في الوقت الذي انشغل فيه رئيس "مركز ابن خلدون للدراسات الانمائية" الدكتور سعدالدين ابراهيم في اجراء لقاءات صحافية وتلفزيونية، بعدما تحول منزله مركزاً صحافياً زاره عدد كبيرمن مراسلي الصحف ووسائل الاعلام العربية والعالمية، أكدت السلطات المصرية أن اطلاق ابراهيم وعدد آخر ممن اتهموا في قضية المركز بكفالات مالية لم يكن نتيجة توازنات سياسية، أو أن الأمر تم خضوعاً لضغوط اميركية مورست منذ تفجر القضية الشهر الماضي وتصاعدت الى درجة الذروة الاسبوع الماضي عقب انتشار معلومات عن مواجهته بتهمة "التخابر مع دولة أجنبية هي الولاياتالمتحدة، بغرض الإضرار بالمصالح العسكرية والسياسية والاقتصادية المصرية". وصدرت عن مسؤولين في نياية أمن الدولة التي تتولى التحقيق في القضية تصريحات تشدد على أن اطلاق ابراهيم "تم استجابة لطلب قدمه محاميه السيد فريد الديب، وبعدما رأت النيابة أن المرحلة الاولى من التحقيق انتهت بعدما استلزمت ابقاء المتهمين رهن الحبس الاحتياطي خشية التأثير على مسار القضية في حال اطلاقهم". في الوقت نفسه أكد هؤلاء أن "ملف القضية ما زال مفتوحاً" وان التحقيقات "ستستكمل في الأيام المقبلة وسيتم استدعاء ابراهيم وبقية المتهمين في الاوقات التي ستحددها النيابة"، علماً ان قراراً كان اصدره النائب العام المستشار ماهر عبدالواحد بعد القبض على ابراهيم وسكرتيرته السودانية الجنسية نادية عبدالنور مباشرة بإدراج اسميهما على قوائم الممنوعين من السفر ما زال سارياً. وقال ابراهيم ل"الحياة" انه سيشارك اليوم في جنازة رئيس حزب الوفد فؤاد سراج الدين، مشيراً الى أنه "مستعد تماماً للتعاون مع نيابة أمن الدولة لاستكمال التحقيق في القضية". وتوقع اغلاق ملفها تماماً، مؤكداً انه "رد على ما ووجه به من معلومات اثناء مراحل التحقيق الماضية وسيرد ايضاً على ما سيطرح عليه من اسئلة واستفسارات"، مشدداً على عزمه استئناف نشاطه سريعاً. وأوضح انه سيقدم طلباً الى النيابة لرفع التحفظ على "مركز ابن خلدون" حتى يعاود العمل بشكل طبيعي. واضاف: "لدي مادة سأجمعها في كتاب عن ملابسات القضية ومراحلها، تتضمن الحقائق و مواقف الشرفاء ممن كان تعاطيهم معها نزيهاً، وهؤلاء الذين كانوا وراءها ثم استغلوها لاغتيالي معنوياً والاساءة الى سمعة بلادهم في المحافل الدولية". اما محامي الدفاع فريد الديب فتوقع حفظ القضية وعدم احالتها على المحكمة، متمنياً ان يكون اطلاق موكله "خطوة في ذلك الاتجاه". وقال ل"الحياة": "هناك اكثر من تسعة آلاف ورقة باللغة الانكليزية صودرت من مركز ابن خلدون وصارت ضمن ملف القضية تحتاج الى وقت طويل لترجمتها ثم فحصها". وكان الديب وجه الاسبوع الماضي نداءً الى الرئيس حسني مبارك دعاه فيه الى التدخل لاطلاق ابراهيم قبل احالة القضية على المحكمة، بعدما اعتبر أن صدور قرار سياسي في هذا الشأن "لا يعد تدخلاً في اعمال القضاء على أساس أن النيابة العامة تتبع وزارة العدل". ورداً على سؤال، قال: "حينما طالبنا الرئيس بالتدخل كان سندنا ان اوراق القضية وما اثير في مراحل التحقيق لا تستوجب ابقاء ابراهيم رهن الحبس الاحتياطي ولو كانت الادلة المقدمة ضده دامغة او كان اطلاقه سيؤثر على مسار التحقيق مستقبلاً ما صدر القرار". وكانت السلطات المصرية القت القبض على ابراهيم وسكرتيرته مطلع الشهر الماضي، واحالتهما على النيابة التي أمرت بحبسهما لمدة 15 يوماً بعدما وجهت لهما تهمة "تلقي اموال من جهات أجنبية مقابل امدادها بمعلومات مغلوطة عن الأوضاع في البلاد، ما يؤثر على موقف مصر السياسي والاقتصادي والاجتماعي في المحافل الدولية، ويضر بالأمن القومي للبلاد". واتسع نطاق القضية في مرحلة لاحقة ليشمل آخرين من الباحثين والمتعاملين مع المركز، ومددت النيابة حبس ابراهيم مرتين قبل ان تطلقه في المرة الاخيرة. ومنذ تفجر القضية أبدت الادارة الاميركية، عبر تصريحات ادلى بها الناطق باسم الخارجية ريتشارد باوتشر، قلقها على مصير ابراهيم الذي يحمل الجنسية الاميركية. لكن ردود الفعل الاميركية تحولت غضباً شديداً إثر اعلان توجيه تهمة التخابر اليه، ما دفع السفير الاميركي في القاهرة دانيال كيرتزر الى طلب لقاء سريع مع رئيس الحكومة المصرية الدكتور عاطف عبيد. وكان لافتاً أن النائب العام المستشار عبدالواحد عقد في اليوم التالي مؤتمراً صحافياً مفاجئاً نفى فيه ان تكون التهمة وجهت رسمياً الى ابراهيم.