يبدو الاردن متجهاً نحو الاصلاح السياسي من بوابة الاعلام. فالتعيينات الاخيرة في الديوان الملكي، وملامح التغييرات الموعودة في الاجهزة الاعلامية والصحافة الحكومية، تشير الى توافر الاقتناع لدى رأس الدولة بعدم جدوى الاصلاح السياسي بمعزل عن تغيير ادوات الحكم واعادة هيكلة وتأهيل مؤسساته. وإن كان ليس سراً ان وضع معظم مؤسسات الدولة بحاجة الى مراجعة شاملة، فإنه ليس مستغرباً البدء بالاعلام الرسمي الذي يمكن اعتباره "بارومتر" الاصلاح المنشود ومرآته في العهد الجديد. من دون الافراط في التفاؤل، او الكثير من التحفظ، لا بد من تسجيل حقيقة ان الديوان الملكي عيّن، للمرة الاولى، صحافيا محترفا هوالزميل ايمن الصفدي، على رأس ادارته الاعلامية، فيما يتجه وزير الاعلام الليبرالي طالب الرفاعي الى اعادة هيكلة الاعلام الرسمي على نحو يعزز حرية التعبير والتعددية السياسية، ويكسر احتكاراً هو من ناحية عملية من آخر مخلفات الاحكام العرفية التي يفترض أنها انتهت مع انطلاق عملية التحول الديموقراطي قبل عشرة أعوام. ولعل منفذي الاصلاح الذي دعا اليه العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني ليسوا بحاجة الى تذكيرهم بأنهم يواجهون مشاكل عدة في سياق تنفيذ الاجندة الملكية، ليس اقلها انهم يشكلون اقلية في مواجهة غالبية في مؤسسات الدولة ليس من مصلحتها اجراء اي تغيير في الوضع القائم. ولعل تجربة وزير الاعلام مع صحيفة "الرأي" المملوكة للحكومة، والتي قررت فصل رسام الكاريكاتير المبدع عماد حجاج في تحد مباشر لتوجهات الدولة وخرق فاضح لحرية التعبير، اعطت مثالاً حياً على ما تواجهه ارادة الاصلاح في المملكة الرابعة. المهم في ما يحدث الآن هو ان حكومة السيد علي ابو الراغب تحمل تكليفاً ملكياً بالاصلاح السياسي والاقتصادي، وهي تتمتع بتأييد شعبي ودعم نيابي قياسي، فضلاً عن الدعم الملكي الشخصي لبرنامجها الطموح. ولهذا، فإن التوقعات كبيرة، وربما تكون اكبر مما يمكن لأي حكومة تحقيقه في المدى القريب اوالمتوسط... إلا ان عدم التقدم ولو تدريجاً نحو مزيد من الاصلاح سيكون بمثابة انتكاسة للبرنامج الحكومي في شكل يخشى ان ينعكس سلباً على صدقية الحكومة والتوجهات المعلنة للدولة. ولذلك، فإن الاجراءات الاخيرة لتصحيح الخلل في الادارة الاعلامية في الديوان الملكي والحكومة تعطي مؤشرات الى ان الامور تسير في الاتجاه الصحيح، ولو بوتيرة ابطأ مما هو متوقع في ضوء التوقعات والآمال الكبيرة في الشارع السياسي الاردني، وحجم الدعم الذي تحظى به السلطة التنفيذية على مختلف الصعد. ولعل الانفتاح الاعلامي الاخير لكل من رئيس الحكومة ووزيري الخارجية والاعلام يصب في اتجاه اطلاع الرأي العام الاردني على خطط الحكومة لتنفيذ برنامجها وحشد التأييد السياسي والشعبي لها من خلال وسائل الاعلام بوصفها اداة الوصل ما بين الحكم والشعب. كل المطلوب هو مزيد من السرعة في تنفيذ الاجندة الخاصة بالاصلاح في شكل متناسب مع حجم الدعم