منتصف هذا الليل، يكتمل مشهد المعارك الانتخابية في ست دوائر تابعة لمحافظتي جبل لبنان والشمال، بانتهاء مهلة سحب الترشحات فيها. واذ تجرى عمليات الاقتراع في هاتين المحافظتين الأحد 27 آب اغسطس الجاري فان السياق المحموم على كسب الأصوات، وعلى اختراق مرشحي اللوائح الثانوية للرئيسية، واصرار المنفردين الذين يرغبون في اثبات وجودهم أو الذين يأملون بالفوز عبر تبادل الأصوات مع المنضوين في لوائح الأقوياء، يجعل المنافسة محمومة، على رغم اقتناع كثر بأن طريقة تركيب اللوائح تجعل النتائج معروفة مسبقاً. وإذ تأخذ معركة الشمال بعداً حاداً، كان آخر مظاهره السجال الذي حصل بين رئيس الحكومة السابق عمر كرامي من جهة والوزير نجيب ميقاتي وقبله الوزير سليمان فرنجية من جهة ثانية، مع ما ساقه كل فريق من اتهامات للآخر، فإن رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري دخل مجدداً على خط المعركة الشمالية. فبعدما كان زار طرابلس وأيد لائحة الوزير فرنجية، قصد أمس منطقة سير الضنية، ومنزل المرشح المنفرد النائب أحمد فتفت فيها ينتمي الى تيار المستقبل الذي يتزعمه، في حضور عدد من أعضاء "اللائحة الائتلافية"، في دائرة الشمال الأولى الضنية، عكار وبشري عصام فارس وطلال المرعبي ووجيه البعريني وعبدالرحمن عبدالرحمن وقبلان عيسى الخوري. وأقيم له استقبال حاشد في محطات عدة على الطريق الى الضنية ورفعت لافتات وصوره، ونثر الرز والورود واضطر الى الترجل من سيارته غير مرة. وإذ كرر الحريري دعمه فتفت، أعلن أيضاً تأييده اللائحة الائتلافية التي بقي مقعد الضنية شاغراً فيها، ما فتح الباب على تعاون بين أعضاء اللائحة ومرشح الحريري المنفرد. وقال الحريري ان لا علاقة لتحركه بالموضوع الحكومي. وعن عودته الى رئاسة الحكومة قال: "هذا الاستحقاق سابق لأوانه والأمر متوقف على الانتخابات". وأوضحت "الجماعة الاسلامية" في طرابلس سبب عدم انضمامها الى لائحة كرامي. وقال أمينها العام فيصل المولوي: "ان التحالف خارج طرابلس والمنية مع الرئيس كرامي ليس منسجماً وموفقاً". وحمل على "مساومات انتخابية وشراء مقاعد". وفي دائرة المتن الشمالي أخذت معالم المعركة الانتخابية تتضح. وستدور بين ثلاث لوائح غير مكتملة: الأولى يتزعمها نائب رئيس الحكومة ميشال المر ابقى فيها المقعد الأرثوذكسي الثاني شاغراً، والثانية برئاسة نسيب لحود يعلنها اليوم رسمياً والثالثة ضمت ألبير مخيبر وحنا الشدياق، اضافة الى مرشحين منفردين، ابرزهم نجل رئيس الجمهورية السابق بيار أمين الجميل. وعقدت لائحتا المر ومخيبر اتفاقاً غير مباشر لتبادل الأصوات، وستخوضان المعركة في منافسة حامية مع لائحة لحود الذي سيبقي مقعدين شاغرين: مارونياً للتعاون مع الجميل، وارثوذكسياً لتهيئة الأجواء أمام القاعدة لمخيبر للضغط عليه لقيام تحالف بينهما. وعلمت "الحياة" ان مخيبر كان يميل الى ضم ثلاثة مرشحين موارنة الى لائحته، لكنه سرعان ما عدل وأبقى مرشحاً مارونياً واحداً، استجابة للاتصالات غير المباشرة بينه وبين المر الذي تمنى عليه عدم الاكثار من المرشحين الموارنة لئلا يحجب أصوات ناخبيه عن المرشحين على لائحته، ولقطع الطريق على "خروق مارونية" للائحة خصوصاً ان المقعد النيابي لمخيبر مضمون ولن يكون له منافس. وكان المر أعلن ظهر أمس أسماء أعضاء "لائحة الوفاق المتني" في لقاء حاشد في منزله في بتغرين، وضمت اليه عن الموارنة اميل اميل لحود، وشاكر ابو سليمان ومنير الحاج رئيس حزب الكتائب وغسان الأشقر الحزب السوري القومي الاجتماعي وانطوان حداد كاثوليك وسيبوه هوفنانيان أرمن ارثوذكس. وتلا بياناً أكد فيه ان هدف اللائحة "دعم سياسة العهد الحكيمة التي أدت الى تحرير الوطن من الاحتلال". وأكد للمتنيين التزامها "ملاحقة قضاياهم وخطاب القسم الرئاسي". وشدد على مواجهة الظروف الاقتصادية الصعبة. وقال إن "اللائحة ستتبنى اللامركزية الادارية الموسعة". وتحدث عن امكان تعاون غير مباشر مع مخيبر "باعتباره رجلاً تنافسنا معه اربعين عاماً، وعندما أقول الوفاق المتني فهذا يعنيه وحزبي الكتائب والقومي السوري". وعن التجاوزات التي يثيرها عدد من المرشحين، قال المر: "آليت على نفسي عدم الرد وهم قالوا خلال اسبوعين ما ارادوا قوله، ولكن عندما رأيت ان السلطة قد تصبح متهمة كان لا بد من الرد، القرار النهائي يعود الى الناخبين، ولا أظن ان لجوء البعض الى تصوير أنفسهم على انهم مظلومون سيزيد لهم الأصوات". وتوقع "ان يزيد عدد المقترعين للائحته 20 في المئة، عن الذين اقترعوا لها في الانتخابات الماضية، ونحن مطمئنون الى فوز اعضائها جميعاً، وآخر مرشح في لائحتنا سينال عشرة آلاف صوت أكثر من أقرب منافسيه". وأكد ان القومي والكتائب لن يمارسا التشطيب وأيده المرشحان الأشقر والحاج. وعن كتابه الى النيابة العامة التمييزية لملاحقة وسائل اعلامية تبث الاعلانات الانتخابية قال: "إن وزير الداخلية مسؤول عن العملية الانتخابية، والمادة ال68 في قانون الانتخاب تمنع وسائل الاعلام المرئية والمسموعة من الاعلان الانتخابي، وكان لا بد لي من رفع المسؤولية عن الوزارة حيال تقدم اي مرشح لم يحالفه الحظ بطعن أمام المجلس الدستوري". وأشار الى انه سيعمل مع الفائزين في الانتخابات في دوائر أخرى "لتشكيل كتلة نيابية لأن العهد في حاجة الى دعم نيابي ليتمكن من تطبيق كل ما ورد في خطاب القسم". وعن اتهام بعض المعارضة للوزارة بالتقصير وللأجهزة بالتدخل قال: "ما من احد بطاقته الانتخابية متأخرة في وزارة الداخلية، ولا يوجد جهاز تابع للوزارة يتدخل في الانتخابات. واني اتحدى من يقول ان الرئيس لحود أو رئيس الحكومة سليم الحص طلب مرشحاً له. فرئيس الجمهورية يقف على الحياد، وأكبر مثال على عدم التدخل إبعاد مرشحين في كسروان - جبيل، ابعدا عن لائحة جورج افرام ومنصور البون، وشقيق زوجة احد قادة الأجهزة عن احدى اللوائح في الشوف". وحين قال المر ان الانتخابات ستكون من أفضل الانتخابات من حيث النزاهة، كما كانت انتخابات العام 1996 والانتخابات البلدية عام 1998، ذكّره، أحد الصحافيين بأن الحص اعتبر انتخابات 96 من أسوأ الانتخابات فأجاب: "الرئيس الحص كان في حينه في المعارضة وقال هذا الكلام قبل اعلان النتائج، وانتم في كل مرة تأخذون بكلامه علينا". وعن اتهام النائب وليد جنبلاط له بأنه حاكم لبنان الاداري، قال المر: "والده المرحوم كمال جنبلاط كان يطلق على وزير الداخلية لقب حاكم لبنان الاداري واعتقد ان ذلك يشكل مديحاً لي". ورد أمس المرشح بيار أمين الجميل على النائب غسان الأشقر الذي كان وصفه ب"الشيخ المنفرد"، معتبراً "ان كلامه كلام فتنة وغير اخلاقي ويعيدنا الى الماضي". وقال: "لا أعرف كيف يعلن الأشقر انه قاتل وأنه ما زال قادراً على القتل وفي الوقت نفسه يتحالف معه رئيس حزب الكتائب المرشح منير الحاج ويقبل بهذا الكلام".