} يحتار الاسرائيليون في اختيار الصفة الملائمة للمسلسل الدائر في الحلبة السياسية والحزبية، منذ ثلاثة اسابيع "أهو كوميدي أم درامي أم تراجيدي" على حد وصف أحد نواب "ليكود". وفجر امس شهد هذا المسلسل اكثر الحلقات اثارة لما حملت من نتائج غير متوقعة، في مقدمها انتهاء دور "البطل النجم" بنيامين نتانياهو وسط ترقب في ما اذا كان شمعون بيريز سيحظى بدور بطل المسلسل، في ختامه أم يسجل له دور هامشي. تترقب الأوساط الحزبية في اسرائيل باهتمام بالغ القرار الذي سيتخذه الوزير شمعون بيريز في اليومين المقبلين في مسألة ترشيح نفسه لرئاسة الحكومة على رأس قائمة ثالثة تنافس زعيم حزب العمل رئيس الحكومة ايهود باراك وزعيم ليكود ارييل شارون. وأمس أعلن بيريز انه ما زال يتردد في اتخاذ القرار المناسب وانه يدرس بجدية توجه قطاعات واسعة من الجمهور له بترشيح نفسه. ورأى النائب اوري سفير، أقرب المقربين لبيريز ان الأخير لن يعلن موقفه قبل معرفة موعد الانتخابات وانه قد يتجه الى الترشيح في حال أقرت الكنيست اليوم تعديل قانون يقضي بإجراء الانتخابات بعد 90 يوماً من استقالة رئيس الحكومة وليس بعد 60 يوماً كما هو معمول به اليوم، علماً انه اذا لم يتم التعديل فإن آخر موعد للترشيح سيكون منتصف ليلة غد الخميس. وفي وقت لاحق اعلن رئيس الكنيست ابراهام بورغ ان اقتراح تعديل موعد الانتخابات لن يطرح على جدول اعمال الكنيست، ما يعني ان الانتخابات ستجري في السادس من شباط فبراير المقبل. ورجحت أوساط سياسية اسرائيلية أن تثبيت موعد الانتخابات سيحمل بيريز على عدم ترشيح نفسه للتنافس على منصب رئيس الحكومة بالنظر الى أن الفترة الزمنية السابقة للانتخابات ستكون أقصر من أن تؤمن له فرصاً حقيقية للفوز. ورأى سفير ان دخول بيريز حلبة المنافسة من شأنه ان يعزز موقف معسكر اليسار،، فيما أعلن رئيس حركة ميرتس اليسارية يوسي سريد، بعد اجتماعه امس مع بيريز انه لا حاجة لمرشح عن معسكر اليسار اذا ما نجح باراك في انجاز اتفاق مع الفلسطينيين. ويحتاج بيريز، في حال اعلان نيته الترشيح الى تأييد كتلة أو كتل برلمانية من 10 نواب وقد يلجأ، اساساً الى ميرتس، لكن رئيس الحكومة باراك يسعى الى احباط هذه المحاولة من خلال الضغوط التي يمارسها على النواب بعدم اجراء تعديل على موعد الانتخابات، من ناحية ومن خلال تقارب مفاجئ بينه وبين سريد وانتدابه الى العاصمة المصرية للقاء الرئيس حسني مبارك. ونقل عن مقربي باراك قلقه الجدي من امكان ترشيح بيريز نفسه وخشيته من ان تؤدي نتائج الجولة الأولى الى حصول بيريز على نسبة أصوات أعلى من النسبة التي يحصل عليها باراك مما يعني خروجه من جولة الانتخابات الثانية. وحاولت أوساط قريبة من باراك اقناع بيريز بالتنازل نهائياً عن الفكرة مقابل ضمه الى دائرة صنع القرار رغم علمها ان باراك لم يلتزم وعداً مماثلاً قطعه لبيريز في الانتخابات السابقة. ورغم استطلاعات الرأي القائلة بأن شارون سيهزم باراك في الانتخابات المقبلة، فإن باراك يؤمن ان بمقدوره قلب الموازين والأرقام لصالحه من خلال مواصلة مساعيه لتحقيق تقدم في المفاوضات مع الفلسطينيين ولقناعته بأن الجمهور الاسرائيلي سيتردد في التصويت لشارون رئيساً للحكومة، في اشارة الى ان "العمل" سيظهر في معركته الانخابية خطر انتخاب شارون على العملية السلمية. وخلا ميدان "ليكود" من المنافسة بعد ان اعلن نتانياهو صباح امس سحب ترشيحه في اعقاب رفض الكنيست مشروع قانون حل الكنيست، فجر امس بغالبية أصوات "العمل" وشاس والنواب العرب علماً انها المرة الأولى التي تصوت فيها الكنيست ضد مشروع قانون حل الكنيست بعد ان اقرته بالقراءة الأولى. والتزم نتانياهو بتصريحه السابق بأنه لن ينافس اذا لم ترافق انتخابات رئاسة الحكومة انتخابات عامة وهو الشرط الذي رفضته حركة شاس الدينية الشرقية، "لأننا حركة مستقلة لا ترضخ لإملاءات احد"، كما قال زعيمها السياسي ايلي يشاي الذي أعلن امس ايضاً انه سيوصي مجلس الحاخامات باتخاذ قرار لدعم شارون ضد باراك أو بيريز على حد سواء. واعتبرت النائبة ليمور لفنات ليكود ان ما حصل في الكنيست "صالح ولكن رائحة كريهة تنبعث منه وستطال في المستقبل حركة شاس وزعماءها الذين تصرفوا بشكل يثير التهكم، كما ستصل الى باراك وحزبه". ورأى المعلق في صحيفة "معاريف" شالوم يروشالمي ان نتانياهو "بدا كعاصفة التورنيدو، وصلت قبل ثمانية أيام وكادت تجرف معها، بحركة دائرية، الساحة الحزبية الاسرائيلية الى اتجاه غير معلوم. وفجر اليوم، واذْ لم تحل الكنيست نفسها، تركت عاصفة نتانياهو البلاد واتجهت الى طريقها، وتركتنا مع باراك وشارون وكتلة شاس وحاخاماتها بعد اخفاقها في اقتلاعهم". وكتب حيمي شيليف يقول: "ذات مرة وجدنا صعوبة في تفسير النظام الحزبي عندنا للآخرين، واليوم نكاد نكون غير قادرين على ان نشرحه حتى لأنفسنا... حتى قبل أقل من يومين اعتقدنا بأن من الواضح جداً ان المنافسة الأكيدة والمنطقية ستكون بين باراك ونتانياهو، واليوم أمامنا أوبيرا اخرىا مغايرة تماماً... يبدو ان باراك كان صادقاً في قوله ان اعضاء الكنيست سيفضلون الالتصاق بكراسيهم". في اشارة الى تغيير غالبية النواب مواقفهم من مشروعي قانون نتانياهو وقانون حل الكنيست بين القراءة الأولى والقراءتين الثانية والثالثة، فالمؤيد أصبح معارضاً والمعارض أصبح من اشد المتحمسين! الاحزاب العربية وتواصلت امس الاتصالات بين نواب الكتل العربية عشية اجتماعهم اليوم في محاولة للاتفاق على ترشيح أحدهم لرئاسة الحكومة. والى جانب ترشيح النائب احمد الطيبي نفسه ترى القائمة العربية الموحدة ان المرشيح يجب ان يكون منها كونها الكتلة العربية الأكبر خمسة نواب فيما أعلنت الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة 3 نواب ان "ممثل الجبهة هو المرشح المناسب لرئاسة الحكومة مع مراعاة التطورات وبالتشاور مع قوى اخرى ويحظى بتأييد ودعم واسعين من القوى الديموقراطية وقوى السلام العربية واليهودية ويمثل وحدة مصالح الجماهير العربية" في اشارة واضحة الى انها لن تؤيد ترشيح النائب عبدالمالك دهامشة، ممثل الحركة الاسلامية في القائمة الموحدة. وامس قال مصدر في الجبهة ل"الحياة" ان المعارضة لدهامشة ليست شخصية، انما الهدف الاتفاق حول مرشح يمثل كل قطاعات وانتماءات المواطنين العرب. واضاف: "ونتفهم في الوقت نفسه المعارضة الاسلامية لترشيح النائب محمد بركة، رئيس كتلة الجبهة لأنه يمثل التيار الشيوعي". وأضاف المصدر ان من الأفضل السعي لاختيار مرشح علماني، من القائمة العربية الموحدة بصفتها الأكبر في الكنيست. من ناحية ثانية، قال النواب العرب ان "تصويتهم لصالح قانون نتانياهو - الذي يسمح له بالترشح لرئاسة الحكومة - جاء لإفشال محاولة نتانياهو العودة الى المعترك السياسي، واليمين الى السلطة بعد ان أعلن انه يرفض هذا القانون ويشترط المنافسة بحل الكنيست. وقال محمد بركة: "عندما كان نتانياهو وراء قانون نتانياهو، كنا ضد القانون، وعندما قال انه ضد القانون نحن قلنا اننا نريد ان نقطع الطريق امام عودته الى الحكم لأننا نعتقد انه خطير، علماً اننا قلنا ونقول اننا ضد نهج ايهود باراك وسياسته".