الهدوء النسبي في الشيشان قد يسبق العاصفة، أو ربما أصبح تمهيداً لتسوية سياسية دعا اليها الرئيس الشيشاني اصلان مسخادوف ولم ترفضها موسكو، وعلمت "الحياة" ان عدداً من الاعيان الشيشانيين وصل الى العاصمة الروسية لبحث خطة تفصيلية سيعلن عنها الرئيس فلاديمير بوتين قريباً. وحمل مسخادوف للمرة الأولى القائد الميداني المعروف شامل باسايف مسؤولية الحرب، متهماً المتمول اليهودي بوريس بيريزوفسكي بتمويل هجوم باسايف على داغستان. ولوحظ ان البيانات العسكرية الروسية اقتصرت على الإشارة الى اطلاق نار متقطع في عدد من المواقع، وذكرت ان الطائرات الروسية قامت بثلاث طلعات فقط. ونقلت اذاعة "الحرية" ان مسخادوف اصدر أوامره بوقف "العمليات الكبيرة" بغية تهيئة الاجواء لمفاوضات محتملة، في حين ان الجنرالات الروس ذكروا ان الشيشانيين يعيدون ترتيب قواتهم استعداداً لهجوم ربيعي واسع. وبثت الاذاعة الالمانية حديثاً مع الرئيس الشيشاني اشار فيه الى ان قواته تكبدت خسائر، لكنه قال ان 23 ألف مقاتل تحت امرته حالياً وهم مستعدون لمواصلة المقاومة، الا انه اقترح حقن الدماء والشروع في مفاوضات من دون شروط مسبقة. وانتقد مسخادوف للمرة الأولى أحد أبرز قادته العسكريين شامل باسايف لقيادته حملة غزو جمهورية داغستان المجاورة. وقال ان باسايف يتحمل قسطاً من المسؤولية عن الحرب الحالية التي ذكر ان هناك من يمولها في روسيا، وسمى تحديداً البليونير اليهودي المعروف بوريس بيريزوفسكي. واكد الرئيس الشيشاني ان مولودي اودوغوف الذي قاد الحملة الاعلامية اثناء الحرب الأولى وصار نائباً لرئيس الوزراء "لا يمثل أحداً" في الوقت الحا ضر. وقال انه لم يخول التحدث باسم القيادة الشيشانية. ومن جانبه وجه مفتي الشيشان احمد الحاج قادر اتهامات خطيرة الى العسكر الروس وقال انهم "يبيعون" معلومات، وتساءل: كيف يتسنى لوحدات باسايف التي تضم 1500 عنصر ان تنتقل بسهولة من غرب الشيشان الى شرقها على أرض مكشوفة من الجو من دون ان يعترضها الطيران الروسي؟ وأضاف ان "هذه الحرب مسرحية، لكنها دموية، ثمة من يموت فيها وثمة من يكسب". واقترح المفتي الذي اختلف مع الرئيس الشيشاني وعقد تحالفاً مع موسكو استقالة مسخادوف ونقل السلطة الى البرلمان الشيشاني الذي انتخب عام 1997، وهو غير برلمان 1996 الذي تعترف به موسكو لأنه ضم "نواباً" موالين لها. وقدم شيشاني معروف آخر هو يوسف سوسلانبيكوف رئيس "مؤتمر شعوب القوقاز" اقتراحات تقوم على فكرة المصالحة الوطنية الشيشانية قبل التفاوض مع موسكو. واقترح هذا السياسي الذي احتفظ بعلاقات متوازنة مع السلطة الفيديرالية وحكومة غروزني والقوى المعارضة لها، تشكيل مجلس من 20 شخصية على ان يكون ب"رأسين"، اذ يتولى اداري محنك الاشراف على شؤون الاعمار وإعادة بناء الاقتصاد فيما يقوم "رجل محايد ومحترم" بالشؤون السياسية. واعترف ان الكرملين "لا يريد ان يسلم السلطة في الشيشان" الا لمن يدينون بالولاء لروسيا. وطلب من موسكو التخلي عن هذه الفكرة مؤكداً انه "لا يمكن إبادة كل المستائين من روسيا". وكان الرئيس الروسي المنتخب ابلغ وفد "الترويكا" الأوروبية انه سيعلن قريباً خطة للتسوية السياسية كشفت بعضاً من تفاصيلها صحيفة "فريميا" التي ذكرت ان الكرملين تخلى عن فكرة "الحكم الرئاسي المباشر" الذي يجعل بوتين مسؤولاً عن كل ما يجري في الشيشان. وبدلاً من ذلك ستعين موسكو "ممثلاً" للمركز الفيديرالي بصلاحيات واسعة. واكدت الصحيفة ان نائب رئيس الوزراء الروسي نيكولاي كوشمان سيكلف هذه المهمة على ان يكون له نواب شيشانيون. ومن الاسماء المرشحة رئيس البرلمان الفيديرالي السابق رسلان حسبولاتوف ورئيس الوزراء الشيشاني السابق سالاسبيك حجييف ورئيس البرلمان الشيشاني السابق ليشا محمدوف. وعلمت "الحياة" ان وجوهاً شيشانية معروفة وصلت الى موسكو لعقد اجتماع مع ممثلي الشتات الشيشاني واختيار "هيئة اعيان" ترفع توصيات الى الحكومة الفيديرالية وتهيئ لمفاوضات وانتخابات لاحقة.