تنتشر أسلاك الاتصالات سريعاً وتتشعّب في كل أنحاء المعمورة. واليوم، يستطيع سلك "ليفي - ضوئي" Fiber Optical واحد، سماكته لا تتعدّى سماكة "شَعْرة"، حمل 30 مليون مكالمة هاتفية. وفي ظل ارتفاع ضغط الاتصالات الناجم عن الإنترنت وعن انحسار شدّة القوانين والتدابير الرسمية التي ترعى الاتصالات، استطاعت نُظم كابلات دولية، تموّلها مؤسسات خاصة، من أمثال نُظم "فلاغ" FLAG، "جميني" Gemini، "أوكسيجين" Oxygen و"سي مي وي" Sea Me We وغيرها، ترسيخ تجارة باتت موضع منافسة. ويُتوقّع أن تحتلّ اتصالات الإنترنت ما بين 80 و90 في المئة من سعة الكابلات البحرية العابرة المحيطات. لم يعد مشهد المرتفَع الصخري الشاهق الذي تتلاطم عند أقدامه أمواج البحر العاتية، فيما "بطل" الفيلم ينظر إلى الأفق البعيد، يعبّر عن نهاية عالم أو حضارة. فتحْت الأمواج، تمتد ألياف مديدة تربط القارات بعضها ببعض، صوتاً وصورة ونصّاً، تلتفّ حول الأرض، كأنها عقد يتلامع على صدر كوكبنا الأزرق. وأول كابل هاتفي نحاس عبر الأطلسي، كان عام 1956، وكان يحمل 63 مكالمة هاتفية فقط. وأول كابل ليفي - ضوئيFiber Optical فمُدّ عبر الأطلسي عام 1988، وكان يحمل 8000 دائرة تعمل بمعدّل 64 كيلوبت في الثانية، على زوج من الألياف. أما نظام "فلاغ" FLAG والعبارة اختصار Fiber-Optic Link Around the Globe، ومعناها وصلة الألياف الضوئية حول الكرة الأرضية، فيستطيع حمل 120 ألف دائرة تعمل بمعدّل 64 كيلوبت في الثانية، على زوج من الألياف. وافتتح "فلاغْ" حقبة جديدة في عالم الاتصالات البعيدة. فعندما انتهى تمديد الكابل، في أيلول سبتمبر 1997، شكّل أطول بنية في التاريخ والعالم، من صنع الإنسان وتجميعه. وقد ربط المملكة المتحدةواليابان عبر نظام معقّد مؤلّف من كابلات ومراسٍ أرضية وأجهزة لتعزيز الإشارات repeaters، بلغ طوله 28000 كلم أي أكثر من ثلثي محيط الأرض. ويستطيع هذا الكابل حمل 600 ألف مكالمة في آن، فضلاً عن تأمين تنظيم متنوّع لحركة مرور الاتصالات عبر المسارات الرئيسية. جاء المشروع ليسدّ فراغاً في سعة خطوط الاتصالات وقدرتها. ويخدم البلدان الواقعة على المحيطين الأطلسي والهادئ بدوائر اتصال تعمل بمعدّل200 الف كيلوبت في الثانية، وتبلغ سرعات تبادل الاشارات والبيانات 2 ميغابت في الثانية E-1 و45 ميغابت في الثانية DS-3 و155 ميغابت في الثانية STM-1. وتحقق الخطوط الليفية - الضوئية سرعات اتصال مذهلة. فالوصلات الواقعة بين المحطات الهاتفية تصل معدّلاتها إلى جيغابت في الثانية، وتتواصل الدول بمعدّلات تصل إلى 5،2 تيرابت في الثانية تيرابت = ألف جيغابت، ما يوازي 30 مليون مكالمة هاتفية أو 500 الف قناة فيديو بجودة البث، أي أن فيلماً سينمائياً ضخماً، مثل "تايتانك"، يمكن إنزاله خلال 1 على 100 من الثانية. في منطقتنا العربية، يمرّ "فلاغْ" بخمسة مراسٍ أرضية: الاسكندرية والسويس في مصر، والعقبة في الأردن، وجدّة في المملكة العربية السعودية، والفجيرة في الإمارات العربية المتحدة. ويقع في الفجيرة، منتصف نظام الكابل، "مركز عمليات شبكة فلاغْ" FNOC الذي يشرف على الشبكة على مدار الساعة، مؤمّناً استمرار إرسال الإشارات العالية الجودة على الدوام. كذلك، يساعد في نشاطات دعم الزبائن في البلدات التي توجد فيها المراسي ويسهر على أمن النظام وعملياته. بلغت كلفة المشروع 5،1 بليون دولار، وقد أسسته شركة "فلاغ المحدودة" FLAG Ltd.، وهي تجمّع من ست مؤسسات: مجموعة دلّة البركة السعودية، "نينكس نتووركس سيستمز" و"غلف أسوشييتس" الأميركيتان، صندوق هونغ كونغ للاستثمارات الأسيوية، شركة "تيليكوم هولدينغ" في بانكوك، مؤسسة "ماروبيني" اليابانية. ... ونظام "سي مي وي" انتهت المرحلة الثالثة من نظام "سي مي وي" Sea Me We في حزيران يونيو 1993، وطوله 39000 كيلومتر من الكابلات، ما يوازي تقريباً محيط الأرض البالغ 40000 كيلومتر. يربط 4 قارات أوروبا، أفريقيا، آسيا، أوقيانيا وله 39 مرسى في 33 دولة، العربية منها هي: مصر والمملكة العربية السعودية وجيبوتي وعُمان والإمارات العربية المتحدة، وينزل إلى أستراليا ويصل إلى اليابان. تبلغ معدّلات تبادل الاشارات والبيانات 20 جيغابت في الثانية، أي 40 ضعفاً قدرةَ مرحلته الثانية "سي مي وي 2" التي وضعت قيد الخدمة في تموز يوليو 1994. وبذلك، تخدم مرحلته الثالثة أكثر من ثلثي سكان الأرض. ويستطيع وصل نصف مليون شخص في آن، تفصل بينهم مسافة 10000 كليومتر. وبلغت كلفة المشروع، ما عدا منشآته، 5،1 بليون دولار، موزّعة على 93 مؤسسة اتصالات عالمية. [email protected]