فجرت دعوات اليمين الاسرائيلي الى تحييد صوت المواطن العربي في الاستفتاء الشعبي المقرر اجراؤه على الانسحاب من الجولان، مجددا قضية التمييز العنصري وسياسة التهميش التي يعاني منها أكثر من مليون فلسطيني يحملون الجنسية الاسرائيلية. وكان أُعلن في اسرائيل أول من أمس توصل الحزبين الكبيرين العمل وليكود الى اتفاق شبه كامل على القضايا المتعلقة بالاستفتاء على الانسحاب من الجولان. ومن المقرر أن يقدم وزير العدل الاسرائيلي يوسي بيلين العمل وأعضاء كنيست من تكتل ليكود اقتراحين متماثلين في الكنيست للمصادقة عليهما يختلفان في نقطة واحدة وهي نسبة الحسم التي يتوجب تحقيقها في الاستفتاء. ولا يزال ليكود والاحزاب اليمينية الاخرى يصرون على وجوب رفع نسبة الحسم في الاستفتاء الى 50 في المئة من أصحاب حق الاقتراع أو 60 في المئة من المقترعين. وكلا الامرين يهدف الى تهميش صوت المواطن العربي في هذا الاستفتاء واعتماد غالبية يهودية. أما الاقتراح الذي سيقدمه حزب "العمل" بقيادة رئيس الحكومة ايهود باراك، فسيطالب باعتماد غالبية طبيعية لسكان اسرائيل عربا ويهودا. وكما لو أنه قدر الاحزاب أو الجماهير العربية في اسرائيل، يبدو أنه سيفرض على المواطنين العرب المشاركة في استفتاء يعارضونه بسبب تناقضه مع قناعاتهم وحتى مع الشرعية الدولية. اذ أجمع عدد من أعضاء الكنيست العرب من "الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة" و"التجمع الوطني الديموقراطي" و"القائمة العربية الموحدة" في استطلاع أجرته "الحياة"، على رفضهم المبدئي أن يستفتى الاسرائيليون في شأن أرض عربية محتلة. وأكد رئيس "الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة" محمد بركة أن جبهته ترفض فكرة الاستفتاء لسببين أساسيين، أولهما عدم القبول بأن يستفتى الشعب في اسرائيل اذا كان يريد الاستمرار في احتلال أرض شعب آخر. وأوضح أن مثل هذا الموضوع "يجب أن يكون محكوما بالشرعية الدولية وعلى رأسها عدم جواز الاستيلاء على أرض الغير بالقوة". أما السبب الثاني، فهو أن اجراء استفتاء يعني الطعن في حق الكنيست، كبرلمان يمثل الشعب، في أن تتخذ قرارات مصيرية "فلا يعقل أن تملك الحكومة والكنيست صلاحية اعلان الحرب ولا تملكان صلاحية اعلان السلام". غير أن الأعضاء العرب في الكنيست يدركون أن قضية الاستفتاء أصبحت ناجزة في الساحة السياسية الاسرائيلية وعليهم مجددا المشاركة في الاستفتاء لمصلحة اتفاق سلام يعيد بعض الارض العربية المحتلة الى اصحابها الشرعيين. وأعرب سكرتير "التجمع الوطني الديموقراطي" عوض عبدالفتاح عن قلقه من تآكل موقف معسكر باراك في شأن الانسحاب من الجولان، في ظل التحرك السريع لمعسكر اليمين وتمكنه من تجميع قواه وحشد أكبر عدد من المعارضين لفكرة الانسحاب، بينما لا يملك باراك في يده اتفاقاً محدداً للتصويت عليه. وأشار عبدالفتاح الى الغموض الذي يحيط بالنتائج المحتملة للاستفتاء، خصوصا عندما يدور الحديث عن "غالبية يهودية"، موضحا أن احتمال تكرار تجربة الانتخابات البرلمانية أي حصول باراك على غالبية يهودية ضئيل جدا. وهنا تأتي أهمية الصوت العربي في اسرائيل حيث سيحشد العرب قواهم من اجل تجنيد أكبر عدد ممكن من المشاركين العرب في الاستفتاء. وشدد عبدالفتاح على أهمية طبيعة الاسئلة التي ستطرح في الاستفتاء وهل ستشكل "مساً بالسيادة السورية الكاملة على الجولان". ومع ذلك، لا يوجد أدنى تردد لدى المواطنين العرب بالنسبة الى أهمية دورهم الايجابي في عملية الاستفتاء على رغم تأثيرات الانسحاب الاسرائيلي وإجلاء المستوطنين من الجولان على اراضيهم في الجليل، ومخاطر توطين المستوطنين على هذه الاراضي و"افتراشهم" أكبر مساحة من الاراضي التي تبقت للفلسطينيين العرب منذ قيام الدولة العبرية. رئيس القائمة العربية الموحدة في الكنيست عبد المالك دهامشه أكد أن محاولات اليمين الاسرائيلي تحييد الصوت العربي في قرارات مصيرية هي تعزيز لسياسة التمييز العنصري وحياة الاجحاف التي سئم منها العرب خلال الاعوام الخمسين الماضية. وقال ل "الحياة" ان على المؤسسة الاسرائيلية أن تقرر "إما أن نُعطى حقنا الكامل في ان تكون اصواتنا متساوية وألا يتم تحييدها باي حجة كانت، وإما ان يعلنوا انهم لا يريدوننا شركاء في اتخاذ القرار ونفض هذه الشراكة ونقرر مصيرنا كاقلية عربية بايدينا". أما بركة، فرأى أن ما جرى من جدل على صوت العرب في مسألة الاستفتاء "تجاوز الخطوط الحمراء في التعامل مع الجماهير العربية، تضاف اليه مصادرة الارض وتفشي البطالة وازمة المجالس المحلية العربية". وأضاف أنه في حال انتصار رأي اليمين فان ذلك سيكون بمثابة "اعلان حرب" على المواطنين العرب الفلسطينيين في اسرائيل "وكسر قواعد اللعبة في هذه الحالة لن يكون من طرف واحد". ومع ذلك، رجح بركة أن ينجح معسكر باراك في تمرير مشروع قانون يشمل نسبة حسم عادية على أن يتم "اقناع" اليمين برفع "سعر" تمويل الاحزاب لاجراء دعاية للاستفتاء.