أظن أن أزمة الروايات الثلاث الأخيرة وردود الأفعال حولها تعددت دلالاتها. وأبرزها فضح الخطاب الثقافي الزائف، فهي تكشف موقف السلطة الثقافية في خضوعها للجماعات الدينية المتطرفة ومفردات خطابها القمعي وتكشف في الوقت نفسه اهتزاز كرسي وزير الثقافة وهلعه من أجل المحافظة عليه. وكشف الموقف أيضاً عن انتهازية بعض وجوه التنوير من المثقفين المصريين والتناقض بين خطابهم الفكري المؤسس على الحرية وبين دفاعهم الوظيفي عن القمع والمصادرة. كشفت الأزمة عن ان ولاء هؤلاء المثقفين للسلطة ولمناصبهم ومصالحهم أكثر قوة من قضايا التنوير. فالذين كتبوا وتضامنوا وهرعوا إلى دار القضاء العالي للإبلاغ عن أنفسهم وتحمل المسؤولية القانونية في أزمة "الوليمة" لم نسمع لهم صوتاً في الأزمة الأخيرة على رغم أن القمع واحد. ولعل موقف المثقفين الاحتجاجي الغاضب والمتمثل في بياناتهم ومقاطعاتهم لنشاطات وزارة الثقافة، والذي يعد امتداداً لدفاعهم عن مبدأ حرية التعبير، واستمراراً لمجابهة خطابات القمع، هو تأكيد على رفض أشكال المصادرة والرقابة على الإبداع ورفض القراءة الأخلاقية والدينية للأعمال الابداعية ورفض الوصاية على الفكر. كاتبة مصرية.