} تهد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي جورج روبرتسون اعداد خطة حازمة للتحرك، لطمأنة العسكريين والمدنيين المتخوفين من آثار قذائف اليورانيوم التي استخدمت في حرب البلقان. وجاء ذلك، غداة احباط الاميركيين والبريطانيين محاولة أوروبية لحظر استخدام هذا النوع من الأسلحة التي تصاعدت المخاوف في البلقان من مشكلات صحية وبيئية ناجمة عن آثارها. واصل سفراء دول حلف شمال الأطلسي اجتماعاتهم في العاصمة البلجيكية بروكسيل أمس للبحث في "مرض حرب البلقان" الناجم عن استخدام قذائف اليورانيوم المستنفذ، وذلك وسط معلومات عن انقسام شديد في صفوف الحلفاء. وتزعمت ايطاليا واليونان والبرتغال وبلجيكا وألمانيا المواقف المتصلبة تجاه اصرار الولاياتالمتحدة وبريطانيا على عدم وجود علاقة بين اليورانيوم المستنفذ والأمراض السرطانية التي يجري الحديث عنها، فيما دعت فرنسا الى اعتماد الشفافية التامة في التعاطي مع القضية. وأسقطت لندن وواشنطن مطالب ايطالية وأوروبية بحظر استخدام اسلحة اليورانيوم المستنفذ "حتى التأكد من كونها آمنة"، الأمر الذي زاد من التوتر السياسي بين دول الحلف. وتصاعد الجدل حول استخدام الحلف الأطلسي للقذائف المغلفة باليورانيوم، بعدما توفى سبعة جنود ايطاليين خدموا في البلقان، بسبب اصابتهم بسرطان الدم. وقال الناطق باسم وزارة الدفاع البلجيكية جيرار هارفينغ ان 1600 جندي من بين 12 ألف خدموا في عمليات حفظ السلام في البلقان قبل أزمة كوسوفو، اشتكوا من نقص في التركيز واضطرابات في النوم والصداع. وأضاف: "هناك تسع حالات اصابة بسرطان الرئة والدم أو المخ، وان خمسة منهم ماتوا". لكنه رأى انه "من غير الممكن حالياً، التأكد من صلة أمراض الجنود بالأسلحة التي استخدمت في البلقان". وانضمت نيوزيلندا الى قائمة الدول التي تحقق في احتمال تعرض جنودها الذين شاركوا في قوات حفظ السلام في البلقان الى اشعاعات ناتجة عن قذائف اليورانيوم المستنفذ. ودعا الرئيس الأوكراني ليونيد كوتشما، الذي زار بلغراد وكوسوفو الى وقف استخدام اليورانيوم المستنفذ في الأسلحة مستقبلاً، وأمر باجراء فحص طبي فوري للجنود الأوكرانيين العاملين في المنطقة. وأجرى فريق خبراء من البرتغال فحصاً لمنطقة كلينا غرب كوسوفو التي توجد فيها الوحدة البرتغالية العاملة في قوات حفظ السلام كفور وأخذ الفريق نماذج من الصخور والأتربة والنباتات لتحليلها في مختبرات خاصة بالاشعاعات والتلوث البيئي. وفي باريس، صرح ديبلوماسيون بأن مسؤولي لجنة الاتصال الدولية الخاصة بالبلقان يعتزمون الاجتماع في العاصمة الفرنسية اليوم الخميس، للبحث في المخاطر الصحية المحتملة من استخدام اليورانيوم المستنفذ. ويحضر الاجتماع مسؤولون من الدول الست الأعضاء في اللجنة وهي الولاياتالمتحدة وروسيا وبريطانيا والمانيا وفرنساوايطاليا. ودعا الرئيس جاك شيراك الى التعامل مع قضية مرض "حرب البلقان بشفافية تامة"، مؤكداً أنه يولي "اهتماماً بالغاً لصحة العسكريين الفرنسيين". ونقلت الناطقة باسمه عنه قوله خلال الاجتماع الأسبوعي للحكومة الفرنسية، إنه اتفق مع رئيس الحكومة ووزير الدفاع حول "الإجراءات التي ينبغي اتخاذها لكي تتم معالجة هذه القضية، في إطار من الشفافية التامة"، وبذل "كل ما أمكن لتسهيل التحقيقات الوطنية والدولية لتوضيح الحقائق بأسرع وقت". وكان وزير الدفاع الفرنسي آلان ريشار صرح في الأسبوع الماضي أن 4 من الجنود الفرنسيين الذين خدموا في كوسوفو، أدخلوا الى المستشفى لإصابتهم بسرطان الدم، لكنه رفض التكهن بالعلاقة بين هذه الإصابات واستخدام القوات الأميركية قذائف اليورانيوم المستنفذ. ولكن تصريح ريشار لا يخفي المخاوف الأوروبية حيال استخدام هذا النوع من الذخائر، خصوصاً بعد ظهور حوالى 50 إصابة سرطانية بين جنود مختلف الدول الأوروبية وروسيا الذين عملوا في البلقان. ويذكر انه ما لا يقل عن 20 وفاة حدثت في صفوف الجنود الدوليين الذين عملوا في البلقان، متأثرين بمرض سرطان الدم، كما ثبتت اصابة اعداد أخرى بهذا المرض وهم يتلقون العلاج الآن. لكن مسؤولي الحلف الأطلسي يصرون على عدم وجود أي صلة قاطعة بين الأسلحة التي استخدم فيها اليورانيوم المستنفذ ومرض الجنود بالسرطان. وأفاد الأمين العام للحلف جورج روبرتسون انه "ليس لدى الحلف أي شيء يخفيه" بشأن ذخائر اليورانيوم، لكنه تعهد اعداد خطة حازمة للتحرك، لطمأنة العسكريين والمدنيين في آن. وأكد ان الخطة تتضمن توفير معلومات عن الموضوع بالتعاون مع منظمات دولية، اضافة الى تكليف لجنة الاشراف على أبحاث في هذا الشأن. ومعلوم ان اليورانيوم المستنفذ يستخدم في القذائف والصواريخ وطلقات الرصاص لزيادة قدرتها على الاختراق. ويشير الخبراء الى أن هذا اليورانيوم قد يتفتت تحت الضغط ويتحول الى غبار مشع. وفي دول البلقان، حيث تتصاعد المخاوف من خطر ما خلفته القذائف الاميركية التي القيت في البوسنة 1994 - 1995 ويوغوسلافيا 1999، فإن وسائل الاعلام في البوسنة وصربيا والجبل الأسود ومقدونيا وبلغاريا، خصصت حيزاً كبيراً من مجالاتها للتحدث عن القذائف التي ألقيت في المنطقة. ودعا الخبراء المحليون الذين استطلعوا الكثير من صحف هذه الدول اراءهم الى تشكيل هيئة دولية تجري مسحاً شاملاً لتوضيح الحقيقة للسكان الذين يعمهم الخوف والقلق من تأثير القذائف.