شهدت الخرطوم أمس تحركات متزامنة هدفت الى انقاذ عملية التسوية السياسية المتعثرة، شملت تحركاً جديداً بدأه الوسيط السوداني مدير منظمة الأممالمتحدة للملكية الفكرية الدكتور كامل ادريس، وزيارة قام بها أمين وزير اللجنة الشعبية للوحدة الافريقية الليبي علي التريكي. وانتقد التريكي بشدة منح تقرير المصير لجنوب السودان ووصفه بأنه "حق أريد به باطل"، معتبراً أنه "سيؤدي الى فوضى كبيرة". في غضون ذلك، حملت الخرطوم بعنف على "التجمع الوطني الديموقراطي" المعارض واتهمته ب"تحريض حزب الأمة" على الانسحاب من ملتقى الخرطوم للحوار الذي تم تأجيله مرات عدة. وأجرى أمين اللجنة الشعبية العامة للوحدة الافريقية في ليبيا وممثلها في لجنة المبادرة المصرية - الليبية للوفاق في السودان على التريكي، محادثات مع الرئيس السابق عبدالرحمن سوار الدهب الذي يقود اللجنة التحضيرية لملتقى الخرطوم للحوار في حضور وزير الخارجية السوداني الدكتور مصطفى عثمان. وقال التريكي في تصريحات للصحافيين أمس ان ملتقى الخرطوم الذي دعا اليه البشير "شأن يخص السودانيين وحدهم"، نافياً تلقي مصر وليبيا أي دعوة لحضوره والقيام بدور مراقب فيه. وزاد ان مشاركة الدولتين غير مطروحة تماماً. واعتبر ان ملتقى الخرطوم يمثل تعزيزاً للمبادرة المشتركة وتحفظ على منح الجنوب السوداني حق تقرير المصير، ووصف تقرير المصير للجنوب بأنه "حق اريد به باطل". وقال ان حدوثه سيؤدي الى فوضى كبيرة. وتابع ان "من حق كل شعب اختيار طريقة حكمه مركزياً أو لا مركزياً، ولكن لا يمكن أن نعطي الصعيد المصري أو الجنوب الليبي مثلاً حق الانفصال لأن ذلك سيحدث فوضى". وأضاف المسؤول الليبي ان القاهرة وطرابلس لا ترفضان التعاون مع مبادرة الهيئة الحكومية للتنمية ومكافحة الجفاف في شرق افريقيا ايغاد لإحلال السلام في السودان، إلا أنهما تتحفظان على حق تقرير المصير الوارد في اعلان ايغاد. وأعرب وزير الخارجية السوداني الدكتور مصطفى عثمان عن خيبة أمله إزاء بطء مساعي الوفاق مع المعارضة. وقال للصحافيين أمس ان الحكومة كانت تريد اجراء الانتخابات البرلمانية عبر الوفاق، ولأن الوفاق لم يكتمل فإن البلاد لن تبقى من دون برلمان في انتظار المجهول. وكان الرئيس البشير حل البرلمان في كانون الأول ديسمبر الماضي لإقصاء حليفه السابق رئيس البرلمان الدكتور حسن الترابي. وقال اسماعيل ان حل البرلمان عرض السودان لمحاولات ادانة من الاتحاد الأوروبي والاتحاد البرلماني الافريقي الباسفيكي. وأشار الى قرار اتحاد البرلمانات الدولية في اجتماعه الأخير في عمان تجميد عضوية السودان في الاتحاد. وشدد على أن الانتخابات البرلمانية ستجرى في تشرين الأول اكتوبر المقبل. وأضاف ان "البلاد لا يمكن أن تنتظر الى ما لا نهاية" وأفاد عثمان ان حكومته ستشارك في مفاوضات "ايغاد" المقبلة مع "الحركة الشعبية لتحرير السودان"، في حال الاتفاق على موعد محدد، مشيراً الى ان التشاور بين الحكومة و"ايغاد" مستمر. الى ذلك حمل الأمين العام للحزب الحاكم الدكتور ابراهيم أحمد عمر بعنف على التجمع المعارض، واتهمه بالسعي الى عرقلة ملتقى الخرطوم التحضيري وتحريض حزب الأمة بعدم المشاركة فيه. وستقرر الحكومة غداً الموعد الجديد للملتقى الذي ارجئ مرتين خلال الشهر الجاري. وقال ان التجمع "يعمل على خلق عداوات لنفسه بلا مبرر". وأكد ان الحكومة "لن تلتفت الى ما يثيره التجمع وهي ماضية في طريق الوفاق والسلام". ونفى وجود اعتقالات سياسية في أوساط بعض الأحزاب المعارضة، لكنه اعترف باستدعاء أحد كوادر حزب الترابي لاتهامه البشير بالتطبيع مع اسرائيل. وأفاد أحد قادة حزب المؤتمر الشعبي ان القيادي أبو بكر عبدالرازق كان لا يزال معتقلاً حتى مساء أمس.