أنجز المخرج اللبناني جورج شمشوم فيلمه الروائي الثاني في هوليوود: اقتباس معاصر لرواية الكسندر دوما "الفرسان الثلاثة"، مع ثلاثة ممثلين اشهرهم لي مايجورز، وهو صاحب شهرة تلفزيونية أكثر منها سينمائية اذ كان نجم حلقات "الرجل ذو الستة ملايين دولار" و"البديل". على الشاشة الكبيرة ظهر مايجورز في نحو عشرين فيلماً من منتصف الستينات وحتى اليوم من بينها "الوادي الكبير" 1968 و"المرأة الذرية" 1957 وكلاهما مأخوذان عن مسلسلين تلفزيونيين و"الوكالة" 1981 و"جرائم فتيات الغلاف" 1993. في "الفرسان الثلاثة" يبرهن شمشوم عن ميله الى تزويد الفيلم العادي بلمسة خاصة من المزج بين المرح والجدية. الفيلم يتحدث عن لقاء جديد للفرسان الثلاثة يثمر عن شراء حانة مغلقة لإعادة افتتاحها في الوقت الذي يزمع صاحب استثمارات شره الى شراء أراض من قبيلة هندية وهو مستعد للذهاب الى حد القتل من اجل الوصول الى ما يريد. المانع، سريعاً ما نعلم، الفرسان الثلاثة، أو قل الأربعة اذ ينضم اليهم الشاب الذي سيقع في غرام ابنة زعيم القبيلة. هذا ليس دمجاً بين الأدب الفرنسي وفيلم رعاة بقر، ولو ان المادة قد تبدو كذلك. بل تقع أحداث هذا الفيلم في الزمن الحالي ويبدو طازجاً في طرحه وجديداً في رؤيته على رغم ان الأحداث تسبر غور التقليد من دون مفاجآت تذكر. أسأل جورج شمشوم القادم أساساً من بلدة مزيارة في شمال لبنان عما اذا كان سعيداً بعمله فيجيب: "بالطبع سعيد لأسباب عدة: أولاً جئت الى هوليوود لكي أخرج الأفلام وها أنذا أخيراً أقوم بما جئت من اجله. ثانياً، ما تقوم به في هوليوود هو ان تجمع كل ما تنفذه مهما كان صغيراً لحسابك، انه أشبه بسلم يبنيه المرء لكي يصل الى أعلى. تعلم انني جئت من لبنان الى مدينة فيها 10 آلاف مخرج هناك 11500 مخرج مسجل في "جمعية مخرجي أميركا" واذا ما استطعت مرة كل عامين أو ثلاثة تحقيق فيلم علماً بأن اتصالاتي محدودة وشهرتي لا تزال محصورة فإن ذلك أمر جيد. أعرب لبنانيين وعرباً كثيرين جاءوا الى هنا قبل عشر سنوات وأكثر ودفنوا احلامهم وهاجروا عائدين من دون ان يحققوا أي جزء منها". صور شمشوم فيلمه هذا في كيوبيك، كندا. سمعت عن متاعب أثناء التصوير فسألته عنها: "تعرض الفيلم لمصاعب في الانتاج. أولاً كان علي ان أنجز في عشرين يوماً ما اتفقنا على انجازه في أربعين. كان المنتجون يأتون الي كل يوم مقترحين ايجازاً في السيناريو. بعض هذه الاقتراحات استطعت القيام به من دون التأثير في الفيلم، البعض الآخر عارضته. في احدى المرات مثلاً، وقبل يوم من التصوير داخل مخزن أحذية، جاء المنتجون المنفذون تعينهم شركة الانتاج لمتابعة التفاصيل المالية والانتاجية ليطلبوا مني اختيار مكان آخر للتصوير غير المخزن لأن الموازنة لا تسمح بالتصوير فيه. كان لا بد ان أبحث عن مكان آخر وانتهيت الى موقف للسيارات. غير مقنع ولا يمثل التنويع الذي أريده داخل الفيلم لكني جعلت هذا التغيير يعمل لصالح الفيلم". قبل هذا الفيلم انجز شمشوم لحساب شركة اخرى فيلم "قلب النمر": أكشن من نوع الكونغ فو أقل جودة من فيلمه الثاني لكن يحمل أسس الترفيه العام بنجاح أيضاً. "الفرسان الثلاثة"، مع مشاكله المذكورة، يشي بميل مخرجه الى الأجواء الغريبة القادمة من رأس ثري بالأفكار الفانتازية. وهذا كان عماد فيلمي شمشوم الأولين في لبنان "سلام بعد الموت" و"إفصاح" Inside/ Out. الآن، اذ يقبل شمشوم على الخمسين سنة، يشعر بأن الأبواب الموصدة التي وجدها أمامه منذ ان ترك لبنان في العام 1975 بدأت تُفتح. ثانياً على القائمة تشكيل مجموعة من السينمائيين الأصدقاء بغية تحقيق أفلام وبرامج تلفزيونية لحسابها وليس لحساب آخرين. وعلى رغم صعوبة هذه الطريق، الا ان شمشوم لا يجدها أصعب من العمل لحساب شركات اخرى: "في هوليوود عليك ان تعمل وتعمل ولا تتوقف. لا مجال للشكوى. اذا أردت الوصول تسعى الى غايتك بكل وسيلة متاحة شريطة ان تكون شريفة". كرويو الرؤوس! لو ان جورج شمشوم مُنح تلك الامكانات الكبيرة التي منحت للمخرج باري ليفنسون في فيلمه الجديد "كروي" لحقق فيلماً أكثر مرحاً ان لم يكن أكثر جودة أيضاً. انه الفيلم التالي مباشرة للمخرج ليفنسون من بعد "هز الكلب". وكما توقع هذا الناقد فإن "هز الكلب" الذي يبهر بسبب رسالته السياسية، يهز المتفرج خلال الأربعين دقيقة الأولى منه اما الأربعون دقيقة الثانية فتعكس إفلاس الفيلم من أي جديد وصولاً الى نهايته التي لا تعكس قيمة في حجم الرسالة السياسية التي تضمنها. مثل "هز الكلب"، فإن "كروي" فيلم انطلق من شركة بالتيمور لصاحبها دستين هوفمان، قبل ان تتبنى وورنر المشروع على أساس الأسماء الملحقة به: مايكل كريتون "جيروسيك بارك" كاتباً، هوفمان وشارون ستون وسامويل ل. جاكسون أبطالاً، وبالطبع ليفنسون مخرجاً ومنتجاً. كذلك فإن الموضوع بدا جذاباً: قصة من الخيال العلمي في الأساس، مع منحى من التشويق النفسي حيناً والرعب حيناً آخر، وقليل من الألغاز الذهنية والفلسفية مع قليل من سينما الوحوش المائية. الخليط يتنافر أمام عينيك كسطح ماء تغلي. وبعد أقل من نصف ساعة على الفيلم تجد انه اذ عمد الى هذا الخليط لم يمض بنجاح الى نهاية أي شيء فيه. فهو جمع غير متجانس لهذه العناصر يكاد يقترب من طرح أحدها حيناً فتشده الاتجاهات الأخرى برغبة في خلق عمل يؤمن الميول الترفيهية كافة. انه حول مهمة تقع على عمق 10 آلاف قدم تحت الماء، فقد اكتشفت السلطات، ممثلة بقائد المجموعة بيتر كويوتي، وجود سفينة فضائية محطمة وراكدة تحت الماء يجمع فريقاً يضم طبيباً نفسياً هوفمان وعالمة بيولوجية ستون وعالم أرقام جاكسون وعالم فلكيات ليف شرايبر ويهبط معهم قعر المحيط في مهمة لاكتشاف الحقائق. في داخل السفينة الضخمة كرة ذهبية من مادة غير معروفة لبني الأرض. كرة بلا أبواب لأنها بقدر ما تبدو صلبة، بقدر ما هي رخوة ويستطيع أي واحد من هذه المجموعة دخولها. ويختار الفيلم عالم الحسابات للمهمة. وهذا ما سيجعل البطولة الأساسية في الفيلم المحصور مكاناً بالغواصة المستخدمة في هذه المهمة، موزعة بين هوفمان وستون… وهوفمان يأتي أولاً ودائماً بينهما. اما جاكسون فيخرج من الكرة الذهبية على عكس ما دخل يبدأ بالنوم كثيراً يبدو مشتت البال، يخفي ما يعلم ويمضي الوقت عندما يكون صاحياً بقراءة "20 الف فرسخ تحت الماء" لجول فيرن. الى كل ذلك هناك "الشيء" الغامض الذي يتواصل مع أهل الغواصة أو من بقي حياً منهم على أي حال عبر الكومبيوتر. أولاً بالأرقام، ولاحقاً بعد ان انتفت الحاجة الى عالم الحسابات - بلغة انكليزية صحيحة. لم أقرأ رواية كريتون ولا يدفعني الفيلم الى ذلك حتى من باب المقارنة. هذا من أسخف ما ظهر على الشاشة من أفلام خيالية/ علمية منذ زمن بعيد. الأوسكار على أنغام الموسيقى من بين الأقسام الرئيسية لمسابقة الأوسكار، ذلك المخصص لمنح الجائزة لأفضل موسيقى فيلم، نعم هو قسم رئيسي لكنه ليس في الصدارة كمسابقة أفضل فيلم وأفضل ممثل وأفضل ممثلة وأفضل مخرج. رئيسي في الصف الثاني، اذا أردت، مسابقة التصوير والتوليف والسيناريو. وهو، مثل مسابقة السيناريو تحديداً، ينقسم الى مسابقتين، فقسم السيناريو يحتوي على فرعين لا يجوز الخلط بينهما: السيناريو المقتبس غالباً عن عمل روائي منشور. لكن يجوز أيضاً ان يكون مقتبساً عن مسرحية والسيناريو المكتوب خصيصاً للسينما. اما الموسيقى فكانت الى حين قريب قسماً واحداً، لكن الأكاديمية لاحظت قبل عامين ان شركة ديزني مؤهلة لربح كل أوسكار موسيقي بسبب أفلامها الكرتونية القائمة على الموسيقى والغناء. وكانت ديزني بالفعل ربحت منذ العام 1989 أربع أوسكارات موسيقية. هذا ما دفعها للفصل بين نوعين من الموسيقى: تلك المكتوبة لغايات درامية، وتلك المكتوبة للأفلام الموسيقية أو الكوميدية. في الواقع تاريخ الأكاديمية يشهد على فوضى في تحديد مواصفات كل قسم وأحياناً في معرفة ما هو مطلوب تماماً، اذ سبق لها وضمت الموسيقى الدرامية الى الكوميدية ومنحت جوائز في قسم أفضل موسيقى كتبت خصيصاً، ثم عادت فجمعت بين الموسيقى المقتبسة والموسيقى المكتوبة خصيصاً والأغنية على حد سواء. في العام الماضي فاز اللبناني غبريال يارد بأوسكار أفضل موسيقى مكتوبة خصيصاً لفيلم درامي عن "المريض الانكليزي". هذا العام هناك خمسة مرشحين في هذا القسم والمنافسة صعبة. جيمس هورنر يتقدم هؤلاء بموسيقاه عن "تايتانيك"، جون ويليام عن "اميستاد"، فيليب غلاس عن "كوندون"، داني إلفمان عن "ويل هانتينغ الطيب"، والمخضرم جيري غولدسميث عن "سري أل. أ". بسبب قوة "تايتانيك" على كل الأصعدة الفنية الأخرى، فإن جيمس هورنر لديه بالتالي، الحظ الأوفر ولن يتمكن اعضاء الأكاديمية تجاهل حقيقة ان أربعة ملايين نسخة من اسطوانة الفيلم الغنائية بيعت حتى الآن. موسيقى هورنر لهذا الفيلم تواكب معظم الأحداث المنقسمة الى عاطفية وكوارثية. تلك العاطفية لم تحفز هورنر على توفير موسيقى جيدة ومريحة أو عميقة. وذلك على نقيض الجزء الذي تقع فيه الكارثة اذ حشد هورنر له جهداً أعلى، جهداً ملحوظاً لكنه مزعج ومضج في معظم الوقت. على ان هورنر مؤلف موسيقي موهوب وأعماله السابقة خير دليل: "بريفهارت" و"أبوللو 13" ولا ننسى "غوركي بارك" قبل سنوات مديدة. جون ويليامز، من ناحيته، مرتبط بأفلام ستيفن سبيلبرغ منذ "الفك" Jaws في العام 1975. وسبق ان نال الأوسكار ثلاث مرات على الأقل، مرة عن فيلم "حرب النجوم" 1977 ومرة عن "اي. تي خارج الأرض" 1982 وثالثة عن "لائحة شيندلر" 1993. الفيلم الأول من اخراج جورج لوكاس والآخران لسبيلبرغ كما هو شأن "اميستاد" الذي يقدم ويليامز فرصته الجديدة بالفوز. ولوضع هذه الموسيقى، استمع ويليامز الى اغنيات افريقية واعتمد على أسلوب فولكلوري معروف في جنوب افريقيا، طوره وصاغه جيداً. انه جهد يختلف ايجاباً عن موسيقاه التي تشبه أفلام سبيلبرغ عموماً أكبر حجماً من الحقيقة. ما يعيبه ليس تأليفه بل استخدامه: الطريفة التي قرر سبيلبرغ توظيف تلك الموسيقى بواسطتها من اجل شحن المواقف عاطفياً من دون ان تكون بحاجة الى أي عنصر اضافي ما جعلها أكثر تكلفاً مما تبدو عليه. هذا يتركنا أمام جيري غولدسميث وموسيقاه المتينة والرصينة لفيلم "سري أل. أ"، داني ايلفمان وموسيقاه لفيلم "ويل هانتينغ الطيب" مرشح أيضاً عن موسيقى فيلم "رجال في الأسود" في قسم موسيقى لفيلم كوميدي وفيليب غلاس عن "كوندون". كل من غولدسميث، الذي بدأ كتابة الموسيقى للأفلام منذ منتصف الخمسينات، وغلاس لديهما أفضل موسيقى… هذا اذا استمعت الأكاديمية الى الحكمة الذهبية التي تقول: "أفضل موسيقى فيلم هي التي تمر من دون ان تطغى على الصورة وتبرز بعمق ما تضيفه من دلالات على الصورة، لكنها لا تسعى الى سرقة الاهتمام أو ضخ الضجيج فوق رأس المشاهد". جيمس بوند بين نارين المعركة الحاسمة بين شركتي مترو غولدوين ماير وشركة صوني تقترب كما موعد مباريات كأس العالم للكرة: حثيثة وشرسة. محورها ان شركة مترو غولدوين ماير تعتقد بأنها تمتلك الحق وحدها في انتاج أفلام جيمس بوند، بينما ترى شركة صوني مالكة كولومبيا وتراي ستار انها تملك الحق في انتاج جيمس بوند خاص بها. في صميم هذه المعركة سلعة سينمائية تقدر ببلايين الدولارات. بدأت المعركة في الخريف الماضي عندما أعلنت صوني انها في سبيل انتاج سلسلة جديدة من أفلام العميل البريطاني الأول مستندة في ذلك الى حق يتيم يملكه كيفن ماكلوري لرواية "ثندربول" التي انتجها في الستينات مع البرتو بروكولي، المنتج السابق للسلسلة التي مولتها يونايتد ارتستس التابعة لمترو غولدوين ماير. ماكلوري استغل هذا الحق مرة ثانية في مطلع الثمانينات بإنتاج فيلم "أبداً لا تقل أبداً" الذي كان إعادة صياغة لفيلم "ثندربولت" والذي وزعته وورنر. تبعاً لإعلان كولومبيا، قامت مترو غولدوين ماير بإطلاق إنذار بعدم الاقتراب من جيمس بوند. البعض توقع ان تتراجع صوني، لكن هذه ردت بأن لها وماكلوري الحق في حصة من تلك البلايين الثلاثة التي جمعتها أفلام بوند الى اليوم. هذا ما دعا شركة مترو الى رفع دعوى على جون كالي الذي كان رئيساً لشركة يونايتد ارتستس في السبعينات والذي انتقل قبل نحو عام وبضعة أشهر الى رئاسة كولومبيا. وتتهم مترو، بقيادة رئيسها فرانك مانكوزو، كالي بأنه سرب معلومات سرية عندما انتقل من دارتها الى حضانة كولومبيا. المعركة لا تزال في مطلعها لكن اذا لم تتراجع صوني عن محاولاتها، فإن حرب عمالقة ستقع أين منها حروب الامبراطوريات القديمة.