تدور حرب علنية، وأحياناً حرب سرية، بين السلطة الفلسطينية واسرائيل، عنوانها الاتصالات والزيارات للعواصم العربية والعالمية، بهدف حصول كل طرف على الدعم والتأييد لمواقفه السياسية في قمة كامب ديفيد الفاشلة. ويسعى كل طرف الى أن يتسلح بدعم أصدقائه أو حلفائه، تحسباً لقمة جديدة قد تعقد لمواصلة المفاوضات، على رغم ان مؤشرات عقد مثل هذه القمة لا تزال ضعيفة. وبينما يستعد الرئيس ياسر عرفات لزيارة موسكو غداً باعتبارها الراعي الثاني لمفاوضات التسوية السياسية الى جانب واشنطن، وسيحاول اقناعها بلعب دور فعال في أي مفاوضات مقبلة، أنهى الياكيم روبنشتاين المدعي العام الاسرائيلي زيارة لروسيا استغرقت يومين، بصفته ممثلاً لرئيس وزراء اسرائيل، حاول أثناءها اقناع المسؤولين الروس ب"التأثير على عرفات في اطار عملية السلام" بحسب وكالة "انترفاكس". ونقلت الوكالة عن روبنشتاين قوله ان روسيا يمكن أن "تسدي الى عرفات نصيحة جيدة كي يتخذ موقفاً أكثر انفتاحاً خلال المفاوضات". وزاد خلال مؤتمر صحافي ان الرئيس الفلسطيني "كان منغلقاً على كل اقتراحاتنا، وعلى اقتراحات الولاياتالمتحدة، ولم يقترح شيئاً في المقابل، ولم يكن مستعداً لاتخاذ قرارات" خلال قمة كامب ديفيد. وقبل وصوله الى موسكو سيزور عرفاتطهران اليوم ليجتمع مع الرئيس محمد خاتمي، بصفته الرئيس الحالي لمنظمة المؤتمر الاسلامي. وفي هذا المجال لا تستطيع اسرائيل أن تنافس الرئيس الفلسطيني، إذ أن موقف ايران واضح جداً في شأن القدس، وهي أوفدت مندوباً لزيارة بلدان عربية واسلامية لحشد الدعم للقدس وللقضية الفلسطينية، وسيبحث عرفات في ايران إمكان عقد قمة اسلامية لهذا الغرض. وكان وسّع شبكة الاتصالات بواسطة مساعديه، اذ أرسل عزام الأحمد وزير الأشغال العامة الى بغداد حاملاً رسالة الى الرئيس صدام حسين، والتقى الأحمد طارق عزيز نائب رئيس الوزراء، وحصل منه على دعم عراقي كامل للموقف الفلسطيني. كما أرسل الدكتور نبيل شعث وزير التخطيط الى الفاتيكان حيث اجتمع مع وزير الخارجية جان لوي توران، الذي أعاد تأكيد موقف الفاتيكان المؤيد لتطلعات الشعب الفلسطيني، ولتأمين دعم دولي لأي اتفاق في شأن الأماكن الدينية في القدس. في المقابل حاول باراك توسيع شبكة اتصالاته، فأوفد داني ياتوم مستشاره الأمني سراً الى قطر وعُمان في مهمة انتهت الاثنين الماضي. ونشرت النبأ صحيفة "معاريف" وأكدته أمس رئاسة الوزراء الاسرائيلية. وأوفد باراك وزير العدل يوسي بيلين الى واشنطن للتشاور، وقالت مصادر اسرائيلية ان الوزير سيبحث في سبل تأمين "اعتدال عربي يضمن عدم الضغط على عرفات لتصليب موقفه، طالما انعدم الضغط العربي عليه لتليين هذا الموقف". وكان رئيس الوزراء ارسل وزير الأمن الداخلي شلومو بن عامي الى تركيا للغرض ذاته. وبعد زيارة ثالثة قام بها عرفات لمصر أمس، ولقائه الرئيس حسني مبارك، جددت مصر موقفها الرافض الضغط على الرئيس الفلسطيني من أجل التراجع عن موقفه في موضوع السيادة الفلسطينية على القدسالشرقية راجع ص 3. ونقلت وكالة "فرانس برس" عن رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني أحمد قريع قوله للصحافيين ان "التفكير الآن في عقد قمة جديدة على مستوى كامب ديفيد ليس مجدياً"، مشدداً على أن "الخلافات ما زالت كبيرة في شأن كل قضايا القدس والحدود واللاجئين". ولفت الى أن الاتصالات المستمرة مع الاسرائيليين "لم تحقق أي تقدم" بعد قمة كامب ديفيد.