تتوقع وزارة الطاقة الأميركية ان يحول الركود الاقتصادي في آسيا دون انتعاش متوسط أسعار النفط الخام في العالم حتى بعد انتهاء القرن الجاري لكن الطلب على النفط سيزداد على نحو كاف بعد ذلك بحيث ستستعيد أسعار النفط المواقع التي كانت خسرتها بحلول سنة 2007. وفي التقرير السنوي عن "مراجعة المستقبل المنظور الخاص بالطاقة"، الذي أعدته ادارة معلومات الطاقة، التابعة للوزارة المولجة جمع المعلومات عن الطاقة وتحليلها، تتكهن الادارة بأن "من المنتظر ان تبقى أسعار النفط متدنية في السنوات المقبلة بسبب الركود الاقتصادي في عدد كبير من الدول الآسيوية، وان من المتوقع ان يتدنى نمو الطلب على النفط في العالم". وجاء في التقرير ان متوسط الأسعار سيكون 13.97 دولار للبرميل الواحد في السنة 2000، بعدما كان هذا المتوسط، العام الماضي، 18.55 دولار. لكن الصورة تبدأ بالتحسن بعد السنة 2000 عندما يبدأ الانتعاش الاقتصادي في آسيا، وأن يبدأ الطلب الدولي على النفط بالعودة الى العافية على نحو لا يستهان به. ويتكهن تقرير وزارة الطاقة الأميركية بأن أسعار النفط سترتفع ستة في المئة تقريباً سنوياً، في المتوسط، بين 1999 و2007 وتبلغ 19.25 دولار للبرميل الواحد بحلول سنة 2005 و21.30 دولار بحلول سنة 2010. ويتكهن المحللون الناشطون في ادارة معلومات الطاقة بأن مساهمة دول "اوبك" في السوق ستكون أكبر، في السنوات المقبلة، مما تكهنت به الادارة في آخر تقرير صدر عنها قبل عام بسبب ضعف المناخ العام الخاص بأسعار النفط. وقال كبير محللي شؤون النفط في ادارة معلومات الطاقة دان بتلر: "مما لا شك فيه ان انتاج دول اوبك سيزداد، في السنوات الخمس المقبلة وستكون منطقة الخليج المصدر الرئيسي لهذه الزيادة". وأضاف: "ان تطوير حقول نفط منطقة بحر قزوين سيبطيء كثيراً بالمقارنة مع ما كنا ننتظر في التقرير الذي نشرناه العام الماضي وبوسعنا قول الأمر نفسه بالنسبة الى تطوير نفط المنطقة المقابلة للشاطئ الافريقي الذي يوجد منه الكثير لكن استخراجه سيكون بطيئاً بسبب تدني الأسعار". لكن ادارة معلومات الطاقة تبدي تفاؤلاً أقل حيال مقدرة دول "اوبك" على زيادة مساهمتها في السوق بعد سنة 2005 وذلك بسبب التفاؤل حيال استخراج النفط من غير دول "اوبك"، أي من مناطق مثل المياه العميقة قبالة الشاطئ الافريقي حيث تم اكتشاف مخزون يعتبر ذا أهمية، ومثل منطقة بحر قزوين. وتعوّل ادارة معلومات الطاقة أيضاً على نقل التكنولوجيا من الدول الصناعية الى مناطق أخرى لزيادة الانتاج الدولي من النفط عامة خصوصاً من الدول التي كانت تشكل الاتحاد السوفياتي. ومن هذه التكنولوجيا الحفر والانتاج المتطوران الراقيان. لكن الزيادة في الانتاج قد تأتي أيضاً من دول "اوبك" اذا تمكنت شركات النفط الغربية من توسيع عملياتها على نحو ملحوظ في هذه الدول. وقال جي هيكس، مدير ادارة معلومات الطاقة "ان مصدراً من مصادر الشكوك المحيطة بالمستقبل المنظور هو الأثر الذي يُحتمل ان تخلّفه التكنولوجيا الغربية على الانتاج في الخليج". وأضاف: "مما يحرك منطقة الخليج هو المدى الذي ستذهب اليه دولها في الانفتاح على التكنولوجيا الغربية، التي ستعزز على نحو ملحوظ جداً مقدرة هذه الدول على المنافسة. وعلى مدى الأعوام القليلة الماضية كنا نفترض ان دولاً في المنطقة ستنفتح الى حد ما أمام الاستثمارات الأجنبية بعدما لم تكن كذلك في الماضي. ويدرك الجميع ان النقاش في شأن هذا الاحتمال ازداد في الأشهر الثلاثة أو الأربعة الماضية. ويبقى هذا الأمر أحد مصادر الشكوك. وإذا تسنى للعراق ولغيره من الدول استخدام التكنولوجيا الحديثة قد يستطيع العراق وغيره زيادة الانتاج على نحو كبير على ما هو عليه حالياً. وقال هيكس: "ان الواقعية تفرض توقع ان تتمكن دول الخليج من زيادة انتاجها على نحو ملحوظ لتلبية الطلب الدولي في المستقبل بما في ذلك تحقق تكهنات ادارة معلومات الطاقة التي تقول ان الانتاج السعودي سيزداد الى نحو 21 مليون برميل يومياً سنة 2020". ومن مصادر الشكوك الأخرى التي تحيط بالتكهنات توقيت عودة العراق الى السوق الدولية والجدول الزمني الخاص بزيادة انتاجه. وقال بتلر ان انتاج العراق قد يرتفع الى أكثر بقليل من أربعة ملايين برميل يومياً بحلول سنة 2005 على رغم انه لا يعتقد ان شركات النفط ستتحرك بهذه السرعة. وتفترض التكهنات ان العقوبات المفروضة على العراق لن تلغى قبل السنة 2000 لكن إذا الغيت هذه العقوبات قبل ذلك سيتبدل الجدول الزمني على الأرجح. ويعتقد بعض المحللين ان انتاج العراق قد يبلغ ستة ملايين برميل يومياً في اطار زمني قد لا يتجاوز ست سنوات بعد الغاء العقوبات. لكن ادارة معلومات الطاقة تكهنت بأن طاقة العراق الانتاجية ستبلغ 3.2 مليون برميل يومياً فقط بحلول سنة 2010 ولن تزداد الى 7.8 مليون برميل إلا سنة 2020. وتتكهن ادارة معلومات الطاقة بأن انتاج دول "اوبك" سيبلغ 58.8 مليون برميل يومياً سنة 2020، أي نحو ضعفي ما انتجته عام 1997 29.9 مليون برميل يومياً على افتراض ان رؤوس أموال كافية ستستثمر لتوسيع الطاقة الانتاجية. وتتكهن ادارة معلومات الطاقة بأن الطاقة الانتاجية في دول الخليج كافة ستزداد، كما ستزداد في نيجيريا والمناطق المقابلة لشواطئها وفي فنزويلا. وتتوقع ادارة معلومات الطاقة ايضاً ان يبلغ انتاج الدول من خارج "أوبك" 55.6 مليون برميل يومياً سنة 2020، على افتراض ان انتاج الدول التي كانت تشكل الاتحاد السوفياتي في منطقة بحر قزوين في المقام الأول سيتضاعف، وان انتاج الحقول الجديدة في بحر الشمال وفي البحر قبالة شاطئ غرب افريقيا وفي المكسيك وسائر انحاء دول أميركا اللاتينية خصوصاً البرازيل وكولومبيا سيزداد. وتتكهن الجهة الأميركية الرسمية أيضاً بأن الولاياتالمتحدة ستبقى تستورد المزيد من النفط وسيكون صافي هذه المستوردات 65 في المئة من الاستهلاك الأميركي سنة 2020، بينما كانت هذه النسبة 49 في المئة عام 1997. ومن المنتظر ان يتراجع انتاج الولاياتالمتحدة من النفط الخام من 6.5 مليون برميل يومياً حالياً الى خمسة ملايين برميل بحلول سنة 2020 على رغم التقدم الذي تم احرازه في تكنولوجيا التنقيب والانتاج، وهو التقدم الذي ساهم في ابطاء تراجع الانتاج الأميركي في الأعوام القليلة الماضية. ومن جهة أخرى سيبقى الاستهلاك الأميركي على ارتفاع كما ازداد في الأعوام الأخيرة، من 18.6 مليون برميل يومياً حالياً الى 24.7 مليون برميل يومياً سنة 2020. ويأتي معظم الزيادة في الطلب الأميركي على النفط من ازدياد الطلب في قطاع النقل اذ يزداد الأميركيون تعلقاً بالسيارة ويزدادون رغبة في السفر وفي تفضيل الشاحنات الخفيفة التي تستهلك كثيراً من النفط نسبياً. وفي المدى البعيد، تتكهن ادارة معلومات الطاقة بأن الطلب الدولي على النفط سيبلغ 114.7 مليون برميل يومياً سنة 2020 أي أقل مما كانت الادارة تكهنت به منذ عام بمقدار مليوني برميل. لكن على رغم ارتفاع الطلب على النفط، من المنتظر أن تبقى أسعاره متدنية نسبياً بسبب التفاؤل الذي لا يستهان بمقداره حيال المستقبل المنظور الخاص بزيادة الانتاج في دول "اوبك" وفي غيرها من الدول المنتجة. ومن المنتظر ان تصل أسعار النفط الى 22.73 دولار للبرميل الواحد، بقيمة الدولار الراهنة سنة 2020