للمرة الأولى في تاريخ الانسانية، يلتقي اكثر من 150 ملكاً وأميراً ورئيس دولة وحكومة تحت سقف واحد، في قمة الألفية التي تنعقد في الاممالمتحدة لثلاثة ايام، الاسبوع المقبل، وتعد بأن تكون قمة "امتحان الأعصاب" للقادة وللملايين من سكان نيويورك بسبب الهواجس الأمنية وتعطل حركة السير في المدينة. المفاجآت السياسية التي تُراقب قد تحدث على هامش القمة، عبر اللقاءات الثنائية أو القمم المصغرة وأبرزها ما سيستجد على صعيد عملية السلام في الشرق الأوسط والمفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية، واحتمالات حصول لقاءات اميركية - ايرانية عابرة. وفي مقدم الزعماء الذين وصلوا الى نيويورك أثناء عطلة الاسبوع الملك عبدالله الثاني الذي شأنه مثل كثيرين، سيعقد 45 لقاء مبرمجاً، مع ترك حيز لاجتماعات مفاجئة على علاقة بعملية السلام. ويتوقع ان يجتمع العاهل الأردني بالرئيس الاميركي بيل كلينتون الاربعاء، بعد لقائه الثلثاء كلاً من الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ورئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك. وسيجتمع ايضاً مع الرئيس الايراني محمد خاتمي ورؤساء الوفود العربية المشاركة في قمة الألفية. الحضور العربي في القمة لافت كما الغياب عنها، فبين المشاركين الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة الذي سيرأس واحدة من أربع طاولات مستديرة، يضم كل منها حوالى 40 زعيماً في نقاش يفترض ان يكون عفوياً للقضايا العالمية. ويبدو ان الطاولة المستديرة الثانية التي سيرأسها رئيس بولندا هي "البطاقة الحارة"، اذ سيشارك فيها كلينتون ونظيره الفرنسي جاك شيراك، والملك عبدالله الثاني وولي العهد السعودي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز. وفي اطار اللقاءات الثنائية سيقابل الرئيس اليمني علي عبدالله صالح الأمير عبدالله، ويجتمع مع الرئيس الايراني ونظيره الروسي وقادة عرب. وسيشارك الرئيس التونسي زين العابدين بن علي في اجتماع قمة لمجلس الأمن، علماً ان تونس هي العضو العربي الوحيد في المجلس، ويتوقع ان يجلس الى الطاولة نصف المستديرة 15 رئيساً، بينهم رؤساء الدول الخمس الدائمة العضوية، اميركا وروسيا وبريطانيا والصين وفرنسا التي ترأس الاتحاد الأوروبي. وسيحضر القمة الرئيس السوداني عمر البشير الذي تسعى بلاده الى مقعد في مجلس الأمن للسنة المقبلة. وبين الدول الخليجية التي ستشارك على أعلى المستويات، قطر ويمثلها الأمير الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وكذلك البحرين التي يمثلها الأمير الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة. العاهل المغربي الملك محمد السادس عدل عن حضور القمة، وسينوب عنه ولي العهد مولاي رشيد، كما عدل عن المشاركة الرئيس حسني مبارك، وسيمثل مصر وزير الخارجية السيد عمرو موسى، فيما يرأس الوفد السوري وزير الخارجية السيد فاروق الشرع علماً ان الرئيس بشار الأسد لم ينو أصلاً المشاركة. ويغيب عن قمة الألفية كل من الرئيس العراقي صدام حسين والزعيم الليبي العقيد معمر القذافي، ويمثل العراق نائب رئيس الوزراء السيد طارق عزيز. أما الرئيس الكوبي فيدل كاسترو فربما لن يكون نجماً في قمة الألفية، كما كان قبل ربع قرن في قمم مجموعة عدم الانحياز، لكن مشاركته لن تكون عابرة، اعلامياً أو أمنياً أو سياسياً. وبين نجوم اليوم الرئيس عرفات، نتيجة وصول المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية الى نقطة حاسمة، وتصدّر موضوع القدس مصير المفاوضات. اما نجومية خاتمي فذات طابع آخر. لقاءاته الثنائية ستشمل معظم القادة، بينهم رؤساء الجزائر واندونيسيا والصين وهؤلاء سيشاركون الثلثاء ايضاً في ندوة "حوار الحضارات" التي دعا اليها خاتمي. ولم يتقرر بعد هل سيشارك كلينتون في الندوة التي تنظمها "يونيسكو". وحتى الآن ليس هناك لقاء "عابر" مقرر بين الرئيسين الاميركي والايراني. لكن طبيعة القمة الألفية ستتيح على الأرجح اكثر من فرصة للقاء أو مصافحة اميركية - ايرانية، اذا اتخذت القيادتان قراراً سياسياً بذلك. الأمين العام للامم المتحدة كوفي انان اكد اهتمامه بتطوير العلاقة الاميركية - الايرانية، وليس مستبعداً ان يعمل للقاء مقتصر، فهو سيشارك في كل الندوات وسيستقبل جميع القادة. كذلك هناك فرصة الصورة التذكارية لجميع المشاركين في القمة، أو هكذا يفترض. وفي هذه الصورة يفترض ان يلتقي كلينتون خاتمي وكاسترو... وزعماء دول جديدة مجهولة الاسماء. عنوان قمة الألفية هو "الاممالمتحدة في القرن ال21"، وهدفها انعاش المنظمة الدولية والاهتمام بقضايا مكافحة الفقر والأمية ومرض الإيدز، وتعزيز التعاون في عصر العولمة والتضامن الانساني في كل المجالات. وانعقاد القمة حدث تاريخي وسابقة قد لا تتكرر.