سجلت أمس مفاجأة في الجلسة الأولى لمحكمة أمن الدولة العليا في مصر، والتي بدأت أمس النظر في قضية التجسس لإسرائيل، المتهم فيها المصري شريف فوزي الفيلالي والروسي غريغوري غيفنس فار، إذ أكد الدفاع أن التحقيقات كشفت أن المتهميَن كانا يستعدان للإقامة في العراق بصفة دائمة، لترتيب صفقات أسلحة من دول أوروبية للجيش العراقي. واستند الدفاع إلى الواقعة لنفي تهمة العمل مع جهاز الاستخبارات الإسرائيلية موساد عن الفيلالي. وكانت الجلسة عقدت وسط إجراءات أمنية مشددة، وفي حضور مكثف لمراسلي الصحف ووكالات الأنباء، ودخل الفيلالي قفص الاتهام مكبلاً بقيد حديد وضع طرفه الثاني في يد شرطي،. وقرأ المحامي العام لنيابة أمن الدولة العليا المستشار هشام بدوي لائحة الاتهام التي جاء فيها أن الفيلالي خلال الفترة من شباط فبراير 1996 حتى أيلول سبتمبر 2000 "تخابر مع مَن يعملون لمصلحة دولة أجنبية بغرض الاضرار بالمصالح القومية لمصر، بأن اتفق مع المتهم الثاني وآخرين للعمل لحساب جهاز الاستخبارات الإسرائيلية موساد وتسليمهم معلومات وتقارير عن الأوضاع السياسية والاقتصادية والسياحية في البلاد"، و"حصل على أموال في مقابل الاضرار بمصالح مصر، إذ تسلم 5 آلاف دولار لإمداد موساد بالمعلومات". وأضاف بدوي ان المتهم الثاني "شارك بطريق الاتفاق مع المتهم الأول في ارتكاب جريمة التخابر، وطلب منه معلومات عن الأوضاع في مصر، فتمت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وأعطي المتهم الفيلالي أموالاً مقابل عمله". ونادى القاضي على الفيلالي الذي كان يرتدي ملابس رياضية وسأله عن الاتهامات الموجهة إليه، فاكتفى بإنكارها مردداً "محصلش". ثم تحدث المحامي أحمد سعيد عبدالخالق وانتقد معالجة الصحف المصرية القضية، معتبراً أن وسائل الإعلام قضت بإدانة المتهم قبل أن يبدأ النظر في القضية. وأشار إلى موقف مفتي البلاد الدكتور نصر فريد واصل من مسألة الدفاع عن المتهمين بالتجسس، وعرض على المحكمة صحفاً كانت نسبت إلى المفتي فتوى بعدم جواز الدفاع عنهم، ثم تصريحاً لواصل ينفي فيه أن يكون أفتى بذلك. ولفت إلى أن المفتي أكد حرمة الدفاع عمن يعترف لمحاميه بأنه مذنب. وتلا المحامي خبراً نشرته صحيفة مصرية عن طلب نائب في البرلمان الكويتي التحقق من معلومات وردت عن الكويت في ملف القضية، وكشف أن موكله كان اتفق مع المتهم الروسي على السفر إلى العراق للإقامة هناك من أجل تسهيل صفقات أسلحة من دول أوروبية إلى بغداد. وأكد أن الفيلالي كان توجه اثناء إقامته في اسبانيا في حزيران يونيو الماضي إلى مقر السفارة المصرية في مدريد، وطلب لقاء الملحق العسكري فسمحوا له بلقاء الملحق التجاري، فأبلغه المتهم أن صديقه الروسي ينوي تهريب اسلحة الى العراق من دول أوروبية، وأنه يعتزم السفر معه للإقامة هناك، واستفسر عن مدى قانونية هذا العمل. واضاف المحامي: "ما كان من السفارة إلا أن خاطبت جهاز الاستخبارات المصري، فتحول موكلي إلى متهم في قضية تجسس، وحين وصل إلى مصر في 10 أيلول سبتمبر الماضي ذهب تلقائياً إلى مقر الاستخبارات، وقدم بلاغاً عن الواقعة، وللمرة الأولى في التاريخ نرى الجاسوس الذي يلجأ عادة إلى التخفي والعمل في السر، يذهب ليقدم بلاغاً إلى الأجهزة الرسمية". وانتقد خلو أوراق القضية من تفاصيل عن الأشخاص الذين التقاهم المتهم في مقر الاستخبارات ونوع عملهم، مستغرباً اعتقال موكله بعد ساعات قليلة على مغادرته المقر، بعد أيام ظل يتردد فيها إلى هناك. ورفض الاعتداد بتقارير صادرة عن الاستخبارات في شأن المضبوطات التي عثر عليها في منزل المتهم، وبينها جهازا كومبيوتر وديسكات وأوراق، وطلب تشكيل لجنة تضم خبراء من وزارات الدفاع والخارجية والسياحة والاقتصاد والتعمير، لفحص المضبوطات وكتابة تقرير "محايد" عنها. كما طلب مناقشة شهادة شاهد الإثبات العميد حسن صادق فرغل، ومناقشة رئيس هيئة الأمن القومي، وحضور سفير مصر لدى اسبانيا حسين هريدي، واستدعاء الملحق التجاري هناك السعيد قاسم والسيد مجدي شهدي الملحق العسكري في السفارة لمناقشتهم في البلاغ الذي قدمه المتهم. كما طلب الدفاع حضور العقيد سيف الدين الفيلالي لمواجهته بشاهد الاثبات الأول في الدعوى، وسماع أقوال سامي الفيلالي لمعرفة هل أرسل إليه المتهم دعوة للحضور إلى اسبانيا أو المانيا أو أي دولة كي يجنده كما ورد في أمر الإحالة، ومناقشة فايز إبراهيم حنا غبريال عن العلاقة الأصلية بينه وبين المتهم الثاني الفار غريغوري غيفنس. وطلب المحامي التصريح له باستخراج شهادة من دائرة الجوازات عن تحركات المتهم الفيلالي بدءاً من عام 1990 حتى 10 أيلول 2000، وانتداب لجنة تضم ممثلين من وزارات الدفاع والاقتصاد والسياحة لإعداد تقرير. وعقبت النيابة بأن المتهم لم يقدم بلاغاً عن أنه يتاجر بالسلاح مع المتهم الروسي، وأوضح المستشار بدوي أن القانون ينص على أن جريمة التخابر تقع إذا سعى الشخص إلى جمع معلومات تضر بمصالح مصر القومية، وأن الفعل هذا يشكل جريمة. وأورد مواد في القانون تحظر إدلاء رئيس جهاز الأمن القومي أو العاملين في الاستخبارات بأقوالهم أو كشف طبيعة نشاطهم إلا بإذن خاص من رئيس الجمهورية. وقررت المحكمة تأجيل النظر في القضية إلى جلسة تعقد في 11 شباط فبراير، والموافقة على طلبات الدفاع ما عدا طلب الاستماع إلى أقوال السفير المصري في مدريد أو رئيس هيئة الأمن القومي.