أكد مسؤول مجلس شورى "الجماعة الإسلامية" المصرية مصطفى حمزة إلتزام قادة وعناصر الجماعة قراراً أصدره التنظيم في آذار مارس من العام الماضي قضى بوقف شامل للعمليات العسكرية داخل مصر وخارجها استجابة لمبادرة سلمية أطلقها القادة التاريخيون للجماعة الذين يقضون فترات العقوبة في قضية اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات. وقال حمزة في مكالمة هاتفية أجراها من مكان غير معلوم خارج مصر مع مراسل "الحياة" في القاهرة: إن "قرار الموافقة على المبادرة تم اتخاذه على كل المستويات في الجماعة بعد دراسات عميقة"، وتعد تلك المرة الأولى التي يتحدث فيها حمزة إلى الصحافة منذ الحديث الذي أدلى به إلى "الحياة" عقب محاولة الاغتيال التي تعرض لها الرئيس حسني مبارك في أديس ابابا في حزيران يونيو 1996 ليثبت أنه مقيم في أفغانستان، ويبرئ السودان من تهمة إيوائه. وبدا أن التحليلات التي فسرت بياناً اصدره الاسبوع الماضي المسؤول السابق ل"مجلس شورى الجماعة" رفاعي أحمد طه حول قضية القدس، وفهمت بعض عباراته على أنها تعني تحولاً في الاستراتيجية السلمية للجماعة، هي ما دفع حمزة إلى الخروج عن الصمت الذي يفرضه على نفسه، فعلق على بيان طه قائلاً: "من الناحية الشكلية البيان شخصي ولم يصدر عن قيادة الجماعة الإسلامية، أما من جهة الموضوع فإن قضية القدس الشريف محل إجماع القوى الإسلامية والشعب المصري ولا يمكن القبول بالتفريط في ذرة رمل من تراب القدس فضلاً عن سائر فلسطين، وعلى ذلك فإن كل مشاريع التسوية وبيع المقدسات المتداولة هي محل رفض من كل القوى الإسلامية والسياسية والوطنية". واعتبر حمزة، الذي أوردت السلطات المصرية في نهاية العام 1996 اسمه ضمن لائحة ضمت 14 أصولياً اعتبرتهم "أخطر المطلوبين المصريين المقيمين في الخارج"، أن تفسير بيان طه بأنه يحمل تهديدات، ويعني تخلي "الجماعة الإسلامية" عن سياستها المتعلقة بالتزام وقف العمليات المسلحة "كان مبالغاً فيه ويميل إلى الإثارة"، وأضاف "عندما يطرأ أي تغيير على هذه السياسة فإن "مجلس الشورى" وحده المخول إعلان مثل هذا التعديل بعد إجراء مشاورات واسعة". وارتبط اسم حمزة خلال سنوات الصراع بين الحكومة والأصوليين الراديكاليين التي امتدت من 1992 وحتى 1997 بأكبر عمليات "الجماعة الإسلامية" عنفاً حتى أنه صار الوحيد الذي صدر في حقه ثلاثة أحكام بالإعدام إضافة إلى حكم آخر بالسجن. ومنذ تفجر العنف في مصر في ربيع العام 1992 لم تخل قضية واحدة تتعلق بعمليات "الجماعة الإسلامية" من اسم حمزة على أنه ساهم في تدريب عناصر الجناح العسكري في معسكرات أقامها التنظيم في أفغانستان، أو لكونه اصدر التكليفات إلى هؤلاء. وتناول قائد الجماعة في حديثه إلى "الحياة" ما ذهب إليه معارضو التوجه السلمي للجماعة من أن القادة السجناء اطلقوا مبادرتهم لمجرد أن يحصلوا على امتيازات لتحسين أوضاعهم المعيشية، وقال: إن "من ثبت أمام المحن والشدائد في أحلك الظروف والمواقف على مر السنين آخر من استفاد من المبادرة وهم يملكون علماً شرعياً وخبراتهم الطويلة تمكنهم من تقويم الأوضاع إسلامياً وموضوعياً"، لافتاً إلى أن غالبية القادة السجناء "سينهون فترات الأحكام الصادرة في حقهم في تشرين الأول اكتوبر من العام المقبل بعد أن يكونوا قضوا 20 سنة متواصلة في السجون"، وتساءل: "هل من ثبت هذه المدة والأوضاع تغلي من حوله يظن ظان بأنه لن يصبر على ما تبقى وهو قليل"؟ وشدد حمزة في ختام حديثه على أن قرار وقف العمليات المسلحة "لاقى تأييداً كبيراً من سائر الأخوة ممن هم في عافية وستر في دينهم ودنياهم ممن هم خارج السجون سواء في مصر أو الخارج"، مؤكداً أن بيانات طه "تعبر عن وجهة نظره الشخصية ولا يمكن أن تحسب على الجماعة".