سجل العجز التجاري الأميركي مع المنطقة العربية أرقاماً قياسية في النصف الأول من السنة الجارية، إذ ساهم ارتفاع أسعار النفط واستمرار العقوبات الاقتصادية المفروضة على العراق في ترجيح كفة الميزان التجاري لصالح الدول العربية بفارق كبير لم تشهده المبادلات التجارية بين الطرفين منذ بداية التسعينات. وكشف أحدث تقرير شهري لادارة التجارة الدولية التابعة لوزارة التجارة الأميركية أن العجز التجاري الصافي الذي سجلته مبادلات السلع بين الولاياتالمتحدة والدول العربية في الأشهر الخمسة الأولى من السنة الجارية بلغ نحو خمسة بلايين دولار، ما يعادل زهاء ضعفي قيمة العجز المحقق لصالح الطرف العربي طوال العام الماضي. ونتج هذا العجز القياسي عن تنامي الصادرات العربية للولايات المتحدة بسرعة أكبر من سرعة تنامي الواردات. وشكلت قيمة هذه الصادرات في الأشهر الخمسة الأولى من السنة الجارية نحو 46 في المئة من قيمتها الاجمالية في العام الماضي بينما بلغت نسبة الواردات العربية نحو 28 في المئة فقط، ما يشير إلى احتمال قوي بتحقيق المزيد من الأرقام القياسية في الفترة المتبقية من السنة. وحسب معطيات إدارة التجارة الدولية، استوردت الولاياتالمتحدة من 13 بلداً عربياً في الفترة قيد البحث سلعاً وبضائع بقيمة 11 بليون دولار وصدرت إليها ما قيمته ستة بلايين دولار، وبلغت القيمة الاجمالية للمبادلات بين الطرفين 9.16 بليون دولار مقارنة بنحو 3.10 بليون دولار في الفترة نفسها من العام الفائت حين تكبد الطرف العربي عجزاً بقيمة 900 مليون دولار. ومن شأن الفائض التجاري الجديد أن يدعم اتجاهاً بدأ عام 1998 عندما سجل الميزان التجاري الأميركي - العربي أول عجز منذ بداية التسعينات وبلغت قيمته حينئذ 9.1 بليون دولار. وعلى رغم تدهور أسعار النفط بشكل خطير في العام التالي إلا أن حصيلة المبادلات التجارية بين الطرفين جاءت من جديد لصالح الطرف العربي الذي حقق فائض مبلغ 3.2 بليون دولار. وساهمت المبادلات السعودية - الأميركية بالقسم الأعظم من الفائض التجاري العربي القياسي المحقق في الأشهر الخمسة الأولى من السنة الجارية، إذ بلغت قيمة الصادرات السعودية 7.5 بليون دولار مقابل واردات بقيمة 6.2 بليون دولار ليتحقق للسعودية فائضا بقيمة 1.3 بليون دولار. ويعتبر الفائض التجاري السعودي، الذي يميز المبادلات التجارية السعودية - الأميركية منذ عقود، الأعلى من نوعه إذ بلغت قيمة هذا الفائض في العام الماضي 336 مليون دولار فقط وتحول إلى عجز بقيمة 3.4 بليون دولار عام 1998، ثم ثانية إلى فائض بقيمة 2.3 بليون دولار عام 1997 وسجل أعلى مستوى في التسعينات وذلك عندما بلغت قيمته 3.4 بليون دولار عام 1991. وساهم انتعاش أسعار النفط بقوة منذ بداية السنة الجارية في تحقيق الفائض السعودي القياسي لا سيما أن النفط يشكل تقليدياً من 85 إلى 90 في المئة من الصادرات السعودية إلى الولاياتالمتحدة. وفي مقابل الفوائض سجلت المبادلات العربية الأميركية عجوزات متفاوته أهمها عجز بمبلغ يناهز بليون دولار في ميزان مصر، التي تطالبها واشنطن بتخفيف القيود على الواردات، وعجز في ميزان الامارات العربية المتحدة بقيمة 400 مليون دولار وكذلك الاردن 109 ملايين والمغرب 102 مليوناً ولبنان 89 مليوناً وسورية 44 مليوناً واليمن 41 مليوناً.