فاجأت الولاياتالمتحدة السلطة الفلسطينية، بطلب ارسال مبعوثين عنها الى نيويورك للتفاوض مع وفد اسرائيلي، بعدما كانت قد ضغطت من أجل تجديد المفاوضات بين الطرفين في اسرائيل وفي أراضي الحكم الذاتي بالتناوب. وقد أبدى الفلسطينيون عدم ارتياحهم لهذا الطلب، لكنهم وافقوا على الذهاب ترضية للاميركيين، وهم يتوقعون هناك مفاوضات لا تزيد عن ثلاثة أيام، حول امكان الخروج من مأزق الفشل الذي تواجهه عملية التسوية السياسية. ويوجد في الولاياتالمتحدة منذ مدة شلومو بن عامي وزير خارجية اسرائيل بالوكالة، لحضور اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة، وهو التقى هناك أول من امس ساندي بيرجر مستشار الأمن القومي الأميركي، ونقلت وزارة الخارجية الاسرائيلية عن بن عامي قوله "سنجلس مع الاميركيين في الأيام المقبلة، وفهمت ان الاميركيين دعوا ايضاً الفلسطينيين للغرض نفسه". ووصل الى الولاياتالمتحدة امس الدكتور نبيل شعث وزير التخطيط ومحمد دحلان مسؤول الأمن الوقائي في قطاع غزة وصائب عريقات لهذا الغرض، ومن المتوقع ان يعقد الطرفان الاسرائيلي والفلسطيني لقاءات بحضور وزيرة الخارجية مادلين اولبرايت. المصادر المطلعة في واشنطن تقول ان الاهتمام ينصب في اللقاءات الجديدة على موضوعين: أولاً موضوع التسوية السياسية ويتم بحثه مع الفلسطينيين والاسرائيليين من منطلق وضع مسودة خطية للترتيبات التي نوقشت خلال قمة كامب ديفيد، مع ان دنيس روس المنسق الاميركي لعملية السلام كان أنجز قراءة في الافكار والمواقف التي عرضت في كامب ديفيد، ولكن يبدو ان قراءته لم تحظ بقبول مشترك من الطرفين. والموضوع الثاني في هذه المفاوضات، هو الوضع الحكومي الاسرائيلي ويتم بحثه بين الاميركيين والاسرائيليين فقط، وبهدف استطلاع امكانية تكوين ائتلاف سياسي يدعم تشكيل حكومة اسرائيلية جديدة، تنقذ رئيس الوزراء ايهود باراك من سقوط حكومته المحتم عند اجتماع الكنيست في أواخر تشرين الأول اكتوبر المقبل حين تنتهي عطلة الكنيست، ويكون مضطراً آنئذ الى الذهاب الى الانتخابات. وبات من الواضح ان فرصة باراك لتشكيل ائتلاف حكومي جديد لا يمكن ان تتحقق الا اذا قبل ان يعتمد في نيل الثقة على أصوات النواب الفلسطينيين العشرة، وهنا يرى مسؤولون فلسطينيون ان باراك ليس من النوع الذي يقبل بذلك، اضافة الى انه لجأ مؤخراً الى افتعال المشاكل مع العديد من النواب العرب بدل مراضاتهم، فهناك الآن مشاكل ودعاوى مع كل من النائب عزمي بشارة، والنائب محمد بركة حداش، والنائب عبدالمالك دهامشة اللائحة العربية الموحدة. ولذلك فإن المسؤولين الفلسطينيين يرجحون ان اسرائيل ذاهبة نحو الانتخابات، ولا يرون فائدة من الاتفاق مع حكومة غير مضمونة البقاء. في هذه الاثناء تستمر مسألة القدس بارزة على سطح المداولات الفلسطينية - الإسرائيلية، وهي تتركز حالياً حول الاقتراح الذي قدمه الرئيس ياسر عرفات إلى الرئيس كلينتون بأن تتولى لجنة القدس السيادة على المسجد الأقصى، لكن إسرائيل ترفض هذا الاقتراح، وقام بن عامي بإبلاغ هذا الرفض للأميركيين انطلاقاً من الاصرار على فكرة تقاسم السيادة عمودياً، أي أن تكون السيادة فلسطينية فوق الأرض المسجد الأقصى وإسرائيلية تحت الأرض جبل الهيكل. وبينما قالت صحيفة "هآرتس" إن عرفات اقترح وضع السيادة بين يدي مجلس الأمن ولجنة القدس، أصر شعث على أن عرفات لم يبلغ كلينتون قط بشأن سيادة لمجلس الأمن على الحرم الشريف. وقال شعث ل"الحياة" في نيويورك "إن موضوع القدس ليس هو الموضوع الوحيد ولا نريد أن يكون الموضوع الوحيد، بالتأكيد انه موضوع مهم ومن دونه لا يتم الاتفاق، ونحن قلنا لكلينتون إنه لا يجوز أن يتم التركيز فقط على قضية لا نستطيع أن نقدم فيها تنازلات". وأوضح ان هذه الجولة من المفاوضات هي لمدة 48 ساعة فقط، وهي تتم بناء على طلب أميركي لكي يتم تقويم الموقف بحضور الطرفين، ثم العودة إلى التفاوض في المنطقة. وقال عمرو موسى، وزير خارجية مصر، ل"الحياة" إن فكرة السيادة على القدس ل"هيئة دولية" ما زالت واردة، ولكنها فكرة من أصل 21 فكرة عرضت حتى الآن في مسألة السيادة. وتعمد وزير خارجية سورية فاروق الشرع في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة التطرق إلى الخلافات السورية - الفلسطينية، والانتقادات السورية لكيفية التفاوض الفلسطيني لوضعها في إطارها كي لا تكون عرضة للتفسيرات. وقال: "لم نتخذ هذه المواقف احراجاً لأحد، أو للتفاوض نيابة عن أحد، وإنما كانت ولا تزال، ولأسباب مبدئية، متمسكة بالحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني".