"انترنت أسرع من 20 إلى 30 مرة للجميع، للشركات كما للأفراد، وذلك قبل نهاية السنة". هذا ليس مزاحاً، بل مشروع جدي، إذ أعلنت ثلاث من أكبر شركات الكومبيوتر في العالم هي مايكروسوفت وكومباك وانتل، آخر كانون الثاني يناير الماضي، تحالفها لاعتماد مقياس موحد للوصول الى شبكة انترنت بسرعة 5،1 ميغابت في الثانية. ويمكن لهذا المستوى من التدفق ان يحمّل النسخة الرابعة من كوميونيكيتر 5،9 ميغابايت خلال فترة لا تتجاوز 50 ثانية بينما يستغرق هذا التحميل حوالى نصف ساعة بواسطة جهاز مودم سرعته 56 كيلوبت في الثانية. والوسيلة للوصول الى هذه السرعة معروفة وهي خط الاشتراك الرقمي الشامل Universal Digital Subscriber Line او UDSL وهو مشتق من تقنية خط الاشتراك الرقمي اللامتماثل Asymmetric DSL المعروفة منذ سنوات عدة. ويشكل هذا الخط مقياس وصول الى الشبكة بسرعة مرتفعة تصل الى 8 ميغابت في الثانية. وبما انه غير متماثل يختلف تدفق البيانات بين الاتجاه الصاعد من المستخدم الى الشبكة والاتجاه النازل من الشبكة الى المستخدم. وعلى رغم وصول مقياس الخط الشامل الذي تدعمه مايكروسوفت وكومباك وانتل، الى سرعة 5،1 ميغابت في الثانية في الاتجاه النازل، لا تزيد سرعته في الاتجاه الصاعد عن 384 كيلوبت في الثانية. الا ان هذه السرعة تبقى مرتفعة جداً مقارنة بالسرعات المتوافرة حالياً. فحتى سرعة تقنية الشبكة الرقمية المدمجة ISDN ذات الخطين لا تصل الا الى 128 كيلوبت في الثانية. وفضلاً عن سرعته الكبيرة يتميز الخط اللامتماثل باستخدامه خطوط الهاتف العادية الا انه يتطلب تحديث مقسمات الهاتف والمقابس الموجودة لدى المستخدم مما يعيق انتشاره لأن الاستثمارات الضرورية لهذا التحديث كبيرة، على رغم كونها أقل من الاستثمارات الضرورية لتركيب خطوط الياف بصرية fiber optic. تعدد المقاييس إلا أن كلفة التحديث لا تشكل العائق الوحيد امام انتشار تقنية الخط اللامتماثل، فالمشكلة الأساسية هنا هي تعدد المقاييس ولا سيما أن هذه المقاييس ليست متوافقة بين بعضها، فقد تعددت اللفظات الاوائلية ADSL، HDSL، VDSL أو CDSL التي تدل الى تقنيات تعمل حسب المبدأ نفسه غير انه لا يمكن لجهازي مودم يستخدم كل منهما تقنية مختلفة ان يتبادلا البيانات. والاخطر من ذلك هو ان جهازي مودم يستخدمان المقياس نفسه لا يمكنهما التحاور بسهولة اذا كان مصنعا الجهازين مختلفين. ويشبه هذا الوضع حالة اجهزة المودم التي تعمل بسرعة 56 كيلوبت في الثانية، اذ ان مقياس "كيه. 56" من روكويل لا يتوافق مع مقياس "اكس. 2" من "يو. اس. روبوتيكس" مع اننا نشهد حالياً محاولات حثيثة لتوحيد هذين المقياسين. وتبرز هنا اهمية اعلان الشركات الثلاث الكبيرة التي تدعمها اكثر من 25 شركة متخصصة في الاتصالات والشبكات والمنضوية تحت راية تجمع العمل من اجل الخط الشامل ADSL Working Group على العنوان www.uawg.com، فمن المتوقع ان يساهم تجمع هذا العدد من اللاعبين في سوق الاتصالات تحت راية واحدة في تسهيل اعتماد مقياس الخط الشامل الذي تقل سرعته عن الخط اللامتماثل، مما يتيح له استخدام مكونات اقل قوة وبالتالي اقل كلفة كما يتيح للمستخدم وصل جهازه الداعم للخط الشامل في مقبس الهاتف العادي لديه. إضافة الى ذلك، يمكن لخط هاتفي واحد ان يستقبل بيانات رقمية واصوات على جهاز هاتف تقليدي في وقت واحد مما يلغي الحاجة الى خط اضافي. وبعبارة اخرى يؤدي الخط الشامل الى امكان ظهور حلول موجهة الى الجمهور قبل نهاية السنة الحالية على الاقل في الولاياتالمتحدة وهو تاريخ لم يحلم به اكثر التوقعات تفاؤل مما يفتح المجال لارتفاع سرعة الوصول الى انترنت في كل انحاء العالم مع حلول سنة 2000. ولكن ما هي كلفة اعتماد هذه التقنية بالنسبة للمستخدم العادي؟ إن أول عرض تجاري لتقنية الخط الشامل قدمته شركة بي.سي. تل الكندية لسكان مدينة فانكوفر الذين يمكنهم الوصول الى انترنت بسرعة تراوح بين 1 و4 ميغابت في الثانية وذلك في مقابل رسم اشتراك يبلغ 65 دولاراً كندياً في الشهر حوالى 30 جنيهاً استرلينياً. الا ان اسعار اجهزة المودم الداعمة للخط الشامل لا تزال تبلغ مئات عدة من الجنيهات ولكن من المتوقع ان تنخفض هذه الاسعار بشكل حاد عندما تنتشر هذه التقنية في السوق الاستهلاكية. انترنت في تحول ولكن تطوير سرعة انترنت لا يعتمد فقط على قوة اجهزة المودم لدى المستخدمين. ويظهر الدليل على ذلك من خلال التجارب المختلفة التي تقوم بها فرانس تليكوم في مدن عدة في فرنسا. فقد زودت هذه الشركة عينة من المستخدمين بأجهزة تتيح لهم الوصول الى الشبكة بسرعة نظرية تبلغ 2 ميغابت في الثانية. الا ان هؤلاء المستخدمين متصلون فعلياً بخط تبلغ سرعته 512 كيلوبت في الثانية اي ما يعادل ربع السرعة النظرية. وتنخفض هذه السرعة اذا اتصل جميع المستخدمين بالشبكة في وقت واحد. والمشكلة هنا هي هندسة انترنت نفسها اذ ان المستخدمين الذين يملكون اجهزة تدفق مرتفعة لا يمكنهم استغلال هذا التدفق الا اذا كانت المسالك الاساسية للشبكة backbones معدة لذلك مما يرفع كلفة هذه المسالك بشكل مطرداً. فيتكلف حالياً موفر وصول الى انترنت حوالي 10 آلاف جنيه استرليني في الشهر مقابل خط 1 ميغابت في الثانية من اوروبا الى اميركا عبر الكابلات البحرية. وبالطبع يعوض هذا الموفر المبلغ الذي دفعه من خلال تقسيم قدرته على عشرات المشتركين لديه الا انه عندما يتزود المشتركون بأجهزة اتصال سريعة مثل الاجهزة الداعمة للخط الشامل لا يعود من الممكن الاكتفاء بخط 1 ميغابت في الثانية ويتحتم البحث عن حلول اخرى. اننا نشهد حالياً فترة تحول عميق في شبكة انترنت. كيف يعمل مقياس الخط الشامل منذ اختراع الهاتف وحتى اليوم تنتقل فيه الاصوات والبيانات الرقمية داخل نطاق يتراوح تواتره بين صفر و4 كيلوهيرتز. الا انه اصبح الآن من الممكن استخدام نطاقات يبلغ تواترها مئات عدة من الكيلوهيرتز في خط نحاسي واحد. ويعتمد مبدأ الخط الشامل على تقسيم هذا التواتر الواسع الى 256 نطاقاً صغيراً ومستقلاً بتواتر يبلغ 4 كيلوهيرتز للنطاق الواحد. ويبقى على جهاز المودم الذي يدعم هذه التقنية ان يجمع هذه النطاقات الصغيرة لبلوغ سرعته القصوى.