قال مراقبون في الرباط ان تشكيل الحكومة المغربية الثانية برئاسة السيد عبدالرحمن اليوسفي أول من أمس يعتبر بمثابة تكريس لخطة تحالف جديد بين أحزاب الائتلاف الحكومي لمواجهة الاستحقاقات الانتخابية المقبلة في عام 2002. وأوضحت ان مشاركة زعيم حزب الاستقلال السيد عباس الفاسي في الحكومة يعني تعزيز التحالف بين الحزبين الرئيسيين الاتحاد الاشتراكي والاستقلال في وقت كان فيه الحزبان يتبادلان بعض الانتقادات في شأن بطء العمل الحكومي. لكن اسناد حقيبة وزارة العمل والشؤون الاجتماعية والتضامن لزعيم "الاستقلال" يعني تحميله عبء معاودة الحوار الاجتماعي مع المركزيات النقابية لتجاوز أزمة انعدام الثقة. خصوصاً ان المنصب ذاته كان يتولاه وزير من الاتحاد الاشتراكي خالد عليوة الذي أبعد عن الحكومة الجديدة. وكشفت مصادر نقابية انه منذ تشكيل الحكومة الأولى برئاسة اليوسفي في آذار مارس 1998 ابدت المركزيات النقابية اعتراضها على وزيرين هما عليوة والعلمي التازي وزير التجارة السابق بيد ان العلاقة بين الفاسي واليوسفي ستتأثر بالوضع الجديد، في وقت كان يسود فيه اعتقاد ان حزب الاستقلال يتهيأ لتولي رئاسة الحكومة المقبلة، في ضوء نتائج الانتخابات. لكن عدم مشاركة أي وزير من التيار الاسلامي العدالة والتنمية في الحكومة الجديدة من شأنه ان يغلب النزوع الى المواجهة بين الحكومة والتيارات الاسلامية. وقد استبق اليوسفي هذا التصور من خلال ابعاده لوزير الطفولة والمرأة والحماية الاجتماعية السيد سعيد السعدي الذي ارتبط اسمه بخطة ادماج المرأة التي أثارت انتقادات التيارات الاسلامية، مما يعني تجاوز الجدل الذي أثير إزاء الخطة وتسبب في تنظيم تظاهرتين حاشدتين في الرباط والدار البيضاء في آذار الماضي شدتا الانتباه الى الحضور الكثيف للتيارات الاسلامية. الى ذلك، قال محللون ان استمرار وزراء السيادة العدل والداخلية والخارجية والشؤون الاسلامية في مناصبهم هدف الى تجنب الجدل حول حضور الشخصيات التقنوقراطية في الحكومة، سيما وان المشاورات التي كانت سبقت انتقال المعارضة السابقة الى الحكومة على عهد الملك الراحل الحسن الثاني كادت تقود الى إبقاء وزارة وحيدة بين التقنوقراطيين، هي الداخلية. لكن أبعاد الوزير السابق ادريس البصري قلل من أهمية معاودة الجدل على هذه الوزارات، علماً بأن وزير الخارجية السيد محمد بن عيسى تعرض لانتقادات حادة في الفترة الأخيرة، وصلت الى حد مقاضاة صحافيين بتهم القذف في مسألة اقتناء مقر السفارة المغربية في واشنطن. وبرأي أوساط عدة فإن الحال نفسه ينطبق على وزير الشؤون الاعلامية السيد عبدالكبير العلوي المدغري الذي تعرض بدوره الى انتقادات، في حين يسود اعتقاد ان تعيين الدكتور عباس الجيراري مستشاراً للعاهل المغربي قد ينزع منه بعض الصلاحيات. واللافت ان هؤلاء الوزراء الأربعة، باستثناء العدل الذي يتولاه السيد عمر عزيمان يوجد الى جانبهم كتاب دولة أقل من وزير مما يعني عدم ترك اياديهم مطلقة في ادارة الوزارات المعنية. ولاحظت المصادر ان الملك محمد السادس ترك المزيد من الحرية لرئيس الوزراء لاختيار اعضاء الحكومة، في خطوة للدلالة على تقوية مؤسسة رئيس الوزراء. ولم يختر الملك محمد السادس أياً من الشخصيات المقربة اليه لتولي مسؤوليات حكومية. في حين ان اليوسفي حرص على اجراء المشاورات مع كافة الشركاء السياسيين في الائتلاف الحكومي.