بدأت صالات عرض السينما في السويد عرض الفيلم السويدي الأول للمخرج اللبناني الأصل جوزف فارس، والذي يحمل عنواناً عربياً هو "يللا يللا" ومضمونه اجتماعي من النوع الدرامي الكوميدي. وتدور احداثه على شابين في سن المراهقة يعيشان في مدينة سويدية صغيرة، ويمران في مشكلات هذه السن، محاولَين تخطيها من خلال مساعدة بعضهما بعضاً. الشاب "مونس" يعاني مشكلات جنسية يخجل في التكلم عليها، الا لزميله "رورو" الذي يواجه بدوره مصاعب ضغط والديه عليه لتزويجه من فتاة لا يعرفها ولا يحبها. شابان يعانيان مشكلات شبيهة بمشكلات شبان كثر في العالم، لذا يخرج الفيلم عن نطاق حصره في دائرة حضارة او مجتمع واحد. وعلى رغم ان المخرج الشاب 23 سنة ترعرع حتى سن العاشرة في لبنان، فهو يسعى الى صنع افلام ليست بعيدة من المجتمع السويدي الذي أمضى فيه اكثر من نصف حياته، وينحو إلى أن يخفف من اهمية "الهالة المصطنعة" حول المخرجين. ويقول فارس: "اعتقد ان دور المخرج، في معظم الاحيان، يكون مضخماً كثيراً، واعترف بأني كمخرج لا املك اجوبة عن كل شيء، لكنني اريد ان تكون الأمور سهلة، واسعى إلى توفير ظروف يرتاح فيها فريق العمل اثناء التصوير. ثم اني احب اشراك كل اعضاء فريق العمل في صنع الفيلم من اجل الحصول على نوعية جيدة ومقبولة، وهذا ما حصل في فيلم يللا يللا". لم يكن من الصعب على المخرج فارس استشارة اعضاء فريقه، خصوصاً ان اكثر من نصف الممثلين والعاملين في الفيلم هم من افراد عائلته، وان والده وشقيقه يؤديان دورين رئيسيين فيه. وهذا لا يزعجه، فيعلق على ذلك بالقول: "والدي جان سرق الأضواء اثناء العرض الأول للفيلم. فهو لم يكن يرغب في مقابلة الصحافة والجمهور، بادىء الأمر، لكنه بعدما اكتشف لذة الوقوف في دائرة الضوء، اصبح من الصعب ردعه عن ذلك. وهو يطلب مني الآن ان اصنع فيلماً عن المافيا ليجسد دور زعيم مافيا". "يللا يللا" هو الفيلم السويدي الثالث يخرجه مخرج ذو خلفية اجنبية خلال اقل من عام. في البدء تولى الايراني الأصل رضا باغرز اخراج "اجنحة من زجاج"، وتبعه الإيراني الآخر رضا بارساس بفيلم "قبل العاصفة". ويأتي اليوم فارس اللبناني الأصل لينضم الى لائحة المخرجين الاجانب في السويد، الذين تمكنوا من دخول الشاشة الفضية، واحتلال مكان في عالم الافلام الطويلة السويدية التي كانت لمدة طويلة حكراً على مخرجين محليين. لكن فارس لا يعطي اهمية كبيرة ل"خرافة" ان الاجانب لا يمكنهم دخول عوالم السينما والفن والكتابة. ويقول: "هذا غير صحيح وفيلمي اكبر برهان. فهو من صنع افراد ذوي خلفية اجنبية وسيستمرون في هذا الحقل حتى يصبحوا مقبولين كما هم، وينظر الى مواهبهم وخبراتهم من دون اعتبار للونهم او موقعهم الاجتماعي". جوزف فارس لم يكن تجاوز العاشرة عندما غادرت عائلته لبنان الى السويد. وحبه عالم الافلام لم يأت مصادفة. فهو كان يعشق السينما منذ الصغر، وخصوصاً افلام الكاراتيه. في السويد صنع العشرات من الأفلام الصغيرة، ما مهد له الطريق لدخول معهد الدراما السويدي، وهو في العشرين، ليكون من اصغر الطلاب فيه. "يللا يللا" هو فيلمه الاول الذي يحظى باعجاب النقاد في السويد، إذ اجمع معظمهم على نجاحه في خطف اعجاب الجمهور بالفيلم السهل المبني على اسس درامي - كوميدي. لكنه يكشف انه يريد اخراج فيلم "اكشن" في المستقبل ليكون اول فيلم سويدي من هذا النوع، ويقول: "ليس في السويد افلام اكشن، بكل معنى الكلمة، لذا هدفي تقديم فيلم من هذا النوع في المستقبل، إلى الجمهور السويدي". لكنه لا يخفي في حديثه عن رغبته في التطرق الى ماضيه في لبنان: "عندي بعض الاشياء من لبنان اريد اظهارها للمشاهد، ليس الآن انما عندما اشعر اني نضجت بما فيه الكفاية، لانني اريد ان اصنع فيلماً عن المصاعب التي مر بها الشعب اللبناني، منها الحرب الصعبة وخوف الاطفال منها، وما شابه ذلك. وهذا يتطلب مجهوداً وخبرة واسعة. ولكن سيأتي يوم وأنجز فيلماً عن كل تلك الأمور".