يضاف اليه تعامل باراك مع المواطنين العرب في هبتهم الأخيرة والتمييز الحكومي ضدهم منذ قيام الدولة. وينفي الصانع ان يكون شارك في الاجتماع مع قياديين في السلطة، مضيفاً ان مواقف الاحزاب العربية من الانتخابات تتأثر بما يدور في المسار التفاوضي بين اسرائيل والفلسطينيين. ويرفض النائب عصام مخول، عن الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة اعتبار تصريحات المسؤولين الفلسطينيين في شأن الانتخابات تدخلاً، مشيراً الى ان السلطة الوطنية الفلسطينية لم تطلب في الماضي التصويت لهذا المرشح أو ذاك. واضاف ان الانتخابات الاسرائيلية الحالية ليست انتخابات اسرائيلية فقط لأن نتائجها تؤثر في التطورات في القضية الفلسطينية والحل الدائم لها وانها تجري اساساً بعد مواجهة اسرائيل مستحقات الحل الدائم وهذه المستحقات يجب ان تكون حاضرة حضوراً مركزياً في كل قرار يتخذه العرب في اسرائيل. ويرى مخول ان قتل 13 مواطناً عربياً يندرج ضمن محاولة اسرائيل عزل المواطنين العرب عن حقهم في المساهمة في التوصل الى الحل الدائم. ويضيف ان "الجبهة" ترى انه لا يمكن اقتصار النقاش بين المواطنين العرب على معاقبة باراك رغم المشاعر العادلة والمبررة لذلك، انما يجب حسم طريق شارون عبر التصويت لباراك "إذا نجح هذا في تقديم معطيات جديدة في قضية السلام وشرعية المواطنين العرب"، والأمر إذاً رهن بحزب "العمل" وهو الذي سيتحمل مسؤولية عدم مشاركة المواطنين في التصويت. ويبقى السؤال عن مدى تأثير دعوة صريحة من قادة السلطة الفلسطينية للمواطنين العرب بعدم مقاطعة الانتخابات لسد الطريق امام وصول شارون الى السلطة، على المواطنين انفسهم. وفي محاولة منه للاجابة عن هذا السؤال، يرى محلل الشؤون الحزبية مرزوق حلبي ان التأثير سيكون محدوداً جداً لسببين أولهما ان الدعوة الى المقاطعة هذه المرة هي في الأساس لسبب في العلاقة المباشرة بين فلسطينيي الداخل والدولة العبرية ومؤسساتها، وتحديداً إقدام الاجهزة الأمنية على قتل 13 شاباً وإصابة المئات في أحداث تشرين الأول اكتوبر الماضي. اما السبب الثاني، في رأي حلبي، فيتعلق بما يسميه تطور هوية فلسطينية تطور هوية مستقلة - داخلية في حدود اسرائيل تحاول صوغ رؤيتها وتبني اجندة مستقلة لها عن تحولات المسألة الفلسطينية التي دخلت في مسار التفاوض مطلع العقد الماضي. وينهي حلبي مستنتجاً ان اعتبارات الناخب الفلسطيني لم تعد مشتقة بالكامل أو بجزئها الاكبر من "القضية الفلسطينية الكبرى"، وانما من تحولات العلاقة المباشرة بينه وبين دولة اسرائيل.