أكثر ما يستغربه المتابعون للتفاعلات التي تجري داخل تنظيم "الجماعة الاسلامية" أن يكون القيادي البارز مصطفى حمزة هو الذي يقود حالياً تيار التهدئة بين قادة الجماعة المقيمين في الخارج على رغم ان اسمه ارتبط دائماً بأكبر عمليات التنظيم عنفاً حتى انه صار الوحيد الذي صدر في حقه ثلاثة احكام بالإعدام اضافة الى حكم آخر بالسجن. قادة الجماعة والقريبون منها يؤكدون ان رفاعي أحمد طه الذي تولى مسؤولية مجلس شورى التنظيم لسنوات، حتى وقعت حادثة الاقصر العام 1997 ودفعته الى الاستقالة وتولى حمزة مكانه. لكن اعتقاداً راسخاً لدى الاوساط السياسية والامنية وحتى الشعبية، بأن حمزة كان يسير في الطريق نفسه الذي يحدده طه والذي يستند الى تكثيف العمليات العسكرية ضد الحكومة المصرية. وزاد ورود اسم حمزة في لائحة الاتهام في قضية محاولة اغتيال الرئيس حسني مبارك في حزيران يونيو العام 1996 في اديس ابابا، من قناعة الجميع بأن حمزة لا يقبل بأن تتحول استراتيجية التنظيم نحو التهدئة، ولكون المكان الذي يقيم فيه حالياً ما زال مجهولاً، ولأنه لا يتحدث الى الصحافة ولا يتعاطى مع وسائل الإعلام فإن الوقوف على آرائه ومواقفه ظل امراً بالغ الصعوبة. وحين أطلق القادة التاريخيون للجماعة في تموز يوليو العام 1997 مبادرة سلمية لوقف العنف وعارضها قادة التنظيم المقيمون في الخارج قيل وقتها أن حمزة كان المعترض الاول. وساهم عثور اجهزة الامن المصرية على رسالة حملها احد منفذي عملية الاقصر موجهة الى حمزة اعتقاد البعض انه وراء العملية وان المنفذين كانوا حصلوا على تعليمات منه، خصوصاً بعدما تسببت الحادثة في انقسام قادة الخارج حولها، اذ تبناها طه وأعلن مسؤولون الجماعة عنها. ولد مصطفى حمزة في 14 كانون الاول ديسمبر العام 1957 في مدينة بني سويف وحصل على بكالوريوس في الزراعة واتهم في قضية اغتيال الرئيس انور السادات وحكم عليه بالسجن لمدة سبع سنوات، وغادر مصر بعدها الى احدى الدول العربية ومنها انطلق الى افغانستان حيث ساهم في تدريب أعداد كبيرة من عناصر التنظيم التي وصلت الى ذلك البلد. ومنذ بداية تفجر العنف في مصر في ربيع العام 1992 لم تخلُ قضية واحدة من اسم حمزة على أنه ساهم في تدريب عناصر الجناج العسكري ممن أقاموا في معسكرات تابعة ل"الجماعة الاسلامية" على الاراضي الافغانية او لكونه اصدر التكليفات الى هؤلاء وحدد لهم الهدف الذي ستنطلق رصاصتهم اليه. وفي كانون الاول ديسمبر من ذلك العام صدر ضده اول حكم غيابي بالإعدام في قضية "العائدون من افغانستان" التي نظرت فيها محكمة عسكرية، وبعد اقل من سنتين صدر ضده حكم غيابي من محكمة عسكرية ايضا بالإعدام في قضية محاولة اغتيال وزير الاعلام صفوت الشريف، وفي نيسان ابريل العام 1998 صدر ضده حكم ثالث بالإعدام في قضية "أحداث المنيا" التي نظرت فيها محكمة امن الدولة العليا. وأوردت السلطات المصرية في نهاية العام 1996 اسم حمزة في لائحة ضمت 14 اصولياً عبر تهمة "اخطر الارهابيين المصريين المقيمين في الخارج". وكان حمزة سبباً في ازمة عنيفة ظهرت بين مصر والسودان عقب وقوع محاولة اغتيال مبارك في اديس ابابا، اذ طالبت مصر السلطات السودانية تسليمها اياه واثنان آخران من اتباعه هما اسلام الغمري وحسين شميط بعدما فروا من ملاحقة السلطات الاثيوبية لهم. وظهر حمزة في وقت لاحق في افغانستان وتحدث الى "الحياة" من هناك في المرة الوحيدة التي ظهر فيها علناً ربما لينفي التهمة على السودان بإيوائه، وترددت انباء عن تنقل حمزة ما بين افغانستان والصومال، لكن احداً لم يشاهده هناك. ويفسر مراقبون التحول في توجهات حمزة بأنها ترجع الى انه صار مسؤولاً فعلياً عن مجلس شورى التنظيم خلفاً لطه عقب حادثة الاقصر وبالتالي صارت لديه الفرصة ليساهم بقدر اكبر في تحديد سياسيات الجماعة.