اخذت حمى اعلان اللوائح المتنافسة في الانتخابات النيابية اللبنانية المقررة في 27 آب اغسطس و3 ايلول سبتمبر، ترتفع ويتوقع ان تبلغ ذروتها مع نهاية الشهر الجاري وبداية الشهر المقبل اذ لم يعد يفصل اللبنانيين عن الموعد مع صناديق الاقتراع سوى اسابيع قليلة جداً. واذا كان الانشغال اللبناني بمرحلة ما بعد الانسحاب الاسرائيلي، ومن ثم وفاة الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد والتطورات المتلاحقة عوامل أخرت تركيب اللوائح، التي تسعى السلطة الى اداء دور فيها حرصاً على بعض المرشحين الموالين، وضمان مجيئهم مع الاقوياء، فإن افرقاء سياسيين معارضين أو وسطيين استعجلوا في عقد بعض التحالفات، حرصاً على استقلال لوائحهم في بعض المناطق، واستمهلوا في مناطق أخرى ريثما تتضح التحالفات بينهم وبين قوى أخرى تترجح في خياراتها. ثم أن تأخر بعض اللوائح يرتبط بحرص بعض حلفاء سورية على مراعاة ما تقترحه بالنسبة الى حلفاء آخرين لها، هم على خصومة مع بعض اقطاب هذه اللوائح. وثمة شعور أن الافرقاء، ولا سيما منهم السلطة والمعارضة، اضافة الى القوى الحريصة بفعل مصالحها الانتخابية على مراعاة الأولى أو الثانية، تعطي لنفسها مهلة لاستنفاد الاتصالات. وثمة مقاعد يتم التفاوض على ملئها، ومقاعد المطلوب ابقاؤها شاغرة في بعض اللوائح لإتاحة تمرير بعض المرشحين الذين يعتبرون من "الثوابت". وأكد نائب رئيس الحكومة ميشال المر بعد لقائه نقيب المحررين ملحم كرم "حياد السلطة في الانتخابات النيابية لأنها ليست طرفاً فيها، وهي حريصة على ضمان حريتها ونزاهتها". وقال "لن يُسمح لأحد بأن يعكر صفو هذه الانتخابات"، نافياً ان تكون هناك لوائح معلبة ومحادل انتخابية ولا حتى بوسطات". وكذلك نفى الاشاعات التي يطلقها البعض عن سوء وضعه الصحي. ورصدت "الحياة" في هذا السياق جملة مواقف وتطورات بحسب المحافظات، كالآتي: 1- بيروت : تبدو الأمور واضحة في الدائرة الأولى بالنسبة الى لائحة رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، الذي يسلّم له الافرقاء بأرجحيته فيها، اذ يتوقع ان تقفل اللائحة، على رغم ان الحزب السوري القومي الاجتماعي يبذل جهداً، سواء في اتصالات محلية أو مع القيادة السورية، في ان يقبل الحريري ضم النائب غسان مطر اليها عن المقعد الماروني بديلاً من نقيب الأطباء غطاس خوري. لكن المعلومات تفيد، أن الحريري ما زال متمسكاً بالأخير. وفي محاولات الائتلاف بين الحريري والنائب تمام سلام، ما زال الأمر معلقاً على المقعد الأرثوذكسي. فالحكم يطلب من رئيس الحكومة السابق ابقاءه شاغراً لتنافس مفتوح بين النائب نجاح واكيم ومرشح الحريري النائب بشارة مرهج. وما زال الحريري يرفض الافساح في المجال لواكيم، ويصر على ان تخوض أي لائحة، ائتلافية او غير ائتلافية، معركة معه. أما في الدائرة الثالثة فإن لائحة الحريري شبه مكتملة في انتظار احد المرشحين الأرمن، فيما رئيس الحكومة الدكتور سليم الحص ما زال ينتظر استكمال الاتصالات، لاستكمال لائحته. 2- في جبل لبنان: بالنسبة الى دائرة المتن الشمالي أكدت مصادر مطلعة ان اتصالات تجرى بين نائب رئيس الحكومة وزير الداخلية ميشال المر مع النائب السابق البير مخيبر، بطريقة غير مباشرة وإن الأخير سيحدد موقفه منها في مهلة اقصاها أسبوع، مشيراً الى ان ثمة اقتراحاً بتشكيل لائحة ائتلافية يطلق عليها اسم "لائحة المصالحة المتنية" على ان تضم اليها اضافة الى المر وحلفائه المعهودين ونجل رئيس الجمهورية اميل لحود، ومخيبر، مرشح الحزب السوري القومي الاجتماعي غسان الأشقر ومرشح يختاره حزب الكتائب للتأكيد انها توافقية. ونقل مسؤول كتائبي عن رئيس الجمهورية السابق امين الجميل ان نجله بيار سيخوض الانتخابات النيابية بالتعاون مع مخيبر، وإلا فإنه يفضل خوضها منفرداً. وبالنسبة الى دائرة الشوف التي سبق ان اعلن النائب وليد جنبلاط لائحته فيها، عقد المرشح ناجي البستاني لقاء مع قيادة "الجماعة الاسلامية" للبحث في التعاون مع مرشح لها عن اقليم الخروب لعلّه يكمل اللائحة المنافسة لجنبلاط، بعدما باتت شبه جاهزة. أما في ما يتعلق بدائرة بعبدا - عاليه التي تفرض المعركة فيها حسابات دقيقة، وفق التحالفات، فإن الفريقين، اي اللائحة المدعومة من جنبلاط واللائحة المدعومة من النائب طلال ارسلان والنائب ايلي حبيقة والحزب القومي، يعتبران ان البوانتاج لمصلحتهما. وكان ترشيح القومي، لأنطون خليل ضيق الخيارات على لائحة ارسلان المتحالف مع حبيقة، الذي يصرّ بدوره على اختيار حليفه الدكتور جان غانم، ما يستبعد التحالف مع النائب بيار دكاش. والأخير لم يحسم موقفه من العروض التي يتلقاها، بالتحالف معه من الجانبين. وثمة تقديرات بأن جنبلاط قد لا يقفل لائحة بعبدا عاليه ليس فقط بالنسبة الى المقعد الشيعي الثاني لاتاحة المجال لمرشح "حزب الله" بل أيضاً قد يترك مقعداً درزياً شاغراً اضافة الى اكرم شهيب لارسلان، وآخر مارونياً شاغراً. لكن مصادر في الحزب التقدمي الاشتراكي لم تستبعد ان يسمي جنبلاط الأمير عصمت ارسلان. 3 الشمال: اكد رئيس الحكومة السابق النائب عمر كرامي ان الصورة النهائية للمعركة الانتخابية في الدائرة الثانية طرابلس، زغرتا، الكورة، البترون، المنية ستتضح أواخر الشهر. وقال ل"الحياة" انه يواصل لقاءاته تمهيداً لاعلان قراره الحاسم. وفي المقابل استمرت اللقاءات بين النائب احمد كرامي ووزير الاشغال العامة نجيب ميقاتي، تمهيداً للتوصل الى ائتلاف يضم اليهما محمد كبارة ومحمد الصفدي ومصباح الأحدب الذي يقال انه يتردد في الانضمام وموريس فاضل وجان عبيد. وفي الدائرة الأولى اعلن النائب عصام فارس امس اللائحة الائتلافية في عكار بشري الضنية... وتضم في عكار، طلال المرعبي ووجيه البعريني وجمال اسماعيل عن المقاعد السنية، وعصام فارس ورياض رحال عن المقعدين الارثوذكسيين، ومخايل ضاهر عن المقعد الماروني، وعبدالرحمن عبدالرحمن عن المقعد العلوي. وفي الضنية: اسعد هرموش عن احد المقعدين السنيين على ان يترك المقعد الثاني شاغراً. وفي بشري قبلان عيسى الخوري وبطرس سكر عن المقعدين المارونيين. وقال فارس ان "التوافق تم على هذه اللائحة بعد مشاورات واتصالات كثيفة اخذت في الحسبان الواقع المحلي والوطني والجوامع المشتركة وكل الاعتبارات التي تؤمن لها الفوز الكامل بدعم الناخبين وتأييدهم". واستشهد بكلام رئيس الجمهورية اميل لحود ان الشعب هو الحكم وإليه الاحتكام. وعلم ان المقعد السني الشاغر ينتظر حسم الحزب القومي مرشحه، في الضنية، في ظل ترشح عضو الحزب حسن عزالدين عن عكار وعبدالناصر رعد عن الضنية وعدم الاتفاق على أي منهما بعد. وتنشط اتصالات لتأليف لائحة منافسة نواتها النائب الدكتور أحمد فتفت، المستمر في المعركة ولو منفرداً. على صعيد المواقف انتقد الحزب التقدمي الاشتراكي التنافس على رفع صور المرشحين على الأعمدة وزوايا الساحات كأن الانتخابات موسم اعلاني وليست استحقاقاً وطنياً وديموقراطياً. واتهم بعض المرشحين بلعبة مزدوجة: لصق صورة، ثم ارسال انصاره لنزعها كي يتهم الآخرين بذلك، فيستغلها امنياً وسياسياً تحت مظلة الأجهزة الأمنية. ودعا الى رفع الصور بعد الترخيص لها وبتنظيم هذه الظاهرة. عون واعتبر العماد ميشال عون ان النظام اللبناني "يؤمن استمراره من خلال انتخابات يفرض نتائجها قبل ان تجرى، وتنتفي معها اسطورة التغيير من الداخل". وكرر الدعوة إلى "مقاطعة الانتخابات تمهيداً للقيام بخطوات سلمية أخرى تؤدي الى تغيير هذا الواقع". وناشد اللبنانيين "سحب ثقتهم بهذا النظام". أما الوزير السابق فارس بويز فهاجم بعد لقائه البطريرك الماروني نصرالله بطرس صفير الحكومة متهماً اياها بالغيبوبة المطلقة "ما ينعكس سلباً عن المستويين الاقتصادي والسياسي". وحذر من انفجار اقتصادي. وبرر عدم اعلان لوائح بعد في دائرة كسروان - جبيل باعتبارات داخلية تتعلق بترشيحات محتملة، وقال ان اللوائح تتشكل تقليدياً في الشهر الأخير. ورأى في مؤتمر الدول المانحة المنوي عقده شعاراً لإلهاء الناس.