مجموعة العيسائي القابضة تستعرض أحدث ابتكاراتها وآخر مشاريعها في مجال العقارات    ولي العهد والرئيس الإيراني يستعرضان تطور العلاقات بين البلدين    الأخضر يدشن تحضيراته في أستراليا    مانشستر يونايتد يودع فان نيستلروي    وقف الحروب اختبار لترمب المختلف    تعزيز السلامة بالمدن الصناعية    اختتام فعاليات ملتقى الترجمة الدولي 2024 في الرياض بحضور أكثر من 3000 زائر و50 خبيرًا محليًّا ودوليًّا    من الكتب إلى يوتيوب.. فيصل بن قزار نموذجا    الهلال الأحمر يباشر بلاغًا عن مواطن مفقود في منطقة صحراوية شرق عرعر    محافظ الطائف يستعرض مع مدير فرع وزارة النقل المشاريع المنجزة والحالية    إحالة ممارسين صحيين للتحقيق    روسيا وأوكرانيا تتبادلان أكبر هجمات بالمسيّرات    شرطة جدة تقبض على مخالفيْن لنظام الحدود لترويجهما «الحشيش»    الذكاء الاصطناعي بيد الحمقى والتافهين    هيئة الأفلام وتجربة المحيسن.. «السينما 100 متر»    «الهيئة الملكية لمحافظة العُلا» توقّع اتفاقية مع متحف نابولي الوطني للآثار    رئيس البرلمان العربي: دعوة المملكة لعقد القمة العربية والإسلامية تأتي في وقت مهم    209 طلاب يتنافسون على الجامعات الأمريكية    ضبط أكثر من 826 مخالفًا لممارستهم نشاط نقل الركاب دون ترخيص في عددٍ من مطارات المملكة    محافظ الطائف يستقبل إدارة جمعية الرواد لإدارة الأزمات والكوارث والدعم    جامعة أم القرى تبدأ استقبال طلبات التقديم على برنامج دبلوم الفندقة والضيافة    وزير الحرس الوطني يفتتح قمة الرياض العالمية للتقنية الحيوية الطبية    35.4 مليار ريال حصيلة اتفاقيات ملتقى بيبان 24    المملكة.. ثوابت راسخة تجاه القضية الفلسطينية والجمهورية اللبنانية    استخراج جسم صلب من رقبة شاب في مستشفى صبيا    الغامدي والعبدالقادر يحتفلان بعقد قران فراس        نائب وزير الخارجية يلتقي نائب وزير الخارجية الإندونيسي    أمير القصيم يستقبل رئيس المحكمة الجزائية في بريدة    السعودية تدين الهجوم الإرهابي على محطة قطار في إقليم بلوشستان جنوب غرب باكستان    أمير القصيم يكرّم وكيل رقيب الحربي    «مجلس التعاون» يدين الاعتداء الإرهابي الغادر الذي استهدف قوات التحالف في سيئون    أمير الرياض يستقبل مدير فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمنطقة    بيشة: ضبط مخزن للمواد الغذائية الفاسدة داخل سكن للعمال    آل الشيخ يرأس وفد المملكة في الاجتماع الثامن عشر لرؤساء المجالس التشريعية الخليجية في أبو ظبي    منسج كسوة الكعبة المشرفة ضمن جناح وجهة "مسار" بمعرض سيتي سكيب العالمي المملكة العربية السعودية    خلال الاجتماع الوزاري لدول مجموعة العشرين بالبرازيل:المملكة تؤكد التزامها بالحفاظ على التراث الثقافي    الرئيس الموريتاني يزور المسجد النبوي    الأمريكية "كوكو جوف" بطلة الفردي في نهائيات رابطة محترفات التنس    8 توصيات طبية تختتم مؤتمر طب الأعصاب العالمي    الحزم يزاحم نيوم على صدارة يلو    برعاية خالد بن سلمان.. وزارة الدفاع تنظم الملتقى الدولي الأول لضباط الصف القياديين    التفاؤل بفوز ترمب يدفع «S&P 500» لتسجيل أعلى مكاسب أسبوعية    ضمك يتغلّب على الوحدة بثلاثية في دوري روشن للمحترفين    «ألفا ميسينس».. تقنية اصطناعية تتنبأ بالأمراض    5 نصائح لحماية عينيك من الالتهاب    محافظ جدة يتوج الفائزين ببطولة منطقة مكة المكرمة لجمال الجواد العربي    وزارة الدفاع تنظم الملتقى الدولي الأول لضباط الصف القياديين نوفمبر الجاري    مراسل الأخبار    يجوب مختلف مناطق المملكة.. إطلاق «باص الحِرفي» للتعريف بالفنون التقليدية    حديث في الفن    ياباني يحتفل بذكرى زواجه الافتراضي    تجارب مثيرة    فطر اليرقات يعالج السرطان    فهم ما يجري بالمنطقة من اضطرابات.. !    استحالة الممكن وإمكانية المستحيل    فوز ترمب.. هل للعنصرية مكان في الانتخابات الرئاسية ؟    أمير الباحة يستقبل مساعد مدير الجوازات للموارد البشرية و عدد من القيادات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كامب ديفيد ... بداية لا نهاية . مفاوضات السلام محكومة بحلٍ ما للمشاكل الجوهرية
نشر في الحياة يوم 07 - 08 - 2000

انتهت قمة كامب ديفيد بلا نتيجة إلا أن المفاوضات بين الأطراف الثلاثة لم تنته، كما لم ينته عزم هذه الأطراف وتصميمها على مواصلة بذل المساعي وعقد المزيد من اللقاءات على مستوى القمة من أجل التوصل الى اتفاق في قمة مقبلة، وقد اتفق القادة الثلاثة الاميركي والفلسطيني والاسرائيلي في بيانهم الختامي على تأكيد الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي مواصلة جهودهما للتوصل الى اتفاق بشأن جميع مسائل الوضع الدائم بأسرع وقت ممكن واتفقا على أن المفاوضات التي تقوم على أساس قراري مجلس الأمن 242 و338 هي السبيل الوحيد للتوصل الى مثل هذا الاتفاق، وحرص راعي القمة الرئيس كلينتون على تأكيد احراز تقدم حقيقي ملموس في عدد من القضايا الجوهرية، أما رئيس الوزراء الاسرائيلي فقد أكد في بيانه أن الظروف لم تنضج بعد للسلام وأن المساعي لن تتوقف للتوصل اليه وتحقيقه، مشدداً في خطابه الى الاسرائيليين على انه لا ينبغي أن نفقد الأمل، وأكد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات من جانبه ان الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي والراعي الاميركي يريدون اكمال التقدم الذي تحقق خلال القمة بعد أن أصبح الجانبان أقرب الى الوصول لاتفاق ينهي الصراع مبيناً ان بعض وجهات النظر تقاربت وان من الممكن عقد قمة ثلاثية جديدة في الشهر المقبل.
منذ الاعلان عن عقد القمة وعلى امتداد الاسبوعين اللذين استغرقتهما المفاوضات لم يجزم أحد من المسؤولين المعنيين أو من المراقبين والمحللين بأن القمة ستنتهي بالنجاح وأن مفاوضاتها ستتوج بالاتفاق، فقد حرص الجميع على التمسك بالحذر وعلى المراوحة في التوقعات بشأن القمة ما بين النجاح والفشل، وكثيراً ما رجحوا الفشل بسبب التباعد الكبير في المواقف تجاه القضايا المطروحة على مائدة التفاوض وكون الأطراف تتفاوض للمرة الأولى وبهذا المستوى بشأن هذه القضايا، وأظهرت النتيجة التي انتهت اليها القمة ان القضايا المطروحة لايجاد حل لها وللتوصل الى اتفاق سلام فلسطيني - اسرائيلي لا يمكن الاتفاق بشأنها خلال قمة واحدة، بل يحتاج الأمر الى قمة ثانية وربما ثالثة ورابعة خصوصاً أن الاتفاق بشأن هذه القضايا لا بد من أن يأتي تنفيذاً لقراري مجلس الأمن 242 و338 وتنفيذاً لقرار الجمعية العامة الرقم 194 الخاص بحق العودة للاجئين، ولا بد من أن يكون اتفاقاً واضحاً لا لبس فيه أو غموض وذلك على عكس اتفاق أوسلو الذي فرض غموضه على الأطراف المعنية عقد قمم لاحقة لتبديد غموضه وتبيان ما جاء فيه ومرحلة تنفيذ كل بند فيه، وعلى رغم ذلك لم تنفذ اسرائيل حتى الآن كل ما التزمته ووافقت عليه.
البداية الناجحة لاتفاق أوسلو لم تحل دون عقد قمم عدة لاحقة للحيلولة دون نهاية فاشلة له، والبداية الفاشلة الآن في كامب ديفيد بشأن الاتفاق على قضايا الحل النهائي قد تدفع الى نهاية ناجحة وأكثر رسوخاً ووضوحاً. فالفشل في البداية، يؤسس في معظم الأحيان لنجاحات كبيرة لاحقاً وكثيراً ما يكون شرطاً لنجاح أقوى. لقد فشلت طنجرة الضغط الأميركية في كامب ديفيد على امتداد اسبوعين من العزل والضغط المستمر في إنضاج الأطراف وتليين مواقفها تجاه القضايا - الثوابت وذلك بسبب عدم نضج الظروف عند الجانب الاسرائيلي وليس عند الجانب الفلسطيني، فالقضايا المطروحة بمثابة ثوابت حقيقية وقانونية وشرعية بالنسبة الى الجانب الفلسطيني يصعب ان لم يكن يستحيل عليه تقديم تنازلات بشأنها، وهي بالنسبة الى الاسرائيلي بمثابة أوهام ثابتة في العقيدة الصهيونية وقد حاول عبر عمليات الضم والاستيطان والتهويد تجسيد هذه الأوهام كحقائق واقعية يصعب طمسها أو تجاوزها والإخلال بها من دون الحصول على أثمان كبيرة.
لقد جعل الفلسطينيون من السلام مع إسرائيل خياراً وقراراً استراتيجياً لهم وقبلوا بقرارات الشرعية الدولية أساساً لهذا السلام. وفي المقابل رفض الاسرائيليون السلام كخيار استراتيجي طالما أن هذا السلام سيقوم على تنفيذ القرارات، والمؤسف فعلاً أن الجانب الاسرائيلي وعلى رغم مرور نحو تسع سنوات على انعقاد مؤتمر مدريد وسبع سنوات على توقيع اتفاق أوسلو لم ينضج بعد للسلام ومتطلباته، والمؤسف أكثر ان القوى التي كانت تشكل محور تيار السلام وعصبه في اسرائيل قبل عقد مؤتمر مدريد وخصوصاً حركة السلام الآن وحركة ميرتس لا وجود أو فاعلية لها في الشارع الاسرائيلي، وقيادة حزب العمل التي انتخبت كقيادة للسير باسرائيل نحو السلام مع الفلسطينيين والسوريين لم تنجز شيئاً يذكر لا هنا ولا هناك بسبب رفضها المعلن مبدأ الانسحاب الكامل من جميع الأراضي التي احتلتها عام 1967 وبسبب استمرارها في محاولات التهرب وكسب الوقت ورهانها على إمكانية الحصول على اتفاق بشروط أفضل، وما لم تفهمه القيادة الاسرائيلية حتى الآن هو أن التنازلات التي قدمتها الأطراف العربية منذ قبلت بمؤتمر مدريد ليست تنازلات بلا حدود أو ضوابط وأن القيادة الفلسطينية التي أبدت كل المرونة لا يمكنها التنازل عن الثوابت والأسس، فقد اختار الفلسطيني التفاوض وسيلة لاسترداد الأرض والحقوق المغتصبة وما على الاسرائيلي سوى أن يستجيب ان لم يكن اليوم فغداً وبعد غد، إذا أراد فعلاً العيش بسلام في المنطقة.
لعل التقدم الحقيقي الملموس المحرز في عدد من القضايا الجوهرية كما أعلن الرئيس كلينتون يكمن في حقيقة اساسية تتمثل بأن الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي باشرا وللمرة الأولى في تاريخ الصراع بينهما في التفاوض بشأن إيجاد حلول للقضايا الجوهرية موضع الصراع. فهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها بحث مستقبل القدس وانسحاب اسرائيل منها وعودة اللاجئين وحدود الدولة وسيادتها، على هذا المستوى وبهذا العمق، وفي أية قمة مقبلة سيكون هناك المزيد من البحث المعمق لكل القضايا وصولاً الى قمة يتم فيها التوصل الى اتفاق السلام المنشود، ولن يكون هذا الاتفاق ما لم يتخذ رئيس الوزراء الاسرائيلي وليس الرئيس الفلسطيني القرارات التاريخية المطلوبة في هذا الوقت من أجل انهاء الصراع وفي مقدمها الانسحاب الاسرائيلي الكامل عسكريين ومدنيين من القدس والضفة والقطاع.
* كاتب فلسطيني مقيم في دمشق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.