ستدمر شركة الاتصالات الأميركية "موتورولا" كوكبة الاقمار الاصطناعية التي تدير نظام "ايريديوم" للاتصالات الفضائية. قد يبدو الخبر غريباً، ولكن من يتابع أخبار هذا المشروع يدرك تماماً أنها خطوة متوقعة ومنطقية، إذ أعلنت المؤسسة التي تدير "ايريديوم" قبل سنة انها تعاني مشكلات مادية، وانتظرت طويلاً مشتركين ينقذونها من وضعها المالي السيئ. فكيف انتهت قصة إحدى التقنيات التي وعدت العالم بخطوة جديدة في تاريخ تطور الاتصالات، وعرفت بأنها المشروع الذي يسمح للمشتركين فيه باستخدام الهاتف الخلوي من اي بقعة في الارض؟ في 5 أيار مايو 1997 أطلقت شركة "موتورولا" هذا المشروع، و"ايريديوم" أول كوكبة أقمار اصطناعية للاتصالات الخلوية العالمية، تتألف من 66 قمراً اصطناعياً وزعت على ستة مدارات على بعد 780 كلم عن الارض، وارتبطت باحدى عشرة محطة ارضية، مهمتها توجيه الإشارات الهاتفية نحو شبكات الاتصالات التي يستخدمها الجمهور. بدا المشروع طموحاً عند اطلاقه. وتوقع المطلعون ان يقبل عليه كبار رجال الاعمال ووصل عدد المشتركين الى الملايين. لكن وسائل الاعلام اخذت تتحدث قبل عام تقريباً عن إفلاس المشروع. وأعلن هذا الافلاس رسمياً في 20 آذار مارس 2000، بعدما افصحت شركة "موتورولا" انها ستوقف تعاملها بهذه الاقمار، وستتوقف بالتالي عن دفع رسم الاشتراك في المشروع الذي لم ينجح في جذب زبائن جدد اليها. وسمحت محكمة الافلاس الاميركية ل"موتورولا" في آذار الماضي، بأن تدمر اقمار "ايريديوم" الخاصة بها. لكن الشركة لم تعلن برنامج تدمير هذه الاقمار بعد، علماً ان العملية ستستغرق ما بين ثمانية اشهر وتسعة. وستصل الكلفة الى 500 مليون دولار. وتتم عملية التدمير بإخراج الاقمار عن مداراتها نحو الارض فتحترق من الحرارة المتولدة من جراء احتكاكها بالغلاف الجوي. وعلى رغم المشكلات المادية التي عاناها المشروع يبقى السؤال الابرز ذاك الذي لا يمل المفكرون الاميركيون طرحه: "كيف يمكن ان يفشل مشروع تكنولوجي واعد فشلاً ذريعاً؟" لا شك في ان بعض الاسباب تجاري، اهمها فشله في جذب المستهلكين. لكن الكوكبة "ايريديوم" اظهرت ايضاً ضعفاً تقنياً، وبدت عملية الاتصالات عبر الاقمار معقدة اكثر مما توقع مطلقو المشروع. وتزن الهواتف التي يمكن استخدامها للاتصال عبر مشروع "ايريديوم" ثلاثة اضعاف وزن الهواتف "جي اس ام"، وقد بيعت ينحو اربعة آلاف دولار، ثم انها لم تلتقط الاتصالات داخل المباني المغلقة، ولم تلتقطها جيداً تحت الاشجار. ومن ناحية اخرى، اخطأ منظمو المشروع إذ اعتبروا ان تنظيم حملة اعلامية عالمية ضخمة عند اطلاقه امر كاف لجذب المشتركين وانجاح مشروعهم بلغت الكلفة مئات ملايين الدولارات. ستطوى صفحة "ايريديوم" اذاً قريباً، لكن المحاولات لتطوير عالم الاتصالات كثيرة، وقد نسمع قريباً خبراً عن اختراع جديد سيجعل الكون كله قرية صغيرة. * كاتبة من اسرة "الحياة".