على رغم الحديث عن وصول الطرفين المتفاوضين داخل أسوار كامب ديفيد - 2 الى توافق على عدد من القضايا التي تم التفاوض بشأنها إلا ان الطريق نحو كامب ديفيد - 3 وامكان نجاحها ما زال وعراً، بفعل المواضيع التي تعترض قرارات الشرعية الدولية وفق الوجهة الاسرائيلية. فالكثافة الاستيطانية المنتشرة فوق أراضي القدس والضفة والقطاع تشكل عقبة لا حل لها إلا بتفكيك المستوطنات ورحيل المستوطنين. وقبل كامب ديفيد - 2 بقليل من الزمن، تم تدشين مستوطنة "ألون شفوت" قرب المستوطنة الأكبر "غوش عتسيون" التي يطرح ايهود باراك ضمها ومبادلتها ومعها كتل الاستيطان الكبرى على أرض الضفة والقدس والقطاع بأجزاء من صحراء حلوتصا - هلوتزا شمال شرقي قطاع غزة، وتم في المستوطنة المذكورة تأسيس 221 وحدة سكنية يقيم فيها العشرات من المستوطنين. وهكذا تحت سقف مدريد - أوسلو، تواصلت عمليات الاستيطان في الضفة والقطاع والقدس. قبل نحو سبع سنوات، ومع التوقيع على اتفاق اعلان المبادئ في حديقة البيت الأبيض، كان يقيم على أرض الضفة والقطاع من دون القدسالشرقية حوالى 110 آلاف مستوطن يهودي، وفي حزيران يونيو من هذا العام الجاري ارتفع عددهم ليصل الى ما يقارب 200 ألف مستوطن عدا عن 150 ألف مستوطن يقيمون في مناطق القدسالشرقية ومحيطها. وحصد هؤلاء مساحات واسعة من الأرض بغرض توسيع المستعمرات القائمة، واقامة مستوطنات جديدة. فبلغت مساحة الأراضي الفلسطينية المصادرة ما يقارب 400 ألف دونم، منها مساحات تم مصادرتها تحت عناوين: المناطق الخضراء، الشوارع الالتفافية، وربط المستوطنات ببعضها بعضاً. ومع ان حكومات رابين - بيريز - نتانياهو ثم باراك أعلنت في مراحل معينة من عملية التسوية الجارية عن تجميد البناء الاستيطاني في بعض المواقع، إلا ان المعطيات أشارت الى ان الحكومات المذكورة وان تغيرت من اليمين الى اليسار لم تتوقف عملياً عن بناء المستوطنات، وفق تعبير صحيفة معاريف في عددها الصادر يوم 18/8/2000. في السنة الماضية 1999 ارتفع عدد المستوطنين بنسبة 13 في المئة، ولما كانت وتيرة الارتفاع الطبيعية المواليد - الوفيات في مجتمع المستوطنين تصل الى 3 في المئة سنوياً، تكون الغالبية الكبيرة للارتفاع آتية من الاستيطان. وطلبات المصادقة على المخططات الهيكلية للبناء الاستيطاني والمقدمة من قبل قادة المستوطنين في مناطق القدس والضفة والقطاع على نحو متواصل لم تشهد أي انقطاع يذكر، على رغم الاجراءات التي قد تطول أحياناً، تجنباً لإثارة الأجواء وتوتيرها مع الطرف الفلسطيني ومن أجل تبليعها بالتدريج. وبحسب المعلومات الإسرائيلية المنشورة حديثاً، يشكل البناء الاسمنتي في مواقع الاستيطان 13 في المئة من البناء في اسرائيل، أي أكثر من ثلاثة أضعاف البناء في تل أبيب وأكثر منها في منطقة حيفا. الى ذلك لم يشفع غطاء التسوية للأرض الفلسطينية أو يحد من التسهيلات المقدمة لجمهور المستوطنين، فقروض الاسكان تقدم بيسر وسهولة لشراء الشقق، ويوجد لكل عملية شراء شقة قرض يراوح بين 26 و106 آلاف شيكل. استتباعاً، ان 64 في المئة من المواقع الاستيطانية في الضفة والقدس والقطاع التي وصفت بالمجمدة منذ عهد باراك تم توسيعها في الفترات الأخيرة، وذلك وفق تقرير لجنة متابعة الاستيطان الذي أعدته "حركة السلام الآن" ونشرته صحيفة هاآرتس 21/8/2000. ويتضح من التقرير انه تم اخلاء أجزاء محدودة من المواقع، بعد أن عقد باراك اتفاق صفقة مع قادة مجلس المستوطنين المسمى اختصاراً ب"يشع"، وجرى بموجبه تجميد بعض المواقع التي تمت اقامتها خارج المستوطنات مستوطنات التلال وتم اخلاء أربعة مواقع منها فقط وستة مواقع صغيرة لم يتعد حجم الاستيطان فيها بضع "كرافانات"، بينما استمر توسيع ما هو قائم، خصوصاً في قلب وعلى محيط المستعمرات الكبيرة. وتشير مصادر المستوطنين وفق ما نشر حديثاً وما كشفته تقارير "حركة السلام الآن" الإسرائيلية الى ان كل ما جرى ويجري يتم بمعرفة الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن وبالتنسيق الكامل معهما. وهنا قائمة بأسماء التلال والمواقع الاستيطانية الجديدة التي أنشئت قرب المستعمرات الأم، في نهاية حكومة نتانياهو واستمرت مع حكومة باراك. وطبعاً تمت عمليات الاستيطان الكبرى من خلال توسيع ما هو قائم من المستعمرات واستمرار البناء والتوسع في منطقة جبل أبو غنيم لاغلاق دائرة القدس الكبرى وشطر الضفة الغربية الى ثلاث مناطق: شمال الضفة، الوسط، الخليل وجنوب الضفة. * كاتب فلسطيني.