أثار قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سحب قواته من الشيشان، ردود فعل واسعة. واعتبرته قيادة المقاومة مناورة دعائية تستهدف امتصاص الغضب الأوروبي. وأكدت أن روسيا تحتفظ ب250 ألف عنصر في الشيشان، فيما ذكر ناطق باسم الكرملين ان الحملة القوقازية قد تنتهي قبل 15 أيار مايو المقبل. وكانت موسكو بدأت سلسلة نشاطات على المحور الشيشاني، إذ اعتمد بوتين هيكلية جديدة للإدارة المدنية وقرر تشكيل حكومة في الشيشان، ثم أصدر مرسوماً يقضي بالانسحاب التدريجي للقوات الروسية وتحويل قيادتها الميدانية من وزارة الدفاع الى هيئة وزارة الأمن. وذكر مساعد رئيس الدولة لشؤون الشيشان سيرغي ياسترجيمبسكي أن بوتين كلف وزير الأمن نيكولاي باتروشيف قيادة غرفة عمليات في القوقاز على أن يقدم تقريراً عن "نتائج" الحملة قبل 15 أيار مايو المقبل، ما يوحي أن موسكو تنوي إنهاء الحرب في هذا التاريخ. وبموجب مرسوم رئاسي ستجري عمليات خاصة ل"تحييد" أي تصفية، لقادة المقاومة وضرب المجموعات المتبقية، ولهذا الغرض سيجري تعزيز وحدات الأمن على أن تساندها قوات وزارة الداخلية مع الاستعانة بتشكيلات وزارة الدفاع وخصوصاً وحدات الاستطلاع والعمليات الخاصة. إلا أن قيادة المقاومة الشيشانية وصفت كل هذه الإجراءات بأنها "حملة دعائية"، قالت إن هدفها التأثير في الجمعية البرلمانية للمجلس الأوروبي التي ستناقش غداً الخميس تمديد أو إلغاء العقوبة التي فرضت على روسيا بمنع وفدها من التصويت الى حين نقل الصراع القوقازي الى مسار سياسي. وأشار موقع "صوت القوقاز" الى تضارب الأرقام التي قدمها الروس عن تعداد قواتهم في الشيشان، إذ ذكر آمر العمليات في هيئة الأركان الجنرال بالويفسكي انه يوجد هناك 40 ألف جندي وضابط روسي، فيما أوضح ياسترجيمبسكي أن هذا الرقم يشمل منسوبي وزارة الدفاع فقط. وأضاف أن هناك 40 ألف عنصر من الوزارات الأخرى. أما الشيشانيون فأكدوا وجود 250 ألف عنصر يجري تبديلهم باستمرار. وبعدما كان ياسترجيمبسكي تحدث عن وجود ألف مقاتل شيشاني فقط، ذكر الجنرال الكسندر غوروف رئيس لجنة الأمن في مجلس الدوما أمس، أنه ما زال هناك 2700 مقاتل بينهم 300 عربي. ولاحظ المحللون الروس أن قرارات بوتين تهدف الى تحقيق أغراض عدة، فهي تؤمن غطاء شرعياً للعمليات، إذ إن مشاركة الجيش ينبغي ان تقترن بإعلان حال الطوارئ واستحصال موافقة البرلمان، في حين ان استخدام وحدات وزارتي الأمن والداخلية يمكن ان يتم بقرار رئاسي ضمن الصلاحيات الممنوحة لرئيس الدولة. ومن جهة أخرى، فإن موسكو تحاول أن ترد الآن على اتهامات ب"الإفراط في استخدام القوة" وتقتصر على عمليات محدودة ضد مجموعات توصف بأنها إرهابية. ويشير المراقبون إلى أن وحدات وزارة الأمن تعد "الأقل سوءاً" في مجال انتهاك حقوق الإنسان واستحصال "الخوات" من المدنيين، ولذا فإن توليها القيادة الميدانية يمكن ان يخفف من مشاعر النقمة. وأخيراً، فإن زيادة الاعتماد على الشرطة المحلية يعني "شيشنة" الصراع وتوسيع استخدام المتعاونين مع موسكو في مكافحة رجال المقاومة. وتفيد "تسريبات متعمدة" أن ثمة قوى روسية تراهن على شق حركة المقاومة. وذكر ناطق باسم وزارة الأمن ان مجموعة القائد الميداني شامل باساييف طلبت من رئيس بعثة تقصي الحقائق اللورد جاد "تجاهل" الرئيس المنتخب أصلان مسخادوف، وذكرت ان نائب باساييف مولودي اودوغوف أجرى اتصالاً مع جاد وأبلغه أن مسخادوف "ليس له أي تأثير". وأصدر أودوغوف بياناً اعتبر فيه هذا التصريح "كذباً بلا حياء" بغرض إثارة الشقاق والبلبلة. ومن جهتها، بثت وكالة انباء "ايتار تاس" الرسمية خبراً نقلته عن اجهزة أمنية ومفاده ان مسخادوف طلب من أنصاره الانتقال الى جورجيا وأذربيجان أو الحصول على "غطاء شرعي" داخل الشيشان وعدم القيام بأي عمليات ريثما تجهز القوات الروسية على القيادات الراديكالية بزعامة باساييف و"خطاب".