يُجري ممثلون عن المغرب وجبهة "بوليساريو" الخميس المقبل جولة جديدة من المفاوضات تحت رعاية الاممالمتحدة في برلين. وقال الناطق باسم المنظمة الدولية فريد ايكهارد ان المفاوضات "تهدف الى حل صعوبات عديدة ترتبط بتطبيق مشروع الاتفاق" الذي اعتُمد بعد وقف اطلاق النار بين المغرب و"بوليساريو" في 1992. واشار الى ان الطرفين سيلتقيان يومي 28 و 29 ايلول سبتمبر برئاسة وزير الخارجية الاميركي السابق جيمس بيكر بصفته مبعوثاً خاصاً للأمين العام للامم المتحدة كوفي انان الى الصحراء الغربية. واوضح ان الجزائر وموريتانيا ستحضران الاجتماع بصفة مراقبين. وتأتي جولة المفاوضات الجديدة في برلين بعد جولتين في لندن فشلتا في إزالة العقبات التي تعترض إجراء استفتاء لتقرير المصير للصحراويين. وفي الرباط، أكد مسؤول رفيع المستوى ل"الحياة" أمس ان المغرب لم يتلق اي اقتراحات جديدة ضمن ما يعرف ب"الحل الثالث" الذي يجري التداول في شأنه في ظل تعثر الاستفتاء. وأضاف ان بلاده ملتزمة التعاون مع الأممالمتحدة لاجراء الاستفتاء، وانها مستعدة لذلك "حال تجاوز العقبات الحالية"، في اشارة الى الخلافات على قوائم المؤهلين للاقتراع. وعزا المسؤول المغربي فشل اجتماع لجنة الخبراء الذي استضافته جنيف صيف العام الماضي الى "تباين في وجهات النظر" حيال تنفيذ الاجراءات ذات الصلة بالاستفتاء، وفي مقدمها عودة اللاجئين وإعداد القوائم النهائية للمشاركين في الاستفتاء. لكنه شدد على ان بلاده ستذهب الى اجتماع برلين تحدوها رغبة في التعاون مع الوسيط بيكر، وانها ستستمع الى كل الافكار التي ستُطرح "لكنها لن تقبل سوى ما يتماشى وفكرة السيادة"، أي سيادة المغرب على الصحراء. وقلل المسؤول المغربي من أهمية تصريحات "بوليساريو" في شأن معاودة حمل السلاح، قائلاً إن ذلك يعتبر تحدياً للامم المتحدة التي ترعى وقف النار وتشرف على الاستفتاء. وعزا تزايد تلك التصريحات الى ما وصفه ب"تفكك الوضع الداخلي في بوليساريو". وكان لافتاً في سياق تطورات قضية الصحراء ان وزير الخارجية الجزائري عبدالعزيز بلخادم استقبل السفير المغربي الجديد لدى الجزائر سعيد بن ريان وتسلّم منه نسخة من اوراق اعتماده. وجرت العادة ان يستقبل رئيس الجمهورية السفير الجديد. ولاحظ مراقبون ان ذلك يتزامن مع تحرّك تنظيمات جزائرية شعبية لدعم "بوليساريو" داخل الجزائر وخارجها، ما يعني ان اجواء الخلافات بين المغرب والجزائر ستوثر على الأرجح على لقاء برلين الذي يُتوقع ان يكون حاسماً لجهة الاعلان عن مبادرة جديدة للأمم المتحدة. ويسبق اجتماع برلين نهاية ولاية بعثة "مينورسو" في الصحراء. وترجح مصادر مغربية ان يحافظ كل فريق في اجتماع برلين على تشكيلته الى الاجتماعات المماثلة التي استضافتها لندن. وفي الجزائر، قالت مصادر رسمية أن لقاء برلين يهدف إلى "إخراج مخطط السلام في المنطقة من المأزق الذي وضعته فيه مساعي الطرف المغربي الرامية الى التنصل مما تم الاتفاق عليه وفرض بديل للإستفاء هو "الحل الثالث" الذي رفضته جبهة بوليساريو". ويتوقع أن يمثل الوفد الجزائري السيد احمد أويحيى وزير الدولة وزير العدل. وكانت الحكومة الجزائرية أبدت قلقاً شديداً مما اعتبرته "إنحراف" الممثل الشخصي للأمين العام جيمس بيكر عن خطة السلام في منطقة الصحراء و"تخليه عن فكرة الإستفتاء ومحاولته البحث عن بدائل أخرى لتسوية النزاع وفق ما اصبح يعرف ب الحل الثالث". ولم يتردد الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة في تأكيد معارضته لأفكار الديبلوماسي الأميركي خلال زيارته نيويورك قبل اسابيع. إذ قال: "والله جيمس بيكر كان يقوم بجهود عبر الاممالمتحدة، وأنا أراه يأتي بافكار قد تمر مرور الكرام مع مبادئ الميثاق الذي يُقر بأن تقرير المصير هو مبدأ مقدس، وبالتالي فأنا لا أتعامل مع من لا يتعامل مع المواثيق الدولية". واستغل بوتفليقة زيارة رئيس جنوب إفريقيا ثابو مبيكي، مساء الجمعة، ليحضه على أهمية التعاون لإنهاء "الإستعمار" في منطقة الصحراء الغربية التي قال إنها "تبقى أمثولة لعملية تصفية إستعمار لم تنجح". وأضاف أن الحكومة الجزائرية تؤيد مبدئياً دور الأممالمتحدة في المنطقة. وأوضح: "لقد رحبنا بتكفل الأممالمتحدة بهذه المسألة من حيث أنه كان سيضمن للشعب الصحراوي ممارسة حقه في تقرير مصيره". وجدد اقتناعه بأن "السبيل الوحيد للتوصل إلى حل دائم ولضمان السلم في المنطقة قاطبة إنما يكمن في تقرير الشعب الصحراوي مصيره بنفسه".