القدس المحتلة - "الحياة" - اعلن ابراهام بورغ رئيس البرلمان الاسرائيلي الكنيست ان البرلمان انتخب المرشح اليميني موشي كتساف رئيساً ثامناً لاسرائيل امس بعد ان فاز على شمعون بيريز الحاصل على جائزة نوبل للسلام. وفي ما يعتبر نتيجة مذهلة فاز كتساف على بيريز رئيس الوزراء الاسبق بحصوله على 63 صوتاً مقابل 57 صوتا لبيريز في الجولة الثانية من الاقتراع. وجرت الجولة الثانية لان الجولة الاولى لم تسفر عن حصول أي من المرشحين على 61 صوتاً المطلوبة في البرلمان البالغ عدد مقاعده 120 مقعداً للفوز بفترة رئاسة تستمر سبع سنوات. وكانت نتيجة الجولة الاولة 60 صوتاً لكتساف مقابل 57 لبيريز. وألقى كتساف كلمة اشاد فيها بمنافسه واكد انه سيكون رئيسا للاسرائيليين كافة. ورأى ان عملية التصويت "عكست رغبة النواب في حصول تغيير في اسلوب رئاسة الدولة. وهو تغيير يؤكد بزوغ مجتمع أكثر هدوءا واشراقا ووحدة". واكد كتساف انه ينوي "المساهمة في خفض حدة التوتر داخل مجتمعنا وسأكون ممثلا لجميع الطبقات والفئات". ودعا العرب الاسرائيليين واليهود المتدينين منهم والعلمانيين والسفارديم والاشكيناز الى "اعتباره رئيساً لهم وممثلا عنهم". من جهته، اكتفى بيريز بتهنئة كتساف على نجاحه متمنيا له التوفيق في مهمته. ويعتبر منصب الرئيس في اسرائيل فخريا. فهو يستقبل السفراء لتقديم اوراق اعتمادهم ويملك حق اصدار العفو شرط الحصول على موافقة مسبقة من وزير العدل. لكن بإمكان الرئيس، بموجب صلاحياته الاستنسابية، ان يرفض طلب رئيس الوزراء حل البرلمان. وكتساف هو اول رئيس للدولة ينتخب لولاية واحدة مدتها سبع سنوات. وكان اسلافه ينتخبون لولاية مدتها خمس سنوات قابلة للتجديد. وجاءت نتيجة الانتخابات مفاجئة ومعاكسة لكل تنبؤات المحللين بفوز بيريز الذي بدت عليه علامات الذهول لدى سماع النتيجة. وامتد هذا الذهول ليشمل جميع نواب كتلة اسرائيل واحدة برئاسة باراك والاحزاب اليسارية والعربية التي دعمت بيريز. ورأى عضو الكنيست العربي احمد الطيبي ان حركة شاس صوتت الى جانب كتساف "وأثبتت نفاقها السياسي وكشفت عن مدى تغلغل الاتجاه اليميني بين صفوفها". ولعل الجديد في نتيجة هذه الانتخابات هو ان موشيه كتساف أول رئيس ينتمي الى حزب يميني، فقد سبقه سبعة كلهم انتموا الى الاحزاب اليسارية وتحديداً حزب العمل. اذ حتى في الفترات التي كان اليمين فيها مسيطراً على الحكومة تمكن اليسار دائماً من الاحتفاظ برئاسة الدولة. كما ان كتساف هو أول شرقي يتبوأ هذا المنصب. من هو كتساف؟ من مواليد ايران عام 1945، سكنت عائلته لدى وصولها الى اسرائيل في ما عرف بالمعابر، وهي تجمعات سكنية بائسة وضع فيها اليهود الشرقيون لسنوات عدة قبل استيعابهم في مساكن دائمة في المدن المختلفة، فعانى التمييز مما دفعه الى الانضمام للحزب المعارض ليكود لأسباب اجتماعية وليس سياسية. ونشط في صفوف هذا الحزب وانتخب عندما كان عمره 24 عاماً رئيساً لبلدية كريات ملاخي، وهي مدينة جديدة اقيمت للشرقيين اساساً. ثم انتخب عضواً في الكنيست للمرة الأولى عام 1977 وتقلد مناصب وزارية عدة أهمها السياحة والمواصلات. ولم يتمكن من التقدم الى الصفوف الأولى في حزب ليكود.وكتساف 54عاما وجه غير معروف على الساحة الدولية، لكنه يشارك في الحياة السياسية منذ 23 عاما. وهو احد الاعضاء البارزين في حزب ليكود المعارض الذي اتخذ موقفاً اكثر تشدداً من موقف رئيس الوزراء ايهود باراك في محادثات السلام مع الفلسطينيين. واعلن رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك مساندته لبيريز في التصويت على الرئاسة. واعتقد بيريز ان بوسعه الاعتماد على أصوات نواب الاحزاب الدينية، خصوصاً من حزب شاس خصوصا وانه كان سخيا عندما شغل منصب رئيس الوزراء مع اليهود الاورثوذكس الذين يعدون شريحة اجتماعية فقيرة في اسرائيل. يضاف الى هذا ان زوجة بيريز، سونيا، يهودية اورثوذكسية. غير ان مسؤولين كباراً في حزب شاس قالوا ان نواب الحزب ال 17 صوتوا جميعهم لكتساف. وقال هؤلاء ان الحاخام يتسحاق كدوري جاءته رؤيا بأن السماء تحبذ كتساف ونتيجة لذلك قام مساعدو الحاخام كدوري بالاتصال بجميع اعضاء الكنيست تقريباً وحضوهم على التصويت لكتساف. و عزا مراقبون احد اسباب سقوط بيريز في الانتخابات الى كون الزعيم الروحي لحزب شاس الحاخام عوفاديا يوسف سمح لنواب حزبه ان يصوتوا كما يشاؤون ولم يلزمهم بالتصويت لبيريز. وشكل فوز كتساف نهاية مذلة لحياة بيريز السياسية الطويلة التي بدأها قبل خمسين عاماً وكالت لطمة لرئيس الوزراء باراك الذي واجه امس في الكنيست اقتراحا بحجب الثقة. ولم يفز بيريز طوال حياته السياسية بمنصب سياسي عن طريق الانتخابات، اذ شغل منصب رئيس الوزراء ثلاث مرات، مرتين خلفاً لاسحق رابين ومرة وفق اتفاق تناوب بعد تقارب نتائج اليسار واليمين في الانتخابات العامة. واحتفل اليمين الاسرائيلي بانتصار كتساف، ورأى ارييل شارون زعيم حزب ليكود الذي ينتمي اليه كتساف في هذا الانتخاب "رغبة في ابدال هذه الحكومة بحكومة وطنية تهتم بالمسائل الاجتماعية وتتوصل الى السلام مع قدس موحدة". وأعرب نواب ليكوديون آخرون عن مواقف مماثلة، إذ اعتبرت ليمور ليفنات ان النتيجة كانت "انتصاراً للفكر الصهيوني خصوصاً حول مسألة القدس".