يمكن إطلاق اسم "معركة الجمل والهلال" على اليوم الأول للحملة الانتخابية للبرلمان المصري. فكما كان متوقعاً، فوجئ كل المرشحين من غير أعضاء الحزب الوطني الحاكم بأن مرشحي "الوطني" وبينهم هؤلاء الذين لم يتوجهوا أصلاً إلى المقار المخصصة لتقديم طلبات الترشيح أمس حصلوا على "الجمل" و"الهلال" على رغم أن القانون ينص على توزيع الرموز الانتخابية بأسبقية تقديم طلبات الترشيح. ومعروف ان كل مرشح في الانتخابات المصرية يُعطى رمزاً للتمييز بين المرشحين الذين تتشابه اسماؤهم، ولتمكين الناخبين الذين لا يجيدون الكتابة والقراءة من التفرقة بينهم، وعادة ما يبني المرشح دعايته بحسب الرمز المخصص له. وكان لافتاً أن ملصقات بعض مرشحي الوطني التي غطت ميادين وشوارع وأحياء مدن عدة قبل فتح باب الترشيح كان الرمزان وضعا بالفعل عليها. ويبدو أن شعوراً بالاستفزاز غلب على باقي المرشحين ما دفع مرشح جماعة "الإخوان المسلمين" في دائرة سيدي جابر في محافظة الاسكندرية المهندس علي عبدالفتاح لأن يبيت أمام مقر لجنة قبول الطلبات ليدخل في الثامنة صباحاً بعد وصول الموظفين مباشرة ويسلم أوراقه ويحصل على رمزه، وفوجئ بأن رمزه هو "المظلة" وألحّ لدقائق بطلب "الهلال" من دون جدوى اذ أبلغه الموظفون أن مرشح "الوطني" حصل عليه. لكن الإخوان لم يقفوا عند الأمر طويلاً فمشاكلهم قبل الانتخابات وأثناءها وربما بعدها ايضاً كثيرة وثقيلة، والمؤكد أنهم انزعجوا بشدة بعدما قرأوا مجلة "المصور" أمس ووجدوا فيها تصريحاً لوزير الداخلية السيد حبيب العادلي يعلن فيه أن الحملة التي تشن ضد عناصر الجماعة "منظمة وتستند إلى معلومات مسبقة"، مستبعداً أن يكون للإخوان أي دور ملموس في الانتخابات "لأنهم تنظيم غير شرعي وملفوظون من الشعب لممارساتهم السابقة". راجع ص 5 ولوحظ أن الحملات الأمنية التي بدأت قبل نحو ثلاثة شهور لم تشمل المرشحين المنتمين للإخوان بمقدار ما استهدفت العناصر الفاعلة في الانتخابات ممن سيتولون ادارة الحملات لمرشحي الجماعة أو من مثلوهم في سنوات سابقة في لجان الإقتراع كمندوبين عنهم، إلى درجة أن القطب البارز في الجماعة الدكتور إبراهيم الزعفراني الذي قدم طلب الترشيح أمس للمنافسة في دائرة العطارين في الاسكندرية متجاوزاً قرار حكومي يقضي بتطبيق المادة الثانية من قانون مباشرة الحقوق السياسية التي تحظر على المحكومين في قضايا الجنايات ممارسة العمل السياسي، تساءل: "هل نحمي الإخوان بدفعهم جميعاً الى الترشيح"؟ معتبراً أن الحكومة "لا يمكن أن تلقي القبض على كل المرشحين حتى لا تتعرض للإحراج ولكنها يمكن أن توقف الفاعلين من مناصريهم". وفسر مراقبون كلام الوزير العادلي بأن الحكومة لن تقبل من الإخوان أن يتحدثوا باسم الجماعة أو أن يطرحوا شعاراتها، وأن أي ظهور علني لهم يعكس ثقلهم لن يمر من دون حساب. وعلى ذلك فإن نزع اللافتات التي حملت شعار الإخوان الشهير "الإسلام هو الحل" يأتي في هذا السياق كما أن التصدي لمسيرات مرشحيهم سيظل أمراً مؤكداً. ولأن الجماعة أبدت اصراراً على المضي في المشاركة الانتخابية فالمؤكد أن أيام الانتخابات ستشهد مزيداً من الصراع والمواجهة.